خطبة محفلية عن الام
الأم هي كلمة صغيرة في حروفها، لكنها تحتوي على معانٍ كبيرة لا يمكن حصرها من الحب والعطاء والحنان والتضحية، فهي تمثل عطاءً متدفقًا لا ينضب ولا يتعب ولا يمل، ولا يشعر بأي تعب من كثرة العطف الذي تقدمه، فهي الصدر الحنون الذي يرتاح عليه الفرد ويشكو له همومه ومتاعبه.
الأم تعطي بدون أن تنتظر أي مقابل من أبنائها، تعطي لأنها ترغب في ذلك، ولا تأخذ أجرا على هذه العطية. وعلى الرغم من محاولات الإنسان على مر الزمان ليكافئ حق الأم، فإنه لا يستطيع أن يرد جميلها حتى لو بكمية صغيرة جدا. فالأم هي سبب الوجود في الحياة وسبب النجاح، حيث تمنح أبنائها الدم والصحة ليكبروا في صحة وعافية، وتكون هي المعونة في الدنيا والجنة.
خطبة عن الأم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب، وأظهر الحق بالحق وأذل الأحزاب، وأتم نوره، وجعل كيد الكافرين في الهزيمة، وهو غافر الذنب وقابل للتوبة وشديد العقاب. خلق الناس من آدم وخلق آدم من تراب، وخلق الموت والحياة ليبتلينا وإليه المآب. فمن يعمل صالحا فإنما يعمل لنفسه والله عنده حسن الثواب. وأشهد أن الله وحده لا شريك له ولا أشباه، وأشهد أن سيدنا محمدا خاتم الرسل والأنبياء.
أما بعد:
قال تعالى: يأمر ربكم بعدم عبادة غيره، وبإحسان التعامل مع الوالدين إذا بلغ أحدهما أو كلاهما من الكبر، وينهى عن إساءة المعاملة لهما، ويجب عليك قول كلمة طيبة لهما.
تشير الآية الكريمة إلى أن الإحسان بالوالدين يرتبط بشكل مباشر بعبادته لله سبحانه وتعالى. فالإحسان للوالدين ليس مجرد طاعة لله، بل هو جزء من العبودية العظيمة لله. العبودية تعني الإيمان والبر والأعمال الصالحة والإحسان. يجب علينا جميعا أن نهتم بالوالدين، خاصة في سن الكبر، حيث يحتاجان إلينا بسبب ضعفهما وتدهور حالتهما الصحية. لذا، يجب علينا أن نشكر الوالدين ونهتم بهما في كل لحظة.
ومن أحاديث المصطفى صلّ الله عليه وسلم في هذا فضل الوالدين:
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ: رَسُولَ اللَّهِ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ ” ثَلَاثًا. قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: “الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ – وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا – أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ” مَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حتى قلت: ليته سكت.
وذلك يعني أن العقوق كبيرة من الكبائر لا يخرج منها الإنسان إلا بتوبة صادقة نصوحة، فمن شرط التوبة الإقلاع عن الذنب ومن كان في العقوق فهو في كبيرته، وقرن الله الشرك بالعقوق بالوالدين فقال ابن عباس: في قوله تعالى: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ [لقمان: 14]، فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لا يقبل الله شكره”.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سئل الرسول صلى الله عليه وسلم: من الأبرر؟ فأجاب: `أمك`، ثم سئل مرة أخرى: ثم من؟ فأجاب: `أمك`، ثم سئل مرة أخرى: ثم من؟ فأجاب: `أمك`، ثم سئل مرة أخيرة: ثم من؟ فأجاب: `أبوك`.
وصف الشاعر حنان قلب الأم بمقطوعة شعرية فقال:
أغرى رجلٌ يوماً غلاماً جاهلاً بنقوده لكي يتعرض للضرر
قال له ائتني بفؤاد أمك يا فتى، وسوف تحصل على الجواهر والدراهم والدرر
فجاء وغرز خنجرًا في قلبها، وأخرج القلب وعاد بعدها إلى الموقع
ولكنه، نتيجة للإسراع، سقط وتدحرج القلب الجافي الأثر
صوت قلبي ينادي حبيبي، ألم يصلك أي ضرر يا ولدي العزيز؟
يقول العلماء: تُؤخر كل معصية عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة، إلا العقوق، فإنه يُعجِّل له في الدنيا، وكما تدين تُدان.
ذكر العلماء أن رجلا حمل أباه الطاعن في السن، وذهب به إلى خربة، فقال الأب: إلى أين تذهب بي يا ولدي؟ فقال: لأذبحك. فقال الأب: لا تفعل يا ولدي. فأقسم الولد أنه سيذبح أباه. فقال الأب: فإن كنت لا بد من فعل ذلك، فاذبحني هنا عند هذه الحجرة، فقد ذبحت أبي هنا، وكما تدين تدان.
اللهم أعنا على بر والدينا، اللهم وفق الأحياء منهما، واعمر قلوبهما بطاعتك، ولسانهما بذكرك، واجعلهم راضين عنا، اللهم من أفضى منهم إلى ما قدم، فنور قبره، واغفر خطأه ومعصيته، اللهم اجزهما عنا خيراً، اللهم اجزهما عنا خيراً، اللهم اجمعنا وإياهم في جنتك ودار كرامتك، اللهم اجعلنا وإياهم على سرر متقابلين يسقون فيها من رحيق مختوم ختامه مسك.
شعر عن الأم
بما أن الأم لها مكانة عظيمة في تربية الأجيال، فإن الكتابة عنها تراوح بين خطب محفلية وشعر ودواوين وقصائد خاصة بها؛ ومن بينها
شعر حافظ إبراهيم
– الأم هي مدرسة إذا أعددتها، فقد أعددت شعبا طيب الأعراق
الأم روض إن تعهده الحياة * بزراعة أي نبات
تعتبر الأم، أستاذ الأساتذة العالين، قدوةً لهم وأثرت في مدى آفاقهم
قال ابراهيم المنذر
أغرى رجلاً يوماً غلاماً جاهلاً بماله حتى اشترى به الوطر
قال له: أحضر لي فؤاد أمك يا صبي، وسأمنحك الجواهر والدراهم والدرر
فذهب ودفع خنجراً في صدرها، وأخرج القلب وعاد على نفس الدرب
لكنه وقع بسبب فرط دهشته، فانكمش القلب المعفر عندما تعثر
ناداه قلب الأم وهو مكتئب: `وَلَدِي حَبِيبِي هَلْ أَصَابَكَ مِنْ ضَرَرٍ
يبدو أن هذا الصوت، على الرغم من ليونته، يغضب السماء ويجعل المطر ينهمر على الولد
أخذ الخنجر وطعن نفسه، فهذا سيبقى عبرة لمن يتعظ منها
قال قلب الأم كف يدا ولا تطعن فؤادي مرتين على الأثر
قال أبو العلاء المعري
يجب عليك أن تكرم والديك وتعاملهما بلطف، وأن تعامل الأم بكل احترام وتقدير
وتعد الحمل والرضاعة من الأشياء التي يدمنها الإنسان بفضل اثنين
قال مسعود سماحة
والتي يرافقها الموت، ويحدث القتال في السماء بأشكال مختلفة
أسوأ من العقوق الذي لا يراعي كرامة الأم ورضا الأب
قال الشاعر القروي
تحير بي عدوي إذ تجنى عليّ، فلم أسأل عن التجني
والتق بين ما ألقاه منه * وما يلقى من الإحسان مني
يتجاوز الخصام والتجافي حدود اللزوم، لذلكني أسعى للسكينة والتروي في التعامل
أنا أريد حياته وهو يريد موتي، فما بين الأماني تبقى الأماني
حتى أن البغض قد أضيق ذرعا عنه … وكان ظنه الحسن بي مثل ظني الحسن به
هذا الشهد ليس بشهدي، ولا المن الذي استحللته مني هو من عدوي
لي أم حنونة أرضعتني، لبان الحب من صدر أكثر حنانا
في لحظة ابتسامتها، فتحتُ عينيّ، ومن لمسة شفتيهرطبتُ سنّي
تكلمت معي بلغة أُناغي، ولم تغني لي بلغتي أُغَني
حبها سَقاني فوقَ احتياجي، ففاضَ على الوَرى ما فاضَ مني