دور الشيخ زايد في قيام الاتحاد
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم أبوظبي السابق ومؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يشار إليه بلقب “والد الأمة” بسبب دوره الحاسم في تأسيس الإمارات العربية المتحدة، وقد تولى منصب رئيس الدولة منذ تأسيسها في عام 1971 حتى وفاته في عام 2004، كما شغل منصب حاكم إمارة أبوظبي منذ عام 1966 حتى وفاته، ولد الشيخ زايد في مدينة العين كأصغر أبناء صاحب السمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، الذي كان حاكم أبوظبي من عام 1922 إلى 1926 .
الشيخ زايد وتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة والاتحاد
تم بدء عملية إنشاء الاتحاد مع الشيخ الراحل لفتح الطريق نحو الوحدة وضمان بقاء الدول المتحابة، ولفرض السلطة الفيدرالية في مواجهة التهديدات الخطيرة في المراحل اللاحقة. في 16 يناير 1968، بعد إعلان الانسحاب البريطاني من شرق السويس والخليج، أقام الشيخ زايد علاقات أكثر توثيقا مع الإمارات الأخرى، وذهب فورا إلى مدينة دبي للتفاوض حول الخطوات التالية مع حاكم دبي آنذاك الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم. في 18 فبراير 1968 أبرم الشيخان اتفاقا بشأن اتحاد فيدرالي بينهما، ودعوا إلى اتحاد يضم ليس فقط الإمارات السبع، ولكن أيضا قطر والبحرين. وبعد ثلاث سنوات ونصف، مع انتهاء الانسحاب البريطاني، شارك الشيخ زايد مرة أخرى الشيخ راشد والحكام الآخرين في المناقشات الحاسمة التي حددت الطبيعة الأساسية لدولة الإمارات العربية المتحدة .
على الرغم من أن الشيخ زايد كان عاملا رئيسيا في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أنه حصل على تأييد للأسلوب الذي اتبعه في السعي لتحقيق الإجماع والتوافق بين زملائه الحكام، وفي النهاية، قامت ست إمارات (باستثناء رأس الخيمة) بإنشاء دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تم الإعلان عنها رسميا في 2 ديسمبر 1971، وانتخب حكام الإمارات الأخرى الشيخ زايد بالإجماع رئيسا للدولة، وانضمت رأس الخيمة إلى الاتحاد في 10 فبراير 1972 .
اعمال الشيخ زايد الاجتماعية والسياسية
كان الشيخ زايد مستمعا جيدا ووسيطا نزاعا غير متحيز، كما اشتهر بصبره ورؤيته وحكمته، والصفات التي أكسبته لقب “الرجل العربي الحكيم”، وأكد أن جميع مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة لهم دور أساسي في النجاح الجماعي للأمة، وقادت رؤيته دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أن تكون ثاني أكبر اقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي بعد المملكة العربية السعودية، ثالث أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، ووفقا للعديد من التقارير الدولية المرموقة، أهم مركز مالي واقتصادي في المنطقة، وكزعيم سياسي يعتقد الشيخ زايد أنه يجب استخدام موارد البلاد بالكامل لصالح جميع سكان دولة الإمارات العربية المتحدة، وبسرعة قام بزيادة مساهماته في صندوق تنمية الولايات المتحدة ومع زيادة الإيرادات مع زيادة إنتاج النفط، ونفذ الشيخ زايد برنامجا ضخما لبناء المدارس والمنازل والمستشفيات والطرق .
فهم الشيخ زايد أن بناء الوئام والتماسك والتضامن بين قومه يتطلب بناء ثقتهم أولا من خلال التفاعل الشخصي والبناء. استمتع الشيخ زايد بالالتقاء بالمجتمع المحلي وكان يعتبر رجلا من الناس. في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، عاش الشيخ زايد في الصحراء وتعلم طريقة حياة رجال القبائل البدوية. في عام 1946، تم تعيينه كممثل حاكم للمنطقة الشرقية وشارك في الشؤون الحكومية في مدينة العين بعد ذلك. خلف الشيخ زايد أخيه الأكبر حاكما لأبو ظبي في 6 أغسطس 1966 بعد نجاحه في تطوير مدينة العين خلال الخمسينيات من القرن الماضي .
مساهمات الشيخ زايد على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي
كان الشيخ زايد -رحمه الله- قوة رائدة في تأسيس مجلس التعاون الخليجي، حيث كانت رؤيته هي جمع دول الخليج التي تشترك في اقتصادات مماثلة وهياكل اجتماعية قبلية مشتركة، وفي النهاية نجح في تأسيس كيان إقليمي وسياسي رسمي. وقد تم التوقيع على ميثاق المجلس في 24 مايو 1981 في أبوظبي من قبل رؤساء الدول الأعضاء، وهم البحرين، والكويت، وعمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. وكان الشيخ زايد يؤمن بالتضامن والتعاون بين كافة الدول العربية، وشعر بالمسؤولية عن استخدام سلطته الشخصية والسياسية لتحقيق السلام والتقدم في الشرق الأوسط. كما دعم مصر وسوريا في حربهما عام 1973 من أجل تحرير الأراضي العربية المحتلة في فلسطين، وذلك من خلال فرض مقاطعة نفطية، حيث أعلن في تصريحه الشهير: `النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي` .
مساهمات الشيخ زايد الدولية
وضع الشيخ زايد أسسا للسياسة الخارجية التي تتميز بالحكمة والاعتدال والتوازن ودعم الحقيقة والعدالة والحفاظ على لغة الحوار والتفاهم. أصبحت هذه السياسة الخارجية المتوازنة سمة مميزة لدولة الإمارات العربية المتحدة على المستوى الإقليمي والدولي، وتمتع الشيخ زايد أيضا بسمعة طيبة باعتباره عالما إنسانيا ومحسنا، حيث يدعم عددا من القضايا في جميع أنحاء العالم، ويرثى له بعد وفاته في عام 2004 في أواخر الثمانينيات من عمره. لكن المبادئ والفلسفة التي قدمها للحكومة لا تزال في قلب دولة الإمارات وسياساتها اليوم .