ريتشارد سورج .. جاسوس غير مسار الحرب العالمية الثانية

كتب الفيلسوف صن تزو في كتابه رسالة فن الحرب ليس هناك فن أسمى من فن القضاء على مقاومة الخصم من دون اللجوء إلى العنف المسلح، نعتقد أن ريتشارد سورج، الجاسوس الذى غير مسار الحرب العالمية الثانية، قرأ كتاب الفيلسوف الصيني صن تزو فقد كان سورج يمقت القتال المباشر، ويحتقر الاشتباك الواضح الصريح، ويعتبر كليهما وسيلة من لا عقل له.

حفيد سكرتير ماركس :
ريتشارد سورج، هو الابن الثاني لـ مهندس ألماني، وحفيد أدولف سورج، السكرتير الخاص لفيلسوف الماركسية ( كارل ماركس )، وصف بأنه صاحب شخصية فريدة، وثقافة واسعة، وذكاء مفرط، بالإضافة إلي قدرة مدهشة على فهم واستيعاب من أمامه وفهمه وكشف طبيعته وإجادة التعامل معه، بعد دقائق.

بفضل مهاراته، استطاع إدارة شبكة جاسوسية كاملة خلال الحرب العالمية الثانية داخل الصين واليابان. اشتهر بأنه الجاسوس الذي نجح في تغيير مسار حرب طاحنة رهيبة.

حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية عام 1920م بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وانضم إلى الحزب الشيوعي الألماني.

لقاء شتوي بارد :
في ليلة شتوية باردة، التقى هنري تولمان، رئيس الشرطة السرية للحزب الشيوعي الألماني، برئيس مسؤولين في موسكو بعد أن طلب السفر إلى هناك.

سافر الأستاذ إلى موسكو حيث التقى بديمتري مانولسكي، رئيس قسم المخابرات الأجنبية في الكومنترن (الأممية الشيوعية)، ثم عاد بعد فترة إلى (هامبورج) بعد أن تم تجنيده كجاسوس.

عميل نادر :
تم تكليف سورج بجمع المعلومات السياسية ورصد ردود الأفعال العالمية تجاه التطورات الاجتماعية والاقتصادية السريعة والعنيفة في ألمانيا النازية، وقد أتقن مهمته على مدار خمس سنوات كاملة.

نجح في جمع العديد من المعلومات الهامة والخطيرة من خلال عمله كمراسل صحفي متجول، مما دفع السوفيت إلى ترقيته إلى أعلى مرتبة وهي مرتبة العميل الخاص جدًا.

– طلب منه بالدن رئيس المخابرات السوفيتية السفر إلى شنغهاي في الصين، وجمع كل المعلومات الممكنة عن جنرال شاب، وهو شيانج كاي شيك، وإعادة تأهيل شبكة جاسوسية مهلهلة هناك.

قام بالسفر إلى شنغهاي ونجح في مهمته لدرجة أنه نجح في إقناع القنصل الأمريكي بتأجير حجرتين من منزله لرجل أعمال واقتصاد ألماني، ومع الوقت تبين أن هذا الرجل كان جاسوسًا سوفيتيًا وخبيرًا في الاتصالات اللاسلكية، واسمه ماكس كلوس.

لقد عمل ببراعة في منصب كبير كصحفي ومراسل لصحيفة (زيتونج)، التي كانت تدعم الحزب النازي، وسافر مباشرة إلى طوكيو، أقرب حليف للنازية في ذلك الوقت.

وفقا لمبدأ الجاسوس النائم، نشر جذوره في المجتمع الياباني وقوامه العلاقات والروابط مع أبرز القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية. بمجرد استقراره وتأكيده كقوة مستقرة في المجتمع الياباني، بدأ في بناء شبكة جاسوسية جديدة وبدأ في مشاركة كمية هائلة من المعلومات الخطيرة مع الاتحاد السوفيتي. وصنف كعميل نادر من قبل السوفيت، وحدثت الحرب العالمية الثانية في عام 1939، وكانت الشبكة اليابانية التي أسسها واحدة من أنشط شبكات التجسس.

الفاتنة كيومي :
أبهرت الراقصة اليابانية الفاتنة (كيومي)، التي كانت تعمل لحساب مكتب الجاسوسية المضادة الياباني، بجمالها.
أخبر الاتحاد السوفيتي أن اليابان لا تنوي الدخول في الحرب في الجبهة السيبيرية، وأنها تكتفي بحروبها في الصين والهند الصينية.

قرر الاتحاد السوفيتي سحب حوالي مليوني جندي من الجبهة السيبيرية وإرسالهم لمواجهة الألمان في الغرب، مما ترك الجبهة اليابانية عارية، وكان ذلك نقطة تحول حاسمة في تاريخ الحرب العالمية الثانية.

انهزمت ألمانيا النازية بشكل ساحق، وسقط الرايخ الثالث، وبعد الهزيمة، انتحر الزعيم النازي هتلر.

خطأ قاتل :
قرأ سورج ورقة تحتوي على بعض الأسرار العسكرية أمام (كيومي)، ثم مزّق الورقة وألقاها في سلة القمامة، ولاحظت (كيومي) ذلك وأخبرت الكولونيل (أوزاكي) الذي وجه اتهامات لسورج، مما أدى إلى سقوط شبكته اليابانية بأكملها.

في السابع من نوفمبر عام 1944 تم تنفيذ حكم الإعدام بحق الدكتور ريتشارد سورج الذي كان يلقب بـ (الأستاذ).
تم رفع الأعلام في جميع أنحاء الاتحاد السوفيتي، ترحماً على رحيله، وتم إصدار طابع بريدي يحمل صورته.