دوافع الاستعمار الاوروبي الحديث
تمكنت أوروبا في القرن الـ 19 من السيطرة على جزء كبير من العالم، وأطلق عليها اسم الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس؛ بسبب سيطرتها الكبيرة في تلك الفترة على العديد من دول العالم. وعلى الرغم من استقلال العديد من الدول وتخلصها من هذا النظام، إلا أن أوروبا لم تتوقف عن محاولاتها الاستعمارية، وظهر ذلك واضحا في الهجمات العسكرية والاستعمارية التي شنتها على العديد من البلدان في تلك الحقبة .
الاستعمار الأوروبي
الإمبريالية أو القوى الاستعمارية بوجه عام تحتاج إلى دوافع وأهداف قوية، وشهد العالم القديم محاولات قوية وشرسة لفرض السيطرة الاستعمارية الأوروبية على جميع أنحاء العالم. كان لدى أوروبا حلم بتوسيع إمبراطوريتها لتسيطر على العالم بأكمله وتكون القوة السيادية الوحيدة عالميا. وقد نجحت بالفعل في تحقيق هذا الهدف عن طريق احتلال جميع دول العالم باستثناء 22 دولة فقط، وأنشأت مستعمرات خاصة بها في كل مكان .
على الرغم من ذلك، نجحت العديد من الدول في استعادة استقلالها وتحريرها من هذا الاحتلال الغاشم، وقدمت الكثير من الجهد والتضحية والبذل من أجل تحقيق الحرية والاستقلال الوطني، وتمكنت العديد من الدول بالفعل من استعادة السيطرة على أراضيها .
الاستعمار الأوروبي في العصر الحديث
في العصر الحديث، ظهرت دوافع مختلفة للاستعمار الأوروبي، حيث أشار الساسة والخبراء إلى أن أهم دوافع ومساعي الاستعمار الأوروبي في العصر الحديث كما يلي:
دوافع استعمار اقتصادية
بلا شك، الثروات الطبيعية في مختلف البلدان، وخاصة في بلدان الشرق الأوسط، تشكل مصدر جذب للكثير من المستعمرين حول العالم. إذ يتميز الشرق الأوسط بوفرة الثروات والخيرات، بالإضافة إلى إنتاجه لكميات كبيرة من النفط، ويعد هذا الأمر أحد أهم أسباب الاستعمار الأوروبي في العصر الحديث .
ولم تستهل أوروبا النظر عن بعض الدول الآسيوية أيضا؛ إذ يعتبر التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا والاتصال والتجارة المشتركة بينهما مصدر إلهام للحصول على السلع التي قد تكون محتكرة في فترات زمنية معينة بين الدول الآسيوية والعربية؛ وذلك بسبب الآثار الاقتصادية النسبية السلبية التي ترتبت على هذا الاحتكار على الوضع الاقتصادي الأوروبي. ولذلك، سعت بعض دول أوروبا إلى السعي نحو وجود طرق جديدة تمكنها من إقامة عملية التبادل التجاري والحصول على السلع والمنتجات الآسيوية بكل سهولة، بعيدا عن الاحتكار العربي والآسيوي، وهذا ما أدى إلى سعيها للاستيلاء على العديد من دول شرق آسيا .
دوافع استعمار دينية
أصبح التصور الديني هو الأكثر استغلالا من قبل الدول الأوروبية في العصر الحديث لفرض سيطرتها على بعض الدول، وخصوصا الدول الإسلامية. نحن جميعا نشهد تعرض دول الأمة الإسلامية للعديد من الهجمات الاستعمارية الأوروبية القوية والشرسة على مر التاريخ. على سبيل المثال، الهجمات الصليبية التي أسفرت عن مقتل حوالي 90 ألف شخص في بيت المقدس، ولا يمكن أن ننسى أيضا الدمار الهائل الذي تسبب فيه التتار في بغداد وأودى بحياة حوالي 2 مليون مسلم .
ولم تقتصر مساعي الاستعمار الأوروبي على هذا الحد، بل عادوا للظهور في العصر الحديث في مختلف بلدان العالم الإسلامي، وبعد سنوات طويلة من الاستعمار، تم الكشف عن الغمة وإزالة الاستعمار عبر معارك ضارية راح ضحيتها ملايين الضحايا .
في الوقت الحالي، في القرن الحادي والعشرين، هناك محاولات يائسة لاستعادة سيطرة الاستعمار الأوروبي على العالم الإسلامي مرة أخرى. نظرا لتغيرات العالم، يعتمد الآن على حروب الجيل الرابع التي لا تعتمد على القوات العسكرية والمعدات فحسب، بل تعتمد بشكل رئيسي على تشتيت العقول وتغيير أفكار الشباب. تأتي هذه المحاولات تحت مسميات حديثة مثل حقوق الإنسان والديمقراطية وحرية المرأة وغيرها من المصطلحات التي تهدف في المقام الأول إلى السيطرة على العقول، وخاصة عقول الشباب، لجعلهم دائما غاضبين من وطنهم ومن حماية وتطوير وطنهم. وبدلا من أن يحاولوا إصلاحه، يصبحون أدوات لتدميره .
ما زالت قوى الاستعمار العالمية تحاول بخيوطها المتشابكة إسقاط أبناء الأمة الإسلامية، وذلك من أجل طمس هويتهم الوسطية المعتدلة وتحويلهم إلى قنابل موقوتة تدمر مجتمعاتهم. وبالطبع، هذا لا يخدم سوى مصالح تلك القوى الاستعمارية العالمية .