المجتمعمنوعات

دوافع التضامن وأشكاله

ماهو التضامن 

يشير مفهوم التضامن إلى المعاونة التي تقوم بها القويّة أو الغنية لإخوتهم الذين يعيشون في محيطهم ويعانون من الضعف أو الفقر، ومن خلاله يهدف التضامن كسلوك إنساني لتخفيف آلامهم ومعاناتهم، وتقديم المساعدة عندما يحتاجون إليها.

تتأسس قيمة التضامن على مجموعة من القواعد المستمدة من القوانين والمواثيق الدولية والتعاليم الدينية، كما ينبعث هذا الشعور من الأشخاص الأصحاء الذين يؤمنون بأن كل شخص هو مخلوق ضعيف في حاجة إلى دعم الآخرين خلال مرحلة ما من حياته، ولذلك فإن التضامن يمثل قيمة إنسانية تضمن تقدم المجتمعات واستقرارها، وبالتالي فإن التضامن يعد مرادفا للتكامل وأحد درجات الاندماج التي تحدث بين الأفراد والمجتمعات والجيران

قد تم إهمال مفهوم التضامن وتعريفه الإنساني من قبل علماء الاجتماع إلى حد ما، وذلك منذ قام دوركايم في نهايات القرن التاسع عشر بالعمل على هذا المفهوم. ويعتبر الانضباط السياسي مسؤولا عن تجاهل هذا العنصر الذاتي في مجالات المجتمع المختلفة. ومع ذلك، فإن آخر أعمال ستيرنو وبرونكورست توضح وعيا كبيرا حول أهمية مفهوم التضامن من الناحية النظرية. ويعتقد أن المحاولات المبكرة لوضع نظرية للتضامن التي تمت من قبل الليبراليين تهدف إلى تحويل دولة قومية إلى مجتمع يمكن تحقيقه من خلاله. وفي هذا الصدد، يعتبر بدء العولمة إثارة الاهتمام بإمكانية تطوير التضامن البشري في المجتمع العالمي

أما بالنسبة للتصورات التقليدية للتضامن، فقد تلاشت نتيجة التغيرات الاجتماعية المصاحبة للعولمة، ومع ذلك، غالبا ما تقتصر على الدفاع عن بعض المصالح. وقد ينشأ أشكال جديدة لتجديد رؤية التضامن الإنساني. ركزت أعمال بعض الكتاب مثل تورين ورورتي وهونيث وهابرماس على تعميق وتوسيع المشاركة الديمقراطية، أو التعبير عن الالتزامات الأخلاقية بأساليب مختلفة. ومن هذا المنطلق، يقال إن تلك المنظورات تحتاج إلى استكمالها بنقطة نظر إنسانية جذرية تعتمد على نظرية معيارية لفهم النفس الإنسانية.

أشكال التضامن

كثيرا ما حاول علماء الاجتماع فهم كيفية عيش الأشخاص معا ولماذا في المناطق المكتظة بالسكان مثل المدن والبيئات الحضرية، وكيفية توزيع العمل والمهام في المجتمع وهذا يشكل وصفا لمفهوم التضامن الاجتماعي. حرص إميل دوركهايم على وضع نظريتين شرح من خلالهما كيفية إنشاء التضامن والنظام الاجتماعي وأساليب المحافظة عليهما

كما قام بوضع وصف لما يحدث بين الأفراد في المجتمع من تضامن، الأمر الذي يساعدهم على خلق وحدة متماسكة من الناحية الاجتماعية، وقد ناقش دوركهايم أهمية التضامن ودوره في بناء حضارة فاعلة وضمان حياة إنسانية مرضية. وعرض دوركايم اثنين من أشكال التضامن وهما العضوي والميكانيكي، ويتوافق كل منهما مع المجتمعات الكبيرة والصغيرة

التضامن الميكانيكي

يقصد بالتضامن الميكانيكي التكامل والتماسك والاتصال الذي ينشيء عن التجانس العمل المماثل والتجانس في شؤون التدين والتعليم، وأنماط الحياة، ويقوم التضامن الميكانيكي غالباً بالعمل في المجتمعات صغيرة الحجم والتقليدية، وفي أغلب الأحيان يتم وصفه بالشبكات العائلية؛ وعادةً ما يُنظر إلى التضامن الميكانيكي باعتباره وظيفة للأشخاص المنغمسين بالوعي الجماعي.

يتحقق الوعي الجماعي عندما يتصرف ويفكر الأفراد بأساليب متقاربة إلى حد ما، وهذا يشبه إلى حد ما المدن التقليدية الصغيرة والتجمعات الدينية والشبكات العائلية التي يتم استخدامها كأمثلة على التضامن الميكانيكي. وبالتالي، إذا كانت المجتمعات الدينية المنفصلة قادرة على التصرف بالتضامن الجماعي، فهذا يشبه إلى حد كبير مفهوم شركات التضامن

التضامن العضوي

نشأ التعاون العضوي نتيجة ارتباط أفراد المجتمعات المتقدمة ببعضهم البعض، إلى جانب الاعتماد المهني، في إطار الأدوار المتنوعة داخل المنظمة. وعلى الرغم من احتفاظ الأفراد بمصالح وقيم تختلف بينهم، فإن التكامل ينشأ من التخصص والتقسيم الذين يعيشونهم في الحياة الحديثة. وعلى سبيل المثال، يذكر ما يقوم به المزارعون من إنتاج الطعام لفائدة عمال المصانع العاملين على الجرارات التي تساعد المزارعين في إنتاج الأطعمة.

دوافع التضامن

ما هي أهمية التضامن؟ هذا السؤال يحتوي على الإجابة في دوافع التضامن والأسباب التي تحفز على تطبيقه في مختلف المجالات مثل الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. من خلال فهم تلك الدوافع يمكن التعرف بسهولة على الأهمية الكبيرة للتضامن

دوافع التّضامن اقتصاديّاً

يسعى كل فرد في المجتمعات التعاونية والتضامنية إلى تحقيق أكثر من توفير قوت يومه في ليلة واحدة، بل يسعون دائما لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتحسين الأوضاع الاقتصادية بأقصى قدر ممكن، ومعالجة مشكلات العوز والفقر وتقليل معدلات البطالة. يتحقق ذلك من خلال تعاون وتكاتف أفراد المجتمع، وهدفه الأساسي هو زيادة الإنتاج المحلي وتحقيق أقصى إيرادات ممكنة. تعزز التنمية الاقتصادية حصة كل فرد في المجتمع من الدخل من خلال تنظيم الخدمات والمنتجات وعمليات الإنتاج، إلى جانب تحقيق دخل يتناسب مع مختلف فئات المجتمع.

دوافع التضامن نفسياً

من خلال التعاون والتضامن يتمكن الفرد من الاندماج مع بيئته، ويقيه من الوقوع في الانعزال، وكذلك فإن تلك السلوكيات تخلصه من مشاعر الأنانيّة المُبالَغ فيها، ويُساعده على تحقيق مفهوم التّعاضُد وما يُعرف بالجسديّة المتماسكة، ويُوفّر ما يلائم من بيئات لنموّ الإنجاز العلميّ والتطبيقيّ.

دوافع التضامن سياسياً

تبيّن أن التضامن والاتحاد قوة، ويمكنها حماية مجتمع ما من العدوان الخارجي، وهذا ما يتضح من خلال دراسة تجارب المجتمعات السابقة والحضارات الماضية التي شهدتها البلاد العربية. فالتضامن بين أفراد تلك الحضارات أدى إلى الفخر والعزة الكبيرة.

أمثلة عن التضامن

هناك العديد من الأمثلة على التضامن التي يمكن ذكرها والتي يتم البحث عنها من قبل من يريدون التعبير عن التضامن الإنساني، حيث يتم تكليف المعلمين والمعلمات في المدارس بتحضير إنشاء حول التضامن دائما. ومن الأمثلة التي يمكن ذكرها في هذا السياق

  • يدعم القضايا الإنسانية، مثل حقوق الأسرى وحقوق الأطفال وحقوق المرأة وغيرها.
  • تدعم المحتاجين والفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة وتقف معهم.
  • ينبغي المشاركة في الأعمال التنموية التي تتطلب جهودًا جماعية، مثل زراعة الأراضي والتعاون في بناء المرافق.
  • تعني مساندة الإنسان شعوريًا مع أخيه عند اضعافه، ويمكن أن تكون مساندة مادية أو معنوية، ويحدث ذلك في الكثير من الحالات مثل الكوارث الطبيعية التي تحدث في بعض البلدان خاصة النامية.
  • التلاحم بين مختلف مؤسسات وقطاعات الدولة لرفع اسمها وحماية أرضها، وتوفير خدمات للشعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى