رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب
هي عاتكة بنت عبد المطلب بن هاشم، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوجت من أبو أمية حذيفة بن المغيرة، وأنجبت منه عبد الله وزهير. وهذه رؤيتها التي تحققت عند غزوة بدر، وسميت بعد ذلك رؤيا عاتكة
رؤيا عاتكة:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال بن إسحاق: وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قالا: رأت عاتكة بنت عبد المطلب رضي الله عنها فيما يرى النائم قبل مقبل ضمضم بن عمرو الغفاري على قريش بمكة بثلاث ليال رؤيا، فأصبحت عاتكة فأعظمتها، فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له: يا أخي لقد رأيت الليلة رؤيا أفزعتني ليدخلن على قومك منها شر وبلاء، فقال: وما هي: فقالت: رأيت فيما يرى النائم أن رجلًا اقبل على بعير له فوقف بالأبطح فقال: «انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث» فأرى الناس اجتمعوا إليه ثم أرى بعيره دخل به المسجد واجتمع الناس إليه ثم مثل به بعيره فإذا هو على رأس الكعبة، فقال: «انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث» ثم إن بعيره مثل به على رأس أبي قبيس فقال: «انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث»، ثم أخذ صخرة فأرسلها من رأس الجبل فأقبلت تهوي حتى إذا كانت في أسفل الجبل أرفضت فما بقيت من دار من دور قومك ولا بيت إلا دخل فيه بعضها.
استقبال قريش لرؤيا عاتكة:
فقال العباس: والله إن هذه لرؤيا فاكتميها، قالت: وأنت فاكتمها لئن بلغت بها قريشا ليؤذوننا، فخر العباس من عندها ولقى الوليد بن عتبة وكان له صديقا فذكرها له واستكتمه إياها فذكرها الوليد لأبيه فتحدث بها ففشا الحديث، قال العباس: والله إني لغاد إلى الكعبة لأطوف بها إذ دخلت المجلس فإذا أبو جهل في نفر من قريش يتحدثون عن رؤيا عاتكة فقال أبو جهل: يا أبا لفضل متى حدثت هذه؟ قلت: وما ذاك؟ قال: رؤيا رأتها عاتكة بنت المطلب؟ أما رضيتم يا بني عبد المطلب أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم، فسنتربص بكم هذه الثلاث التي ذكرت عاتكة فإن كان حقا فسيكون، وإلا كتبنا عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب. والله ما كان إليه مني من كبير إلا أني أنكرت ما قالت. فقلت: ما رأيت شيئا ولا سمعت بهذا.
تحقق الرؤيا:
يقول العباس: فلما أمسيت لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني فقلن: أصبرتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم ثم تناول النساء وأنت تسمع؟ فلم يكن عندك في ذلك غيرة؟ إلا أني أنكرت ما قال، فإن عاد لأكفينه، فقعدت في اليوم الثالث أتعرضه ليقول شيئًا فأشاتمه، فوالله إني لمقبل نحوه وكان رجلاً حديد الوجه حديد المنظر حديد اللسان، إذ ولى نحو باب المسجد يشتد فقلت في نفسي: اللهم العنه كل هذا فرقًا من أن أشتمه؟ وإذ هو قد سمع ما لم أسمع صوت ضمضم بن عمرو وهو واقف على بعيره بالأبطح قد حول رحله وشق قميصه وجدع بعيره، يقول: “يا معشر قريش اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان وتجارتكم قد عرض لها محمد وأصحابه الغوث”، فشغله ذلك عني فلم يكن إلا الجهاز حتى خرجنا فأصاب قريش ما أصابها يوم بدر من قتل أشرافهم وأسر أخيارهم فقالت عاتكة بنت عبد المطلب:
ألم تكن الرؤية بحق وعابكم، قل من القوم يصدقها هارب
قلتم ولم أكذب، فقد كذبت، وإنما يكذبون بالصدق من هو كاذب