ذوي الاحتياجات الخاصة في القرآن
عندما أرسل الله – عز وجل الرسول – صلى الله عليه وسلم – فقد أرسله إلى الناس كافة وأمرنا أن نعامل المسلمين كلهم على حدا سواء لأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بتقوى الله – عز وجل- فهي التي تفصل بين العباد لا جنسهم ، ولا لونهم ، ولا هيئهم ، أو تكوينهم البشرية ، و قال تعالى: ﴿ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ﴾ ، وكأن الله – عز وجل – يريد أن يقول لنا أنه لابد أن نكون مختلفين عن بعضنا البعض لأن كل شخص هناك ما يميزه عن غيره ، ويجب أن نحترم هذا الاختلاف ويقول أحد العلماء الآية الكريمة: ” إن الله خلقنا شعوبا وقبائل ليعرف بعضنا البعض ، وبعد التعارف ليتعاونوا ، وبعد التعاون ليهدي بعضنا البعض ؛ تعارف، وتعاون، وهداية “.
ذوي الاحتياجات الخاصة في الإسلام
لا يوجد دين في هذه الحياة يعامل الإنسان بالكرامة ويعطيه حقوقه مثل الدين الإسلامي، الذي اهتم بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بطريقة لم يهتم بها أي شخص من قبل
- أن الله – عز وجل – أعطاهم هذا الابتلاء ليصبروا عليه ، فأن الله – عز وجل – إذا أحب عبداً ابتلاه ، وأن الرضا ، والصبر على الابتلاء له أجر عظيم عند الله ، وفي الأخرة يتساوى الناس جميعاً فلا يصبح في أي شخص إعاقة أو أي شيء يعيقه عن الاستمتاع بالجنة ، والنعيم الذي أعده الله – عز وجل – له .
- عادة، يكون نظر العبد إلى الأمور والابتلاءات وقضاء الله وقدره ضيقا جدا، ولا يستطيع أن يدرك الحكمة التي وراءها حكمة الله في قضائه له. ولذلك يقول في القرآن الكريم: `ربما تكرهون شيئا وهو خير لكم كثيرا`، وقال الله تعالى: `وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون` .
- كما أن الإعاقة تكون سبباً في تقدير العبد الصحيح لنعمة الله – عز وجل – عليه وشكره وحمده في أغلب الأوقات فقد أمرنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – : ((إذا رأى أحدكم مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضَّلني عليك وعلى كثير من عباده تفضيلًا، كان شكر تلك النعمة))
- كما يشكرون أصحاب الإعاقة الله – عز وجل – على الابتلاء الذي توجد به والنعم الأخرى التي يمتلكونها، وبذلك يحققون حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- الذي قال: `أول من يدعى إلى الجنة الحمادون، الذين يحمدون الله في السراء والضراء` .
ذوي الاحتياجات الخاصة في القرآن
تحتوي القرآن الكريم على العديد من القصص والمواقف والعبر التي سردها ليتعلم الناس منها كيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن أهم هذه الآيات:
الإعاقة في القرآن الكريم
- قال تعالى : ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) .
- قال تعالى : يشبه فريقان الأعمى والأصم والبصير والسميع، هل يتساويان؟ فلا تنسوا ذلك .
- قال تعالى : لقد خلقنا لجهنم جن وإنسًا كثيرًا، لديهم قلوبٌ لا يفهمون بها، وأعينٌ لا يبصرون بها، وآذانٌ لا يسمعون بها، فهؤلاء كالأنعام بل هم أضل منها، وهم الغافلون .
- قال تعالى : وعرضنا جهنم يومئذٍ للكافرين عرضًا، الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري، وكانوا لا يستطيعون سمعًا .
ذكر الطبري في تفسير هذه الآيات الكريمة : “هذا مثلٌ ضربَه الله للكافر والمؤمن؛ فأما الكافر، فصُمَّ عن الحق فلا يسمعه، وعَمِيَ عنه فلا يبصره، وأما المؤمن ، فسمع الحق فانتَفع به ، وأبصَره فوعاه ، وحفظَه وعملَ به” ، وبذلك يريد الله – عز وجل – أن يقول أن الإعاقة الحقيقة هي من غفل عن ذكر الله – عز وجل – وصد عنه بقلبه فكأنه لديه إعاقة عن السمع ، أو لا يستبصر عظم ذلك القرآن الكريم ، ولا يبصره لذلك لا يؤمن به ، كما ورد عن مجاهد – رضي الله عنه – أنه قال : ( وفي هذا فَصَل القرآن الكريم ما بين القدرة على السماع والقدرة على الفهم ، إنَّ الإعاقة في نظَر الإسلام هي وصف لمَن لم يستعمل حواسه وجوارحه في الوصول إلى الله تعالى والإيمان به، وليس من ابتُلي بإعاقة عقلية أو سمعية أو بصرية ) .
النهي عن السخرية من ذوي الاحتياجات الخاصة
- كما نجد أن هناك آيات كريمات تحذرنا من التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بطريقة تسير في نفوسهم شيء من الحساسية ، وقد جاء ذلك في مطلع سورة عبس في قوله تعالى : ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴾ إلى أخر الأيات ، وذكرت هذه الآيات في عبدالله بن أم مكتوم – رضي الله عنه – عندما جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وكان أعمى ، وكان النبي عابساً ، ورغم أنه أعمى لا يرى عبوس النبي – صلى الله عليه وسلم – إلا أن الله – عز وجل – أنزل قرآن يتلى إلى يوم القيامية حتى يعلم الناس كيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ، ووَرَدَ أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كان بعد نزول تلك الآيات يستبشر عندما يرى ابن أم مكتوم ويقول: ((مرحبًا بمَن عاتبني فيه ربي!)).
- بهذه الطريقة، يحذر الله – عز وجل – المسلمين جميعا من الاستهزاء بالآخرين مهما كانت حالتهم، كما قال في قوله العزيز: `يا أيها الذين آمنوا، لا تستهزئوا بقوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفاسق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون
- وقال – صلى الله عليه وسلم – : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هنا – وأشار إلى صدره – بحسب أن يحقر المسلم أخاه المسلم، وكل المسلم على المسلم حرامٌ: دمه وماله وعرضه) .
تخفيف الله عز وجل الأحكام لهم
رأفة الله – عز وجل – بذوي الاحتياجات الخاصة تتجلى في أنه سامحه في حقه هو جل وعلا فقال الرحيم : ﴿ قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ .
حديث قصير عن ذوي الاحتياجات الخاصة
- جاء في الحديث عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس: `ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟`، قلت: `نعم`. قال: `هذه المرأة السوداء، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إني أصرع وأتكشف، فادع الله لي`. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: `إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك`. فقالت: `أصبر`. ثم قالت: `إني أتكشف، فادع الله لي أن لا أتكشف`. فدعا لها.
- وعَنْ أَنسٍ – رضي الله عنه – قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه – صلى الله عليه وسلم – يقولُ: إنَّ اللَّه – عز وجل – قَالَ:”إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبدِي بحبيبتَيْهِ فَصبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجنَّةَ يُريدُ عينيْه، رواه البخاريُّ.
- ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم – لكل أصحاب الإصابات والإعاقات: من يشعر بوخزة شوكة أو أكثر فوقها، فسيتم كتابة درجة له بها، ويتم مسح الخطيئة عنه بسببها .