خصائص السيرة النبوية و غايتها و مقاصدها
تعريف السيرة النبوية
السيرة النبوية هي العلم الذي يبحث حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم منذ بداية حياته وحتى وفاته، وتشمل كل ما يدور في حياته وحياة أصحابه وزوجته وكل من حوله، بالإضافة إلى شرح المعجزات النبوية ونزول الوحي وحياته بأكملها. وكان عمر بن عبد العزيز ابن شهاب الزهري أول من دون السيرة النبوية تدوينا
خصائص السيرة النبوية
دراسة السيرة النبوية ضرورية لكل مسلم، خاصة العلماء الذين يهتمون بنفع الناس ونشر العلم الصحيح. وتمنح دراسة السيرة النبوية المسلم قبول الله عز وجل، كما قال الله تعالى: {ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ۚ وذٰلك الفوز العظيم} (النساء: 13). ومن أهم خصائص السيرة النبوية هي
صحة السيرة النبوية
تُعدُّ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أفضل وأصح المعلومات التي جاءت عن نبي مرسل، وذلك لأنه تم نقلها بالطرق الصحيحة المثبتة التي تضمن صحة كل ما جاء بها، وامتازت أم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالاهتمام بكل تفاصيل حياته ومعجزاته وحروبه وكل ما يتعلق به.
إذا كانت سيرة الأنبياء الصحيحة صحيحة دون شك، فإن السيرة السابقة للرسل كانت دائما تتضمن خلطا بين السيرة الصحيحة للأنبياء والأقاويل الخاطئة المتداولة بين اليهود والنصارى
بدأ العلماء في تدوين السيرة النبوية في النصف الثاني من القرن الأول الهجري، حرصوا على اتباع القواعد العلمية الصحيحة في التدوين، مثل قواعد مصطلح الحديث والتعديل، مما يضمن صحة كل ما جاء في السيرة النبوية لرسولنا الكريم.
الشمولية والقدوة
كما نعرف جميعا أن السيرة النبوية تشمل كل نواحي الحياة والإنسانية وتصف كل ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم مما يجعلها شاملة ، فيتضح فيها قصة الشاب الصغير ذات الصفات المميزة التي اختاره الله لينشر الإسلام ، وايضا نتعرف من خلالها قصة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي بذل كل ما بإمكانه لقبول دعوته الكريمة.
تظهر السيرة النبوية حنان وحسن معاملة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تجاه زوجته وأولاده وجميع من حوله. كما تظهر الجانب المميز للحاكم الذي يدير دولته بحكمة، ويرتقي بها نحو الأمام. وتروي لنا أيضا عن الصديق الأمين المثالي الذي يساعد أصدقاءه ويعاملهم بلطف ويشاركهم معلوماته دون أنانية. كما تكشف لنا الجوانب السياسية والعسكرية والقيادية الناجحة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
فكل هذه القصص تؤكد على شمول السيرة النبوية، فلا يوجد أي شيء آخر بهذا الشمول الرائع الذي يدلنا على كل ما نريده، ويجعلنا نتخذ من الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة في جميع أعمالنا ويساعدنا في اتباعه كما أمرنا الله تعالى، فكل ما كان يقوم به محمد صلى الله عليه وسلم يظهر وبوضوح في السيرة النبوية، فقال الله تعالى: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } (الأحزاب: من الآية 21)، وأيضا قال الله تعالى: { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } (آل عمران: 31).
العبودية لله
ومن خصائص السنة النبوية المميزة أنها تروي قصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أنعم الله عليه بالوحي وميزة تفرده بها عن سائر عباد الله. وعلى الرغم من ذلك، لم يتكبر رسولنا الكريم أو ينفخ في نفسه ببراعة. بل كان شخصا متواضعا ولم يتعالى على أي شخص. ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم أمته عن مدحه وتمجيده. فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم عليه السلام، فإنما أنا عبد الله ورسوله”. هذا ما رواه أحمد
يظهر من هذا الحديث الشريف الفرق بين سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسيرة باقي الأنبياء، فقد تم تحريف سيرتهم بشكل كبير.
تعد منهجا لإدارة الأزمات
مر الرسول صلى الله عليه وسلم بالعديد من الأزمات والمشاكل أثناء دعوته لنشر الإسلام. تجعل سيرته النبوية مليئة بالأحداث والأزمات التي يمكن أن تكون مرجعا في إدارة الأزمات التي نواجهها في حياتنا ومجتمعنا. قاد الرسول الأزمات بحكمة وعقل، مما ساعده على نشر الإسلام بالوحدة والإيمان دون تراجع.
تعد منهجا للتربية وبناء المجتمعات على فضائل الأخلاق
من خلال السيرة النبوية تعرفنا على أخلاق اعظم واشرف الخلق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، واتضحت قيمة الأخلاق في العديد من الأحاديث النبوية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق » ، وأيضا قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا : يا رسول الله، قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون.
توضح بعض الأحاديث المذكورة في السيرة النبوية الأخلاق السليمة التي ينبغي على رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعها، ولذلك تعتبر مرجعًا شاملاً لفضائل الأخلاق.
غايات ومقاصد السيرة النبوية
- يتعلم الفرد حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ويستخلص المعلومات والدروس المستفادة من كل ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم.
- تساعد السيرة النبوية على فهم القرآن الكريم، إذ تساعد في تبسيط وتوضيح معاني الآيات القرآنية.
- التعرف على اسباب نزول السور القرآنية.
- السيرة النبوية تساعد المسلم على الاقتداي بأفعال النبي محمد صلي الله عليه وسلم كما أمرنا الله تعالى في قوله :” لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ” الأحزاب:21 ، وايضا قال الله تعالى :” لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” سورة يوسف الآية 111
- يمكن للمسلم أن يعمق في الدين من خلال المواقف والأحاديث التي تشرح جوانب ديننا الحنيف بالكامل.
أهمية السيرة النبوية
: “تعد السيرة النبوية واحدة من أهم العلوم، حيث توضح حياة الرسول صلى الله عليه وسلم بشكل صحيح وموثوق، ولقد اهتم العديد من العلماء بجمع الأحاديث النبوية وشرحها في كتب مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم، والفرق بينهما هو أن صحيح المسلم يحتوي على حوالي أربعة آلاف حديث صحيح، في حين يحتوي صحيح البخاري على سبعة آلاف وخمسمائة وثلاثة وستين حديثا، وهو أحد أشهر علماء الحديث، وكان الصحابة يهتمون بالسيرة النبوية بشكل كبير وكانوا يحرصون على تعليمها للناس من حولهم، ولذلك تحدث العديد من العلماء عن أهمية السيرة النبوية، ومن بينها
- قال محمد بن سعد بن أبي وقاص: كان والدي يعلمنا المغازي والسرايا الخاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: `يا بني، هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوها`
- قال ابن الجوزي: “رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب إلا أن يُمزج بالرقائق والنظر في سيرة السلف الصالح، وأصلح سيرةٍ سيرة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم” ، وقال أيضا: “وأصل الأصول العلم، وأنفع العلوم النظر في سير الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.[2]