الوطن العربي في الأساس يحتوي على العديد من المواقع والأماكن الأثرية التي خلدها الإنسان عبر العصور، والتي تدل على الفن الرائع والقدرة الكبيرة لتلك الحضارات على بناء تلك المواقع العظيمة. ومن بين أشهر المواقع الأثرية هي مدينة البتراء في الأردن، التي بناها الأنباط، بالإضافة إلى الأهرامات في مصر التي بناها الفراعنة، وحدائق بابل المعلقة في العراق التي بناها البابليون. وهناك أيضا العديد من المواقع الأثرية التي بناها المسلمون خلال العصر الإسلامي والتي تعد من أهم المعالم التاريخية الإسلامية في الوقت الحالي، ومن تلك المواقع الأثرية الإسلامية العظيمة هي صومعة حسان .
نبذة عن صومعة حسان :- – صومعة حسان هي إحدى أبرز المعالم الأثرية الإسلامية في وطننا العربي، وذلك بسبب جمالها ودقتها في العمارة الإسلامية العربية الإبداعية، وتم بناء صومعة حسان في المغرب العربي وتحديدا في مدينة الرباط .
ومهم أن نذكر أن الصومعة تم بناؤها في عصر الموحدين، تحديدا أثناء حكم السلطان يعقوب المنصور المغربي. بدأت عملية إنشائها في السنة الخامسة والتسعين من الهجرة، أي ما يوازي الفترة الزمنية من سنة ألف ومائة وسبعة وتسعين إلى ألف ومائة وثمانية وتسعين، حيث بلغ ارتفاعها حوالي أربعة وأربعين مترا. كانت الصومعة ذات شكل مربع من الخارج، وكان عرض جدرانها يقارب المترين ونصف، مما ساهم في تحقيق توازنها. وتحيط الصومعة بسور عرضه حوالي المتر ونصف تقريبا .
عندما بلغ ارتفاعه تسعة أمتار، حرصوا على استخدام مجموعة من المواد المتينة مثل الحجر الرملي والحجر المنحوت والجص في بنائها. يجدر بالذكر أن قوة المواد المستخدمة في الصومعة ساعدتها على تحمل مياه البحر وحمايتها من الاندثار. كما ساعدت هذه المتانة في الحفاظ على معالمها أثناء الزلزال الذي وقع في المنطقة في عام 1705 ميلاديا .
تُعد صومعة حسان جزءًا من مسجد حسان، وهو واحد من أكبر وأفخم المساجد في العالم الإسلامي، كما أنها تعتبر الشقيقة الثالثة لصومعة الكتبية في مراكش وصومعة الخيرالدا في أشبيلية (إسبانيا) حاليًا .
سبب بناء صومعة حسان :- – يعود سبب بناء صومعة حسان في الأساس إلى رغبة السلطان يعقوب الموحدي في جعل مدينة الرباط مدينة ذات أهمية دينية كبيرة، ولكي تستطيع منافسة كلا من مدينتي فاس ومراكش، بل لتصبح أكثر شهرة منهم. فقد أطلق على عهد السلطان المغربي يعقوب المنصور الموحدي من قبل المؤرخين التاريخيين العهد الذهبي، وذلك يعود إلى إنجازاته العظيمة في الدولة الموحدية والتي امتدت نفوذها وحدودها الجغرافية في عهده من أراضي تونس إلى أراضي إسبانيا .
ونظرا لأهمية البناء التاريخية الكبيرة التي يتمتع بها، قامت منظمة اليونسكو للتراث العالمي بإدراجه في القائمة الأولية في الفئة الثقافية. وحدث ذلك في الأول من شهر يوليو لعام 1995 ميلادي، بالإضافة إلى الأهمية السياحية للصومعة ودورها الكبير في جذب الزوار والسياح لمشاهدة فن العمارة الإسلامية الجميل في تلك الفترة التاريخية الهامة .