ذكرى فتح بلاد السند بيد ” محمد بن القاسم الثقفي “
يقع “بلاد السند”، التي تسمى أيضا “ثغر الهند” و “نهر مهران”، في شمال الهند وباكستان حول نهر السند، وقد تأسست هذه الحضارة قبل 4500 سنة وكانت واحدة من أعظم الحضارات في العالم القديم، وكانت تعتمد على الزراعة والرعي والتجارة، وكانت منازلهم مكونة من طبقتين من الطين، وكانت المدن الرئيسية في البلاد هي الديبل (والتي تعرف الآن باسم كراتشي) وقيقان والميد وقندابيل. وكانت تتمركز بالقرب من الأنهار .
في الماضي، كانت شبه القارة الهندية مقسمة إلى قسمين: بلاد السند والبنجاب، وبلاد الهند ..
البداية التاريخية لفتح الإسلامي :-
في البدايات، تم فتح بلاد السند في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، حيث قام المسلمون بعدد من الحملات العسكرية لجمع المعلومات عن تلك البلاد البعيدة. وكانت البداية في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث أرسل جيشا بقيادة الحكم، أخو عثمان بن أبي العاص والي البحرين، إلى ساحل الهند عند مدينة تانة في العام 15 هجرية، ثم مدينة بروص وخور الديبل. وتم تحقيق اتصالات عسكرية ناجحة، ولكن الخليفة عمر خاف من مواصلة الفتح خوفا على الأراضي الإسلامية من الانشقاق. ثم تتابعت الحملات في عهد الإمام علي رضي الله عنه، حيث أرسل الحارث بن مرة العبدي إلى السند لمهاجمة المناطق المحيطة واستولى عليها. وفي عهد الخليفة الرابع عثمان بن عفان رضي الله عنه، عند تولي الدولة الأموية للحكم الإسلامي بقيادة معاوية بن أبي سفيان، تم إرسال استكشافات أيضا. فأرسل القائد الإسلامي المهلب بن أبي صفرة، وبعده عبد الله سوار، وتم فتح مكران (باكستان الآن). وكانت الجزء الأول من بلاد البنجاب كما كانوا يطلقون عليها. وحققت كل هذه الحملات نجاحا كبيرا في ذلك الوقت، وتم جني الغنائم الكثيرة من وراء هذه الحملات العسكرية .
حتى وقت الفتح في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، الذي استمر من السنة 86 هـ حتى السنة 96 هـ، بدأ الفتح المنظم لهذه البلاد الشاسعة بالتحديد في السنة 88 هـ. في عهده، كان الحاكم العسكري لبلاد فارس هو الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد كان قاسيا في حكمه. قضى على تمرد الملك رتبيل وأخضع جميع البلاد للدولة الأموية، وعين قائدا كبيرا هو محمد بن القاسم الثقفي، وهو من فتح السن .
فاتح بلاد السند محمد بن القاسم الثقفي :-
مشهور عنه لقب فاتح بلاد السند هو محمد بن قاسم بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود الثقفي ولد في مدينة الطائف عام 72 هجرية عينه عمه الحجاج واليا على البصرة، كان كأي قائد حلمه تحقيق فتح إسلامي عظيم، فكان يسمع عن بلاد السند وخيراتها وعظم حضارتها، خصوصا أنها لم تكن غريبة سبق وذهب إليها حملات عسكرية، فكان يحكم إقليم مكران المسلمون عام 40 هجرية، فكان الحلم الذي يراوده .
سبب الفتح الإسلامي لبلاد السند :-
في عام 88 هجرية، وصلت سفينة من جزيرة الياقوت إلى جزيرة سيلان، وعلى متنها نساء مسلمات الذين توفي آباؤهن وأصبحوا فقراء ولم يستطيعوا السفر إلى العراق. أثناء سفرهن إلى البصرة، تعرضن لهجوم من قراصنة عند مرورهن بميناء الديبل واستولوا على السفينة. طلب الحجاج من ملك السند الإفراج عن السفينة، لكنه اعتذر بحجة أن الخاطفين والمسلمات المسروقات ليسوا تابعين له. بعدها، أرسلوا حملتين إلى السند بقيادة عبيد الله بن نبهان السلمي وبديل البحلي، لكن الحملتين فشلتا وقتل القائدان. بعد ذلك، وصلت الأخبار بأن النساء والجنود مسجونون في سجن الديبل وأن الملك لا يرغب في الإفراج عنهم بعناد من العرب. وكانت هذه من أسباب الفتح لهذه المنطقة .
تم تجهيز حملة عسكرية بقيادة محمد بن القاسم الثقفي، وتم تزويدهم بالأسلحة والمؤن العسكرية، وتشكيل جيش من ستة آلاف مقاتل، وشرط عليهم مرافقة الأسطول البحري بالأسطول البري والمضي في الجهاد حتى فتحوا جميع بلاد السند، وقد وافق الحجاج على ذلك وانطلقت الحملة ..
الزحف لفتح بلاد السند :-
في البداية، تحرك الجيش إلى مكران واقترن بالمكان للحصول على معلوماته ومعلوماته العسكرية لفتح حصن ديبل في الطريق. تم فتح قنزبور وأرمانيل بواسطة المنجنيق الكبير الذي استخدم لحصار المدينة. بذل أهل السند جهودا كبيرة للدفاع عنها وقاموا بتنفيذ استراتيجية نفسية، حيث كان لديهم صنم يعبدونه تحت راية حمراء، وأمروا بإزالة الراية ليشعروا بالاستسلام إذا حدث للصنم أي ضرر. اقتحم المسلمون المدينة ودخلوها بقوة، ودخل أربعة آلاف مسلم للعيش فيها ومحو الهوية الوثنية للمدينة. ثم استمر الجيش في التقدم للقضاء على جميع المعابد الوثنية والبوذية، وأمروا ببناء المساجد وتغيير هوية البلاد بالهوية الإسلامية. اعتنق أربعة آلاف شخص الإسلام وانضموا للجيش الإسلامي، وتم التوصل للنصر ..