دعاء قنوت التراويح .. ” اللهم اهدنا فيمن هديت “
دعاء القنوت في التراويح
الدعاء بهدف عام هو مستحب جدا في شهر رمضان، الذي هو شهر البركة ونزول القرآن. كما أن دعاء القنوت محبب ومشروع في قيام رمضان. فقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: `بعث النبي صلى الله عليه وسلم سبعين رجلا لحاجة، وكان يسمون بالفراء، فالتقوا بعد حيان من سليم، وهم زعل وذكوان عند بئر يسمى بئر معونة، فقتلوهم. فدعا النبي صلى الله عليه وسلم شهرا في صلاة الغداة، وهو بداية القنوت.
يتضمن دعاء القنوت الأول “اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تبارك ربنا وتعاليت”، وفي رواية أخرى يتم إضافة “ولا منجى منك إلا إليك”، وفي رواية أخرى يتم إضافة “اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
دعاء القنوت بصوت ماهر المعيقلي
وقت قنوت رمضان
قنوت رمضان هو الركعة الأخيرة من صلاة الوتر في قيام رمضان. يصلى قنوت رمضان في النصف الثاني من رمضان، وفقا لتوثيق الصحابة في عهد عمر بن الخطاب. تتميز قنوت رمضان عن القنوت في الأيام العادية أو النوازل بالنقاط التالية:
- عندما يتم قنوت رمضان في صلاة الجماعة، يتم إظهارها جهراً من قِبَل الإمام، بينما يتم قنوت الوتر للفرد باقي العام، ويقوم بإدائها بتسهيل نفسه.
- تقام صلاة التراويح أو قنوت رمضان في النصف الثاني من شهر رمضان، بينما تقام صلاة الوتر على مدار العام.
ورد في مصنف ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن محمد بن بكر عن أبي خريج قوله: “قلت لعطاء: هل كان يقنت في رمضان؟ قال عمر كان يقنت في أول رمضان، فقلت: والنصف الآخر؟ فقال: نعم.” وعن أيوب بن نافع عن عمر بن الخطاب أنه كان لا يقنت إلا في النصف الثاني من رمضان.
متى يكون الدعاء في صلاة التراويح
يجوز الدعاء بدعاء القنوت أو بأي أدعية أخرى يريدها المسلم في صلاته، فالله تعالى عليم بالنوايا وذات الصدور فلا بأس من الدعاء بأي دعاء آخر غير القنوت، فهو دعاء محبب ذكر في السنة النبوية والشريعة الإسلامية ولكنه ليس فرض، حيث يمكن للمصلي أن يدعي بالقنوت أو غيره أو فيما معناه أو يزيد عليه، على أن يكون الدعاء في الركعة الأخيرة الواحدة التي يوتر بها، بعدما يرفع من الركوع يرفع ديه ويقنت ويدعوا الله بما يسر نفسه ويتمناه، حيث ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم القنوت بعد الركوع، فالله سميع بصير مجيب الدعاء.
معنى القنوت
الدعاء هو واحد من أساليب التقرب والتواضع والتضرع إلى الله عز وجل. يقول الإمام بن القيم إن الدعاء هو طلب ما ينفع المدعي، والتماس رفع الضرر ودفعه وابتعاده. إن الدعاء هو أحد العبادات المحببة لله عز وجل، ويدل على إخلاص العبد واعترافه بأن الله تعالى هو المالك الوحيد الذي يتحكم في كل شيء، وليس للعبد أي سيطرة على نفسه أو أي قدرة على قضايا دينه أو دنياه أو آخرته. يقول الإمام ابن القيم عن الدعاء: “إن الدعاء هو أحد أدوية العاجلة، وهو عدو المصائب ويكافحها ويعالجها ويمنع تفاقمها أو يخفف منها. إنه سلاح المؤمن.” يقول عبد الله الأنطاكي رحمه الله: “دواء القلب يتمثل في خمسة أشياء: الجلوس مع الصالحين وقراءة القرآن وتجنب الأكل المحرم وقيام الليل والتضرع في الفجر.
أما القنوت في اللغة فهو الطاعة، وذلك بناء على قول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الأحزاب آية 35 `إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات`، ويعني السكون في الصلاة بناء على قول الله تعالى في سورة البرة آية 238 `حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين`، وفي الحقيقة، القنوت يشمل الدعاء والعبادة لله عز وجل والتضرع والصلاة أيضا، حيث ذكر جابر قائلا `سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصلاة أفضل، فقال طول القنوت`، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث شريف `مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصائم`، والقنوت المشروع يشير إلى الدعاء ويتم في ثلاثة أوقات، قنوت النوازل عندما يحدث شيء غير متوقع أو حالة ضيقة تحتاج إلى التضرع لله بالدعاء، وقنوت الوتر وهو الدعاء الذي يأتي بعد الانتهاء من ركعة الوتر، وقنوت رمضان وهو الدعاء الذي يقال في الركعة الوترية في النصف الثاني من شهر رمضان.
دعاء القنوت بصوت ياسر الدوسري
بدع القنوت في رمضان
الدعاء فضيلة عظيمة وأثره جميل، فهو من العبادات المستحبة لله عز وجل وعباده، ويقول تعالى في سورة غافر الآية 60: “وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين”. ولكن هناك العديد من الأمور التي تجعل الدعاء غير محبب وتدخله في جانب البدعة، وتتمثل البدع في دعاء شهر رمضان
- التطويل في الدعاء
يلاحظ أن الكثير من الأئمة يطيلون في الدعاء بطريقة مملة وغير مرغوبة، على الرغم من أن دعاء القنوت -الذي جاء بتوجيهات من رسول الله صلى الله عليه وسلم- هو دعاء بسيط يتكون من عدد قليل من الجمل وينتهي في دقائق معدودة.
- غفلة الأئمة عن معاني الدعاء
نتيجة للإطالة في الدعاء، يغفل الكثيرون من الأئمة عن معنى الدعاء نفسه، مما يؤدي إلى شعورهم بالإعياء بسبب الوقوف ورفع الأيدي والقيام لفتراتٍ طويلة، مما يتنافى مع المقصود من الدعاء.
- أختراع أدعية ينقص الأج والثواب
كثيراً من الأئمة باتوا لا يدعوا بالأدعية المأثورة في القرآن وصحيح السنة النبوية الشريفة ويستعيضوا عنها بأدعية مخترعة وهو استبدال ما هو أدنى بالذي هو خير ويكفي فاعله إعراضه عن السنة والشريعة فهو أثم عظيم لا يدركه الكثير، حيث يقول ابن تيمية “والمشروع للإنسان أن يدعو بالأدعية المأثورة، فإن الدعاء من أفضل العبادات وقد نهانا الله عن الاعتداء فيه، فينبغي لنا أن نتبع فيه ما شرع وسن، كما أنه ينبغي لنا ذلك في غيره من العبادات”.
- السجع والتكلف
يلاحظ أن بعض الأئمة يتصنعون السجع والتكلف في الخطاب، وقد ذكر عن ابن عباس قوله `فانظر السجع من الدعاء فأجتبه، فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون الإجتناب`.
- تلحين الصوت في الدعاء
يقوم بعض الناس بتحسين أصواتهم وتلحينها أثناء الدعاء وكأنهم يتلون القرآن الكريم، وهذا يتعارض مع ما يجب على الداعي أن يفعله وهو التضرع والانخراط، حيث يختلف الدعاء عن تلاوة القرآن الكريم، حيث لأن الدعاء ليس مجرد تزين بالصوت.
- قنوت رمضان لا يزاد فيه عن الوارد
نص بعض أهل العلم أن قنوت الوتر في رمضان لا يجب أن يزاد فيه عن الوارد في الآثار، حيث يقول الإمام النووي في معرض حديثه عن القنوت يجب أن يكون “السنة في لفظ القنوت اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت”، كما قال ” فاعتمد ما حققته فإن ألفاظ الأذكار يحافظ فيها على الثابت عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم”، ولكنه أقر بأن هناك خلاف في الزيادة وذلك لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه زاد عن الدعاء فقال”اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم على عدوك وعدوهم. اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك، اللهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين، بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك، ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونخشى عذابك ونرجوا رحمتك إن عذابك الجد بالكفار ملحق”، لذا فيجوز زيادة دعاء القنوت ولكن لا يجب التغني به ولا تحسين الصوت ولا تطويل الصلاة على المصلين، لما يتنافى مع الشريعة الإسلامية ويعاكس الهدف الحقيقي من الدعاء.
- رفع الصوت بالدعاء
رفع الصوت بالدعاء مخالف للسنة، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه عندما رفعوا أصواتهم بالتكبير أن يراجعوا أنفسهم، فإنهم لا يدعون أصماً ولا غائباً، بل يدعون سميعاً بصيراً، وهو قريب منهم وأقرب من عنق راحلته