لأول مرة، أظهر باحثون من جامعة ولاية واشنطن أن الحياة في الصحراء الأكثر جفافًا في العالم ممكنة، مما يشير إلى أنه من الممكن وجود الحياة على سطح كوكب المريخ أيضًا .
تتناول دراسة جديدة إمكانية وجود حياةعلى سطح كوكب المريخ
للمرة الأولى شهد الباحثون أن الحياة في الصحراء الأكثر جفافا في العالم ممكنة، مما يدل على أنها يمكن أن تكون كذلك أيضا في تربة كوكب المريخ، حيث تمت دراسة الزاوية الأكثر جفافا في صحراء أتاكاما في أمريكا الجنوبية، والتي تمر عقود فيها دون سقوط أي أمطار، وتمت الدراسة بقيادة فريق عالم الكواكب في جامعة واشنطن ” ديرك شولز ماكوتش “، وهو فريق دولي كبير .
حيث تساءل العلماء منذ فترة طويلة عما إذا كانت الميكروبات في تربة هذه البيئة الصحراوية يمكن أن تتواجد بصورة دائمة، أو أنهم يموتوا بصفة مستمرة بسبب الطقس – جدير بالذكر أن بيئة هذه الصحراء هي أكثر مكان على سطح الأرض يشبه سطح المريخ، وفي الدراسة الجديدة التي نشرت في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم، كشف فيها شولز ماكوتش والمتعاونين معه أن حتى صحراء أتاكاما القاحلة بشدة يمكن أن توفر بيئة صالحة للسكن لهذه الكائنات الدقيقة .
أظهرت الدراسات أن البكتيريا المتخصصة قادرة على العيش في التربة، وهي تستطيع البقاء نائمة لعقود دون ماء، وبعد ذلك تستيقظ وتتجدد عندما تمطر. قال شولتز ماكوتش: `لقد شغفت دائما بالذهاب إلى الأماكن التي يعتقد الناس أنها لا تحتوي على أي حياة، واكتشفت دائما أن الحياة موجودة هناك بطريقة أو بأخرى. وتشير دراستنا إلى أنه إذا استمرت الحياة في البيئة الأكثر جفافا على الأرض، فهناك احتمالية وجود حياة على كوكب المريخ بطريقة مماثلة .
ذهاب الفريق إلى صحراء أتاكاما
عندما ذهب شولز ماكوش وفريقه إلى أتاكاما لأول مرة في عام 2015، لدراسة كيفية بقاء الكائنات الحية في التربة رغم الجفاف الشديد في الأرض، حدث شيء مجنون وغير متوقع، فقد هطلت المطر بغزارة، وبعد سقوط هذه الأمطار النادرة للغاية، اكتشف الباحثون زيادة كبيرة في النشاط الحيوي في تربة أتاكاما .
استخدم الفريق أدوات معقمة وحساسة لأخذ عينات من التربة من مختلف الأعماق، ثم أجروا تحاليل جينية لتحديد المجتمعات الميكروبية المختلفة التي تكاثرت في العينات، واكتشف الباحثون الكثير من الأنواع الأصلية للحياة الميكروبية التي تكيفت للعيش في هذه البيئة القاسية .
عاد الباحثون إلى أتاكاما في عامي 2016 و 2017 لمتابعة أخذ العينات الأولية ووجدوا أن المجتمعات الميكروبية في التربة تعود تدريجيا إلى حالة السكون. قال شولز ماكوتش: `في الماضي، اكتشف الباحثون أن الكائنات الميتة وبقايا الحمض النووي تقترب من السطح، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يمكن لأي شخص أن يتعرف على شكل مستمر من الحياة الموجودة في تربة صحراء أتاكاما. ونعتقد أن هذه المجتمعات الميكروبية يمكن أن تهدأ لمئات أو حتى آلاف السنين في ظروف مشابهة لتلك التي قد توجد على كوكب مثل المريخ، ثم تعود إلى الحياة مرة أخرى عند هطول الأمطار .
التأثيرات المرتبطة بالعيش على سطح المريخ
قال شولز ماكوتش : بينما تكون الحياة صعبة في المناطق الأكثر جفافا على الأرض، فإن سطح المريخ يعد بيئة أكثر قسوة وقريبة من الجفاف والبرودة الموجودة في صحراء أتاكاما. وقبل مليارات السنين، كان المريخ يحتوي على محيطات وبحيرات صغيرة، حيث ازدهرت فيه أشكال الحياة في ذلك الوقت. ومع جفاف الكوكب وتحوله إلى صورة أكثر برودة، كان بإمكان هذه الكائنات التكيف مع الحياة الجديدة والبقاء كما حدث في تربة أتاكاما .
وتابع حديثه : ” نحن نعرف أن هناك تجمدا مائيا في الأراضي المريخية، وأن الأبحاث الأخيرة تؤكد بشدة تساقط الثلوج ليلا وغيرها من حوادث الرطوبة التي تحدث على سطح الكوكب، وإذا تطورت الحياة على سطح المريخ مثلما حدث في صحراء أتاكاما، فإن أبحاثنا تشير إلى أن هذه الكائنات كانت ستتمكن من العثور على مكان ما في عمق التربة تحت السطح القاسي للغاية لكي تستمر في الحياة ” .
الخطوات التالية
في 15 مارس سوف يعود شولز ماكوش إلى أتاكاما مرة أخرى لمدة أسبوعين، للتحقيق في كيفية تكيف سكان أتاكاما الأصليين للبقاء على قيد الحياة، وقال إن فريق البحث لديه أيضا يرغب في البحث عن أشكال الحياة في بركة دون خوان في القارة القطبية الجنوبية، وهي بحيرة ضحلة ومالحة، ودرجات الحرارة فيها تصل إلى 58 درجة فهرنهايت .
وقال شولز ماكوتش : هناك عدد قليل من الأماكن التي تظل على الأرض دون دراسة كيفية بقاء الكائنات الحية فيها، وهدفنا هو فهم كيف يمكن لهذه الكائنات القيام بذلك، وذلك لنتمكن من معرفة ما يمكن تحقيقه على سطح كوكب المريخ .
المصدر : ساينس ديلي