تدور القصة حول سامية يوسف عمر، البالغة من العمر 32 عامًا، التي تعيش في حالة فقر نتيجة لتداعيات الحرب المستمرة في مدينتها مقديشو. يعيش جميع أفراد العائلة في كوخ يتألف من غرفتين فقط، وينتمي هذا الكوخ إلى مجمع سكني يشمل عددًا من الأكواخ الأخرى.
بداية القصة وتسمية الرواية
“لا تقولي أنّك خائفة” أو “Don’t tell me you are afraid” هو الشعار الرسمي الذي يتردّد باستمرار داخل العائلة – تطبيقاً للنظرية التي تقول بأنك إن لم تعترف بالخوف فإنك لن تشعر بوجوده، ولكن تلك العائلة تعيش في بيئة تعتبر فيها مشاعر الخوف الاستجابة المنطقية الوحيدة لطبيعة الأحداث والصراعات المحيطة.
تدور أحداث الرواية حول سامية التي تبلغ من العمر ثماني سنوات، وكانت تلتصق بصديقها علي، الذي يعتبرها أخته ولا تفارقه أبدًا، حيث يشاركان العديد من الصفات مثل العمر والأنشطة المفضلة وغيرها.
يسكن علي مع والده وإخوته الذكور في غرفة مستقلة تنتمي لنفس المجمع السكني الذي يعيش فيه عائلة سامية، ويسعى الأبوين لتأمين احتياجات أبنائهما من خلال عملهما في مهنة بيع الفواكه والملابس في الأسواق، وعلى الرغم من أن الوالدين يمكن اعتبارهما كأصدقاء، إلا أنه كل منهما ينتمي إلى مرجعية قبلية أو عشائرية مختلفة.
الفتاة الصغيرة سامية تتميز بأنها عداءة سريعة ذات طبيعة رفيعة، تستفيد من نحافتها الشديدة أو بالأحرى سوء تغذيتها. نحن مؤمنون أنها ستكون مؤهلة للمنافسة في المسابقات بحسب معايير البالغين بعد بضع سنوات فقط، وتحلم سامية بأن تصبح عداءة أولمبية في يوم من الأيام. هجر محاولاته لهزيمتها واستسلم لفكرة عدم قدرته على ذلك، لذا قرر أن يصبح مدربا شخصيا لها.
الصعوبات التي واجهت سامية
تشارك العديد من العشائر المختلفة في الحرب الجارية في الصومال، حيث يسعى كل عشيرة للسيطرة على جزء من أراضي البلاد على الأقل. تمثل أصوات إطلاق النار موسيقى تصويرية لأحداث الحياة اليومية في البلاد. يتزايد تأثير وهيمنة حركة الشباب يوما بعد يوم، ويعتبرون أنفسهم تنظيما إسلاميا متعصبا. تغطي سامية وأخواتها رؤوسهن باستخدام حجابات خفيفة وذات ألوان فاتحة، بينما تفضل سامية ارتداء الشورت والبلوزات ذات الأكمام القصيرة أثناء التمرين.
مع ظهور حركة الشباب، اضطرت سامية، تماشيا مع النساء الأخريات، إلى تغطية جسدها بالكامل طوال الوقت من خلال ارتداء ملابس خاصة مثل البرقع أو النقاب. بعد ذلك، أجلت سامية مواعيد حصص التمرين إلى الليل بعد بدء حظر التجوال، واستخدمت ملعبا رياضيا مهجورا يحتوي على مسار للجري مليء بالعلامات والحفر الناتجة عن إطلاق النار.
الانطلاقة الحقيقية لسامية يوسف عمر
بعد تحقيقها للعديد من الانتصارات والنجاحات في المسابقات المحلية من فئة الهواة، قررت اللجنة الأولمبية الصومالية أن تشمل سامية في البعثة الرسمية التي ستمثل البلاد في المنافسات الدولية، وفي عام 2008 تم اختيار سامية كواحدة من رياضيين صوماليين في مجال ألعاب القوى للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في بكين لاكتساب الخبرة.
وقعت سامية في الجولة الأولى ضمن المجموعة التي تضم واحدة من أفضل العداءات على مستوى العالم، الجامايكية فيرونيكا كامبل براون؛ فتاة نحيفة ترتدي قميصاً مستعاراً وجهاً لوجه أمام عداءات طويلات القامة ويتمتّعن ببنية عضلية قوية مرتدين ملابس رياضية من الليكرا. بالطبع كانت سامية تائهة خلال السباق وتأخرت عن منافساتها بشكل ملحوظ، ولكنها حظيت بموجة عارمة من التصفيق والتشجيع من حشود الجماهير التي كانت تملأ المدرجات.
عادت سامية إلى وطنها الأم بعد رحلة رائعة حصلت فيها على فرصة للسفر بالطائرة لأول مرة في حياتها والإقامة في أحد الفنادق الفاخرة والمشاركة في أعلى المسابقات العالمية لألعاب القوى. كما تمكنت من رؤية بطل أولمبي بريطاني رائع يدعى محمد فرح، الذي ينحدر من أصل صومالي، على الرغم من عدم تمكنها من التحدث معه. هنا ينتهي الجانب المشرق المرتبط بالرحلة.
الجزء الثاني من الرواية يتحدث عن الأفقراء في جميع أنحاء العالم، الذين يعانون بسبب الحروب والصراعات في بلادهم، بالإضافة إلى الظلم والاضطهاد الذي يتعرضون له من قبل الجهات القمعية التي تستغل الدين كذريعة لتبرير تلك الأفعال غير المرتبطة بالدين. يتمنى هؤلاء الأفراد الحصول على حياة أفضل، ويحاولون الوصول إلى بلدان العالم الأول كلاجئين.
انقلاب حياة سامية رأساً على عقب
الشاب علي، الذي تمّ سحبه بشكل مفاجئ لتأدية الخدمة الإلزامية، غادر مقديشو ولم يظهر مجدداً إلا بشكل موجز كجندي في صفوف حركة الشباب. هودان، الأخت المفضلة لسامية والمغنية الموهوبة، تمّ منعها من ممارسة تلك المهنة وأُجبرت أخيرا على مغادرة البلاد لتبدأ رحلتها المحفوفة بالمخاطر عبر الصحراء مروراً بمدينة طرابلس الليبية، ومنها إلى إيطاليا “برّ الأمان”.
تكلّلت تلك الرحلة بالنجاح ووافقت دولة فنلندا على استضافتها كلاجئة. تعرض والد سامية لإصابة بالغة نتيجة حصاره في السوق خلال عملية تبادل لإطلاق النار، وأصبح بذلك غير قادر على الاستمرار في العمل وتوفي بعد فترة من تلك الحادثة. سامية التي أقسمت على البقاء في بلدها الأم من أجل النضال لتحصيل حقوق المرأة، تستسلم للقدر الذي لا مفرّ منه، وتطلب المساعدة للانتقال إلى إثيوبيا، ولكن لم يُسمح لها من قبل السلطات الصومالية بالانضمام إلى المعسكر التدريبي المقام هناك.
في محاولة يائسة أخيرة، قررت سامية السفر إلى أوروبا للحصول على التدريب اللازم للتأهيل للمشاركة في أولمبياد لندن 2012، ولكنها للأسف توفت غرقا في البحر المتوسط قبل وصولها إلى وجهتها.
فكرة الرواية
في وقت لاحق، أعلن الكاتب الإيطالي كاتوتسيلا أنه تحدث بشكل مفصل مع هودان، أخت سامية، ومع امرأة أخرى كانت قريبة من سامية في تلك الفترة، بعد أن عرف بالقصة من خلال مشاهدته لفيلم وثائقي يتناول هذا الموضوع. وبعد ذلك، نجح الكاتب في تشكيل فكرة واضحة وشاملة لتفاصيل القصة، على الرغم من تجاهله الواضح للجوانب المتعلقة بحياة سامية الشخصية، وهي تعتبر أكثر أهمية بالنسبة للكاتبة الأنثى وبطلة القصة سامية أيضا، مثل مرحلة بداية البلوغ وتحولها من طفلة إلى امرأة ناضجة، والخطر المستمر لتعرضها للاعتداء الجنسي سواء أثناء إقامتها في مقديشو أو خلال رحلتها الطويلة ووقت الهجرة.
حقائق مهمة عن الرواية وكاتبها
- تم ولادة كاتوتسيلا، كاتب الرواية، عام 1976 في مدينة ميلانو الإيطالية، وبعد تخرجه من الجامعة، عاش في أستراليا لبعض الوقت قبل أن يعود إلى وطنه الأم في إيطاليا.
- قدم الكاتب العديد من المؤلفات الأدبية المتنوعة، مثل الروايات والقصص القصيرة والمسرحيات وكتب الشعر، بالإضافة إلى عمله ككاتب في واحدة من أهم الصحف الإيطالية وهي صحيفة الإسبريسو.
- حققت تلك الرواية نجاحًا إعلاميًا كبيرًا بسبب تناولها قضية هامة وواقعية، وتم ترجمتها إلى العديد من اللغات المختلفة لتكون متاحة للقراء على مستوى العالم.
- تم بيع أكثر من خمسمائة ألف نسخة من هذه الرواية على مستوى العالم.
- حصلت هذه الرواية على العديد من الجوائز المهمة في إيطاليا وفي العالم، بما في ذلك جائزة “بريميو ستريغا جيوفاني” في عام 2014.