” ربح البيع أبا يحيى “..سيرة الصّحابي صهيب بن سنان
نسبه وسيرته: كان صهيب بن سنان مولى بني تميم بن مرة، وكان والده وليا للكسرى، وكان من العرب النازحين إلى العراق قبل الإسلام بزمن طويل. وكان أخا النبي مع الحارث بن الصمة، وشهد جميع غزوات النبي واستقر في المدينة بعد وفاته.
عاش صهيب بن سنان في طفولته بقصر أبيه على نهر الفرات بحياة رفاهية، ولكن سباه الروم في بلادهم حيث قضى طفولته وشبابه، وتعلم منهم لغتهم. وبعد أن تم بيعه لعبد الله بن جدعان في مكة، أعجب بتفانيه وإتقان ذهنه، فحرره ومارس التجارة معه.
كان شديد الحمرة وعاقد الحاجبين، وكان يتحدث بلغة أعجمية، وأسلم هو وعمار بن ياسر في يوم واحد مع ثلاثين شخصًا آخرين، وكان من بين أوائل المسلمين. تعرض للظلم والاضطهاد في مكة بسبب دينه، وترك كل ما يملك وهاجر إلى المدينة ليلحق بالنبي.
تكريم الله ورسوله لصهيب بن سنان: كان صهيب رضي الله عنه يتعرض لضرب شديد حتى يفقد وعيه ويجهل ما يقول، وكان من المستضعفين الذين نزلت فيهم آية: “ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحي
كما نزلت فيه وجماعة من صَحب النّبي هم بلال بن رباح وعمّار بن ياسر وخبّاب بن الأرتّ حين مرّت عليه جماعة من قريش فقالوا: أرضيت بهؤلاء؟..فنزلت: “وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ ” فكان هذا أبلغ تكريم وتفضيل من الله لهؤلاء الشّباب وتثبيتًا لهم وللنّبيّ.
كما قال فيه النّبي: “السّبّاق أربعة: أنا سابق العرب، وصهيب سابق الرّوم، وبلال سابق الحبشة، وسلمان سابق الفرس”
وفيه أيضًا نزلت آية: ومن الناس من يبيع نفسه ابتغاء مرضاة الله، والله رؤوف بالعباد
– كان من المخطط أن يكون ثالث النبي وأبو بكر، ولكن عرقله الكافرون فسبقه النبي، وبعد ذلك تمكن من مهاجمتهم في الصحراء، وتبعه قناصون ورجال قريش. وهناك هتف: يا معشر قريش، إنكم تعلمون أنني سأقوم بمهاجمتكم، وأشهد بالله ألا تصلوا إلي حتى ألقي بكل سهم لدي في قوسي، ثم أهاجمكم بسيفي حتى لا يبقى أي شيء في يدي منهم… فتقدموا إن كنتم ترغبون، وإن كنتم ترغبون في أمر مالي، فسوف تتركوني وتهتمون بشؤونكم..
وافقوا على عرضه ودلّهم على الأموال، ثم انطلق إلى المدينة، فلما رآه النبي هتف مهللاً: “ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى.
فقال: أيها الرسول، لم يسبقني أحدٌ إليك، ولم أخبرك إلا جبريل.. فنزلت فيه الآية.
وقال فيه النّبيّ: من يؤمن بالله واليوم الآخر، يجب أن يحب صهيبًا بمثل حب الأم لابنها.
إمامة المسلمين: اختاره عمر بن الخطاب للصلاة مع المسلمين حتى يتم تحديد الخليفة بعد وفاته، وعندما نشبت فتنة قتل فيها عثمان، اعتزل الصلاة مع المسلمين حتى وفاته
روايته الحديث عن النّبي : روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، وروى عنه حبيب وحمزة وعثمان وسعد بن المسيب وكعب الأحبار وغيرهم
يحوي مسند بقي بن مخلد 30 حديثًا للنبي صلى الله عليه وسلم رواها صهيب بن سنان، ومنها ثلاثة رواها مسلم.
وفاته: توفي في السنة 38 هجرية في شهر شوال ودفن في البقيع