دور التسامح في بناء المجتمعات

معنى التسامح

التسامح في بناء المجتمعات يعني تحمل المشقة والآلم، والتسامح تجاه آراء وأفعال الآخرين، ويعني قبول الآخرين وعدم الاعتداء على حرياتهم وتقبل الاختلافات في الاعتقادات والقيم .

كيف يسهم التسامح في تعزيز وحدة المجتمع عن طريق إظهار الاحترام والسماح للآخرين بالتعبير عن أنفسهم والاستماع إليهم ورفض التعصب والترويج للمحبة وقبول الآخرين بغض النظر عن لغتهم أو دينهم أو شكلهم .

يمكن تعريف التسامح بأنه معاملة الآخرين بالاحترام والتقدير والتعاون معهم بناءً على اختلافاتهم وعدم فرض قيم شخصية أو آراء واحدة، وعدم التعصب لأفكار محددة، لأن التسامح يمثل السلام بين مختلف أفراد المجتمع .

التعايش بين الأمم والثقافات المختلفة هو الأساس، والتسامح هو أساس الحريات في العالم، وهناك أنواع متعددة من التسامح .

دور التسامح في المجتمع

يعد مفهوم التسامح أساسا لأي مجتمع عادل، حيث يتيح للجميع عيش حياتهم بسلام وكما يشاؤون، ويجعلك متقبلا للاختلافات في الآراء والأفعال للآخرين .

أثر التسامح على الفرد والمجتمعيعنى الاتقراض أرائك على احد أو تفضيلاتك على تفضلات الآخرين حتى حين تكون متأكدا انك على صواب أو أن رأيك هو الصحيح ، فالأشخاص المتسامحون هم الأكثر قوة من غيرهم حيث انهم يعتبروا الأكثر قدرة على التعامل مع أراء الآخرين المختلفة ووجهات نظرهم الخاصة .

يساعد التسامح في تطوير الفكرة العالمية والتفكير الآخر، حيث يتعرف الأفراد المتسامحون على أفكار مختلفة حول العالم، الأمر الذي يساعد في تنمية شخصيتهم وفهم العالم بشكل أفضل .

تأثير التسامح على الفرد والمجتمع يكون في جعل العالم بيئة صحية خالية من الحروب والنزاعات. ففهم الآخر وقبول أفكاره وآرائه يقلل من وجود الاختلافات التي تؤدي إلى النزاعات التي نشهدها. فالانفتاح على دول العالم وقبول تنوعهم في الدين والفكر يجعل العالم أقل توترا وأكثر تسامحا .

يعد تعليم الأطفال التسامح هو أعظم هدية يمكن تقديمها لهم وللعالم بأكمله، حيث يساعد التسامح على عدم زيادة مشاعر الكراهية والبغض نحو المجتمع والآخرين عندما يكبرون .

إذا تربى الأطفال على الكراهية والحقد والغيرة من الآخرين، فسيتحولون إلى أشخاص غير سعداء وغير متوازنين. كما أنه لا ينبغي تربية الأطفال على فكرة واحدة أو إجبارهم على تصديق آراء معينة .

إذا تم تربية الطفل على التسامح واختبار مشاعرات الحب والمسامحة، فسيصبحون أشخاصًا مستقلين فكريًا وحريصين على تقبل وجهات نظر وأفكار الآخرين، بدلاً من أن يتم تنشئتهم على فكرة واحدة دون تقبل الآراء الأخرى، وهذا سيجعلهم أكثر حرية في التفكير والتصرف .

سيتمكنون من النمو والعيش بطريقة صحية وسعيدة، والتسامح يعد جانبا هاما في أي مجتمع. فمن فوائد التسامح في بناء المجتمعات أنه يجعل الأشخاص متسامحين تجاه الأفراد المختلفين عنهم في الثقافة أو الدين أو الأفكار .

يتقبلون الأشخاص عاداتهم وتقاليدهم المختلفة، ويزيد التسامح من الفضول حول الأفكار المختلفة لدى الآخرين، ويؤدي هذا الفضول إلى معرفة الأفكار والاعتقادات وطرق العيش لدى الآخرين، مما يجعلهم أكثر قربًا وتسامحًا .

يعد الفضول بشأن أفكار مجتمع ما هو الدافع للتسامح، حيث يمكن أن يكون عدم التسامح في بعض الحالات ناتجًا عن الخوف من المجهول والجهل بمعرفة الآخرين، وعندما يتعرف الأشخاص على المزيد من الثقافات الأخرى، يصبحون أكثر تسامحًا .

يساعد الفضول للتعرف على ثقافات وأفكار وطرق تفكير جديدة الأشخاص على أن يصبحوا أكثر تسامحًا ويفقدوا الخوف من المجهول، ويتواصل العديد من الأشخاص مع أفراد آخرين من مجتمعات أخرى بهدف توسيع آفاقهم .

في جميع أنحاء العالم، يوجد انفتاح على العالم ويعتبرون أكثر تسامحا من غيرهم، ومن فوائد التسامح يساعد هذا الانفتاح والتواصل على فهم أساليب الحياة وتعزيز روح التسامح بين الجميع .

قد يواجه الأشخاص صعوبة في قبول قيم الآخرين، حيث يميلون إلى التمسك بقيمهم الخاصة، ولكن يجب أن يتم تقييم تلك القيم بعناية وتقديرها، حتى يتسنى للأشخاص أن يصبحوا أكثر تسامحًا واحترامًا لبعض القيم والثقافات المختلفة .

إذا كانت الآراء والقيم الخاصة بأي شخص تؤثر على الآخرين، فيجب أن يكون واضحا أن لكل فرد أرائه وقيمته الخاصة، ويجب تقبل واحترام أراء وقيم الجميع، وذلك لبناء مجتمع مسالم ومتسامح .

فوائد التسامح في الإسلام

الإسلام هو دين التسامح واليسر، حيث تحث تعاليمه على الحرية وعدم قمع الآخرين، ويمتلك الجميع حرية التعبير، وأمرنا الله تعالى بتعليم الآخرين القيم الإسلامية ونشر الإسلام بطريقة تعتمد في الأساس على التسامح .

دعوة الناس إلى الحق ومنح الجميع حقهم وحريتهم في قبول الدعوة أو رفضها، فلا يسمح لنا كمسلمين بفرض تعاليمنا أو ديننا على أي شخص. فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الحج: `لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلىٰ ربك ۖ إنك لعلىٰ هدى مستقيم وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون ۞ الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون` صدق الله العظيم .

وفي سورة النحل أيضًا، يقول تعالى: `ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين`، صدق الله العظيم .

علمنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم دروسا عديدة في التسامح، حيث أظهر التسامح أثره في بناء المجتمعات ورقيها، وكان هذا واضحا في شخصيته وأسلوب حياته، فكان يتحلى بالصبر والتسامح في جميع مواقفه حتى في حروبه .

وقد ذكر الله تعالى في سورة النحل بالقول: `وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء، نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء. كذلك فعل الذين من قبلهم. فهل على الرسول إلا البلاغ المبين.` صد الله العظيم .

توضح هذه الآية أن التسامح والصبر من صفات الله تعالى، ورغم ارتكابنا للأخطاء بشكل يومي، فإن الله يسامحنا ويغفر لنا إذا استغفرنا، ويمنحنا دائماً فرصة التوبة إليه، فهو العفو الرحيم .

يعلمنا الإسلام دائماً بأهمية التسامح، خاصةً في الأوقات الصعبة، حيث ينبغي على الإنسان أن يتحلى بالصبر عندما يتعرض لأي ابتلاء أو صعوبة في الحياة، ولا ينبغي لأحد أن ينظر إلى هذه الابتلاءات بقلق أو استنكار .

يجب على الناس أن يتحلى بالصبر وأن يحمدوا الله في السراء والضراء، فإن الله يختبر المقربين منه ويختبر الأنبياء عليهم السلام وأحباء الله والأقرب إليهم .

تعرض نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم للكثير من القمع والاضطهاد من قبل أهل مكة، ولم يرد عليهم إلا بالصبر والمسامحة، وكان ذلك يشكل اختبارًا لقوته في التحمل والصبر، ولقد اجتاز هذا الاختبار بنجاح .

ويروي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءته دعوة باللعن على المشركين، فأجاب بقوله: “لما بعثت لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة للعالمين”، وهذا يدل على مظاهر التسامح في الإسلام .

وبالتالي، الدين الإسلامي هو دين الرحمة والتسامح ودين السلام، وهذه هي الصورة الحقيقية للدين الإسلامي والتي يجب على جميع المسلمين أن يتحلى بها وأن يدعوا إلى الدين من خلالها وفقا لمستويات التسامح .