رؤبة بن العجاج واصفاً هزيمة حملة أبرهة
منذ بعث الرسول (صلى الله عليه وسلم) ونزول الوحي عليه من الله تعالى، تصدم ويكذب، وصفوه بأنه كاذب ومجنون، وحاربوه بكل الوسائل الأخلاقية والمادية. حين نزل القرآن الكريم، هاجمه الكفار، رغم أنهم كانوا يعتقدون أن هذه الكلمات ليست من إنسان. قال الله تعالى عن هجوم الكفار على القرآن في سورة فصلت، الآية 26: (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهٰذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون)، وما زالوا حتى الآن يحاولون أن يشوهوا القرآن الكريم، ولكنه محفوظ بوعد من الله، فقد قال تعالى في سورة الحجر، الآية 9: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
رؤبة بن العجاج واصفاً هزيمة حملة أبرهة
يشير أعداء الإسلام إلى بعض أبيات هذا الشاعر ويدعون أنه كان يكتب شعره قبل ظهور الإسلام، وأن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) استوحى بعض آيات القرآن من شعر هذا الرجل. ويحكي شعر هذا الرجل قصة هزيمة حملة أبرهة على الحبشة في قصة أصحاب الفيل الشهيرة، والتي ذكر فيها قول الله تعالى في سورة الفيل الشهيرة: “ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل (1) ألم يجعل كيدهم في تضليل (2) وأرسل عليهم طيرا أبابيل (3) ترميهم بحجارة من سجيل (4) فجعلهم كعصف مأكول (5).
واستشهدوا بهذه الأبيات للشاعر رؤبة بن العجاج الذي وصف حملة أبرهة على الكعبة، وأشاروا فيها إلى أن هذا الحدث وقع قبل ولادة الرسول الكريم، وجاء في نص الأبيات:
ومسهم ما مس أصحاب الفيل
ترميهم بحجارة من سجيل،
ولعبت بهم طـيـر أبابـــــيل
فصيروا مثل عصف مأكول
ويأتي الرد على هذا الادعاء الباطل كالاتي :
يعتبر الشاعر رؤبة بن العجاج واحدا من الشعراء ذوي الخبرة في عصر الدولة الأموية والعباسية، وكان من بين أكثر الشعراء شهرة في الفترة التي استمرت فيها الدولتان. بالإضافة إلى ذلك، كان شعره محل إشادة من قبل أهل اللغة، وقد استشهد القرطبي به في كتابه (الجامع لأحكام القرآن) في الجزء العشرين الصفحة 197، واستشهد به أيضا ابن هشام في كتابه (السيرة النبوية) الجزء الأول الصفحة 36، وهذا إشارة واضحة إلى أن الشاعر اقتبس من القرآن وليس العكس.
الشاعر امرؤ القيس
لم يتوقف الكافرون عند ذلك، بل قالوا بكل غرور وعناد أن الشاعر أمرؤ القيس المسيحي الذي مات قبل الإسلام بثلاثين عامًا كان له بعض الأبيات التي اقتبسها محمد صلى الله عليه وسلم
قال أمرؤ القيس: “دنت الساعة وانشق القمر عن غزال صاد قلبي ونفر، مر بي يوم العيد في زينة فرماني فتعالى فعقر، سهام من لحظ فاتك فر عني كهشيم المحتظر، بالضحى والليل من طرته فرقة ذا النور كم شيء زاهر، قلت: إذا شق العذار خده دنت الساعة وانشق القمر”، وذلك يشير إلى حالة من الحب والغرام والإثارة التي يشعر بها أمرؤ القيس
وكانت الاقتباسات التي يدعونها كالاتي :
في لحظة الانشقاق القمري، تم اقتباس الآية الأولى من سورة القمر (اقتربت الساعة وانشق القمر).
اقتبست آية رقم 29 من سورة القمر (فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر) من قصة فعقر.
استوحيت الآية رقم 31 من سورة القمر من كلمة `كهشيم المحتضر`.
قمت بالاقتباس من الآية الأولى والثانية من سورة الضحى (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) في الصلاة الصباحية والليلية
والرد على هذا القول :
تلك الأبيات هي تزوير لأمرؤ القيس، حيث لا يوجد أي ديوان يحتوي على هذه الأبيات. إنها أبيات مزيفة مرتبطة به بناء على ادعاءات زائفة، وحتى الأبيات نفسها تعاني من قصور وتشوه فني كبير. على سبيل المثال، البيت الأول يتبع بحر الرمل، بينما البيت الثاني يجمع بين بحر الخفيف وبحر الرمل، وهذا الخطأ الفني يعد غير مقبول حتى لشاعر من شعراء الجاهلية، فما بالك بأمرؤ القيس ملك شعراء الجاهلية.