ادببوح القصيد

خصائص شعر النابغة الذبياني

يمثل الشعر إحدى علامات العروبة والانتماء، حيث يعرف العرب بحبهم للغة العربية وإلقاء الشعر والنثر، ويمثل الشعر دلالة على الثقافة والقوة اللغوية للعرب، واللغة العربية الفصحى والأصيلة بلغت ذروتها في عصور الجاهلية، حيث اشتهر فيها الشعراء وكان الشعر والإلقاء أحد سبل السعادة والفرح والعتاب والمزاج والرثاء، وكانت الأشعار تلاحق كل مناسبة، وهناك أسماء لمعت لم يستطع الزمان إخفاء بريقها، ومن بين تلك الأسماء النابغة الذبياني، الذي يعتبر أحد أبرز شعراء العصر الجاهلي.

خصائص شعر النابغة الذبياني

النابغة الذبياني هو زيادة بن معاوية بن غيظ بن مرة بن ذبيان بن قيس بن مضر، ولد في عام 535م، ويعتبر أحد أبرز الشعراء في العصر الجاهلي. كان يتميز بالبلاغة والأدب، وكان لديه معرفة واسعة. كان يحب الشعر والنثر وكان يلقي القصائد والقصص. وأطلق عليه لقب النابغة بسبب براعته في البلاغة، وكانت كنيته أبو أمامة. لم يكن هذا فقط، بل كان الذبياني أحد الحكام الذين يقومون بمقارنة الأشعار واختيار المميزة من بينها. اشتهر في العصر الجاهلي وتوفي في عام 604م، ولكن أشعاره ما زالت حية وتزيد بريقا مع مرور الوقت، وأصبحت قيمتها وعظمتها واضحة. وهناك مجموعة من الخصائص التي تميز شعر الذبياني وتلخص فيها

  • عرف شعر النابغة الذبياني باسم شعر الاعتذارات حيث كان كثير الكتابة الاعتذارية، وتقديم الأسف عن ما بدر منه، كما إنه كان كثيراً ما يعتذر  من الحاكم، حيث قدمت إليه في يوم من الأيام أحد التهم من قبل رجل يدعى عوف بن قريع، فأخذ الذبياني يكتب الأشعار مدافعاً عن نفسه من خلال الاعتذارات للنعمان بن المنذر.
  • كان النابغة الذبياني يستخدم كثيرًا الأسلوب القصصي في كتابته، مما جعل أسلوبه يتميز بالتشويق والإثارة، وعدم الشعور بالملل من قبل المستمعين والقراء، ولا سيما إنه كان يكتب بأسلووبمتانة، مما يجعل القراء والمستمعين يشعرون بالحب والشغف لقراءة المزيد.
  • تتميز أشعار النابغة الذبياني الاعتذارية بأنها من أجمل ما يُكتب في الشعر، حيث تتميز بأسلوب راقي وخالٍ من الركاكة والابتذال.
  • كان يستخدم أسلوب الاستطراد في الكتابة، وهو أسلوب المحاكاة الذي لم يمل الناس منه، ولا ينتهي بمرور الزمن، حيث كان أسلوب الاستطراد هو أسلوب العصر الجاهلي، وكثيراً ما استخدمه الشعراء الجاهليون الذين ذاع صيتهم في العصر الجاهلي وإلى الآن، ما زالوا يمثلون علامات ومنابر شعرية مميزة.
  • تمتلئ شعر النابغة الذبياني بالأحداث القصصية، ويجعل السرد الدقيق المستمع والقارئ متشوقين لاستكمال القصائد بشغف وحماس.
  • ابتكر الذبياني استخدام “الوحش” كصيغة تعبر عن الحيوان المتوحش كصورة تشويقية ومثيرة في قصائده.
  • اشتهر الشاعر الذبياني بمدحه الزائد للحاكم، حيث كتب العديد من القصائد لمدح النعمان بن المنذر. كان أسلوبه ساحرًا في الاستحواذ على العقول والقلوب، بسبب جمال وعذوبة أشعاره.
  • يعتبر الكثيرون من النقاد الشاعر الذبياني واحدا من أكثر الشعراء جرأة وشجاعة، حيث كتب قصيدة الملكة المتجردة التي أثارت الكثير من الجدل والتناقضات بين الناس.

أشعار النابغة الذبياني

توجد العديد من الأشعار التي تم إنشاؤها من قبل العقول الكبيرة، وتدرس في المدارس والجامعات، وتعتبر واحدة من أهم وأعظم الأشعار في التاريخ، ومن بين هذه الأشعار معلقة النابغة الذبياني، كليني لهم، أهاجك من سعداك مغنى المعاهد، دعاك الهوى واستجهلتك، وفيما يلي بعض قصائده:

قصيدة النصيف في الغزل للنابغة الذبياني

سَقَطَ النّصيفُ، ولم تُرِدْ إسقاطَهُ

فتناولتهُ واتقتنا باليدِ

بمُخَضَّبٍ رَخْصٍ، كأنّ بنانَهُ

عنم على اغصانه لم يعقدِ

نظرَتْ إليك بحاجة ٍ لم تَقْضِها

نظرَ السقيمِ إلى وجوهِ العودِ قامتْ

تراءى بينَ سجفيْ كلة كالشّمسِ

يوم طلوعها بالأسعد أو درة صدفية

إن جوهرها يكمن في السعادة حين يراها يأتي ويسجد أو يكون دمية

مِنْ مَرْمَرٍ، مرفوعة مِن لُؤلُؤٍ مُتتابِعٍ مُتَسَرِّدِ

لو أنها عرضتْ لأشمطَ راهب

عبدَ الإلهِ صرورة ٍ متعبدِ

لرنا لبهجتها وحسنِ حديثها

ولخالهُ رشداً وإنْ لم يرشدِ

دعاك الهوى واستجهلتك المنازل

دعاكَ الهوَى واستَجهَلَتكَ المنازِلُ

وكيفَ تَصابي المرء والشّيبُ شاملُ

وقفتُ بربعِ الدارِ قد غيرَ البلى

مَعارِفَها، والسّارِياتُ الهواطِلُ أسائلُ

عن سُعدى وقد مرّ بعدَنا

على عَرَصاتِ الدّارِ سبعٌ كوامِلُ

فسَلّيتُ ما عندي برَوحة ِ

عِرْمِسٍ تخبّ برحلي تارة وتناقلُ

موثقة ِالأنساءِ مضبورة ِ القرا

نعوبٍ إذا كلّ العتاقُ المراسلُ

كأني شَددَتُ الرّحلَ حينَ تشذّرَتْ

على قارحٍ مما تضمنَ عاقلُ

أقَبَّ كعَقدِ الأندَريّ مُسَحَّجٍ

حُزابِية قد كَدمَتْهُ الَمساحِلُ

أضرّ بجرداءِ النسالة سمحج

يقبلها إذْ أعوزتهُ الحلائلُ

إذا جاهدتهُ الشدّ جدّ وإنْ ونتْ

تَساقَطَ لا وانٍ ولا مُتَخاذِلُ

وإنْ هبطا سهلاً أثارا عجابة ً

وإنّ عَلَوَا حَزْناً تَشَظّتْ جَنادِلُ

ورَبِّ بني البَرْشاءِ ذُهْلٍ وقَيسِها

وشيبانَ حيثُ استبهلتها المنازلُ

لقد عالني ما سرها وتقطعتْ

لروعاتها مني القوى والوسائلُ

فلا يَهنىء الأعداءَ مصرَعُ مَلْكِهِمْ

وما عشقتْ منهُ تميمٌ ووائلُ

وكانتْ لهمْ ربعية ٌ يحذرونها

إذا خضخضتْ ماءَ السماءِ القبائلُ

يسير بها النعمانُ تغلي قدورهُ

تجيشُ بأسبابِ المنايا المراجلُ

يَحُثّ الحُداة َ، جالِزاً برِدائِهِ

يَقي حاجِبَيْهِ ما تُثيرُ القنابلُ

يقولُ رجالٌ يُنكِرونَ خليقَتي

لعلّ زياداً لا أبا لكَ غافلُ

أبَى غَفْلتي أني إذا ما ذكَرْتُهُ

تَحَرّكَ داءٌ في فؤاديَ داخِلُ

وأنّ تلادي إنْ ذكرتُ وشكتي

ومُهري وما ضَمّتْ لديّ الأنامِلُ

حباؤكَ وو العيسُ العتاقُ كأنها

هجانُ المها تحدى عليها الرحائلُ

فإنْ تَكُ قد ودّعتَ غيرَ مُذَمَّمٍ

أواسيَ ملكٌ تبتتها الأوائلُ

فلا تبعدنْ إنّ المنية َ موعدٌ

وكلُّ امرئٍ يوماً به الحالُ زائلُ

فما كانَ بينَ الخيرِ لو جاء سالماً

أبو حجر إلا ليال قليلة، إذا تحي

لا يوجد ملل في حياتي وإن توقفت، فلا شيء يهمني في حياتي

بعد موتِكَ طائِلُ فآبَ مصلوهُ بعينٍ

جلية وغُودِرَ الجَولانِ حزْمٌ ونائِلُ

سقى الغيثُ قبراً بينَ بصرى وجاسمٍ

بغيث من الوسمي ما زال يمطر وينزل بغزارة

ريحان ومسك وعنبر في نهايته ديمة

ثمّ هاطِلُ وينبتُ حوذاناً وعوفاً منوراً

سأُتبِعُهُ مِنْ خَيرِ ما قالَ قائِلُ بكى

حارِثُ الجَولانِ من فَقْدِ ربّه وحورانُ

منه موحشٌ متضائلُ قُعُودا له غَسّانُ

يَرجونَ أوْبَهُ وتُرْكٌ ورهطُ الأعجَمينَ وكابُلُ

خصائص الشعر في العصر الجاهلي

يعتبر العصر الجاهلي أحد أهم العصور التي شهدت الشعر والبلاغة والأدب، ولا سيما أن أعظم الشعراء خرجوا من رحم هذا الزمان، حيث كان أحد المهن وأحد السبل للحياة، وكان وسيلة الترفيه الأولى، ووسيلة العتاب والحزن والرثاء والحب والغزل، ولا سيما أن هناك خصائص مميزة لذلك العصر والتي تتمثل في:

  • تزايد استخدام التشبيه في العصر الجاهلي، وأصبح وسيلة هامة للتعبير عن بعض الأمور، وكثرت التشبيهات المستخدمة للفراسة والصحاري والجبال، نظرًا لأهميتها في ذلك العصر.
  • استخدامات الاستعارات هي واحدة من أهم سمات العصر الجاهلي.
  • الحديث عن الطبيعة ووصف الحياة الجاهلية بدقة.
  • يمكن استخدام الكلمات الكبيرة ذات المعاني العميقة للإشارة إلى المعرفة والثقافة.
  • ازداد استخدام المحسنات اللفظية، وزاد التوظيف الغنائي في الأشعار.
  • اشتهرت الأشعار في العصر الجاهلي بتفعيل الشعور الحسي لدى الشعراء.
  • كثيرًا ما يتم الكتابة عن الحب والغزل ووصف الحبيبة والعتاب.
  • استخدام المقدمات في بدايات ومطلع القصائد.
  • استخدام الحكم وتوظيفها.
  • وصف التجارب الحقيقية، والمشاعر الحية للمواقف.
  • يعني استخدام الاستطراد في الشعر مناقشة أكثر من موضوع في نفس القصيدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى