لاحظ بعض الباحثين أن الطيور تظهر مزيدا من العدائية في تعاملها مع البشر أو المستقبلات الخارجية في بعض المواقع على كوكب الأرض بشكل أكبر من غيرها. وعندما قاموا بدراسة هذه الظاهرة اتضح أن الطيور التي تعيش في المناطق الضاحية تظهر مستويات أعلى من العدوانية والعنف مقارنة بأقرانها التي تعيش في نفس البلد. ومن هنا بدأ معظم الباحثين في دراسة هذه الظاهرة لمعرفة العوامل التي تؤدي إليها ونتائجها.
دراسات على تغير سلوكيات الطيور:
الطيور من المخلوقات التي تحتاج إلى مناخ معين حتى تتمكن من العيش في سلام و هدوء ، و إذا تغير هذا المناخ فإن سلوكياتها سوف تتغير أيضًا تبعًا لتغير البيئة من حولها ، و في هذا الإطار قام بعض الباحثين في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية ؛ بعمل دراسات حديثة على سلوكيات الطيور المختلفة و التعرف على أسباب تغير الطيور لسلوكياتهم ، فقد وجد عدد كبير من الباحثين أن الطيور التي تعيش في مناطق الضواحي تقوم بإظهار مستويات من العدوانية و العنف أعلى من غيرها من الطيور التي تعيش في نفس البلد.
وعند النظر إلى أسباب هذه الظاهرة، اكتشف الباحثون أن نقص المساحات الواسعة المتاحة لهذه الطيور يعد العامل الرئيسي في تغيير سلوكها بشكل سلبي، على الرغم من وجود موارد أفضل لديها مقارنة بالطيور التي تعيش قرب البشر وتتمتع بتوفر طعام أفضل، إلا أنها تواجه منافسة شديدة على مواردها المحدودة.
تجربة على الطيور:
تم إجراء تجربة على الطيور لمعرفة أسباب تغير سلوكياتها بالتحديد ، و قد حققت التجربة نجاحًا كبيرًا ، حيث تم احضار 35 ذكر مغني من الطيور الحضرية و كذلك 38 ذكر مغني من الطيور الريفية ، و تم توزيع تلك الطيور على ثلاثة مواقع حضرية ، و ثلاثة مواقع ريفية في مدينة نيو ريفر فالي ، و قد تمت تلك التجربة خلال فصل الربيع عام 2015م ، أما بالنسبة للمواقع التي تمت فيها التجربة فقد تم اختيار الحرم الجامعي لجامعة فرجينيا للتكنولوجيا و جامعة رادفورد كمواقع حضرية و ذلك بالاعتماد على مستوى تأثير البشر فيها ، أما المواقع الريفية فقد وقع الاختيار على مزرعة كليفلاند و المنتزه التراثي.
تم تنفيذ التجربة على النحو التالي؛ تم وضع مكبرات صوت تصدر أصوات العصافير المغنية في المواقع التي تم إجراء التجربة فيها، وكان الهدف الرئيسي من ذلك هو مراقبة استجابة طيور المناطق المستهدفة للتدخلات الخارجية ومعرفة مدى التمسك بها بأراضيها في حال مواجهتها أي هجوم. وقد حققت التجربة نتائج مذهلة حيث قامت الطيور الموجودة في الحرم الجامعي بالاقتراب من مكبرات الصوت ورفرفة أجنحتها بشكل عدواني وشرس واندمجت في الغناء العالي، ووصف علماء الحيوان هذا الغناء بأنه مثل الضوضاء الهادئة التي يصدرها الطيور عندما تشعر بأي هجوم .
بالنسبة للطيور الريفية، أظهرت ردة فعل مشابهة لكنها لم تكن بشدة الطيور الحضرية، وبعد ذلك، ثبت العلماء رباطا صغيرا على أرجل الطيور لدراسة وتسجيل الاستجابات المتولدة عدة مرات لعدة أسابيع. وأظهرت نتائج هذه التجربة أن طيور الضواحي كانت أكثر عدوانية من الطيور الأخرى، وخاصة في موسم التزاوج. وتوصلت الدراسة إلى أن التوسع السكاني وسيطرة الإنسان على المناطق البرية هي من أهم العوامل التي تؤثر بشكل سلبي على الطيور وغيرها من الحيوانات.