ربما لا يكون هناك فرق كبير بين أن تكون شخصًا مرحًا وأن تكون سببًا في جعل الآخرين يضحكون، وأن تصبح مع الوقت مصدرًا للضحك حتى يبدو الجميع يضحك عليك وعلى تصرفاتك الجنونية .
أبدع الكاتب الروسي فيدور دوستويفسكي في هذه القصة القصيرة التي تناقش الشعور الداخلي لبطل الرواية، ومجموعة من الأسئلة التي تتعلق بوجودنا والفرق بين السعادة والحزن، مع العلم بأن دوستويفسكي يتميز في كتاباته بالحزن والأفكار السوداوية، ولكن في هذه الرواية يتحدث عن مفاهيم جديدة للحياة والمشاعر الإنسانية .
ملخص الرواية
تبدأ الرواية بتعريف البطل لنفسه، وكيف أن أكثر ما يميزه هو الفكاهة، لكنه يوضح أن هذا الضحك يخفي وراءه آلامًا شديدة. وبسبب صعوبة حياته التي لا تمثل له أي شيء، ولا يمتلك فيها شيئًا، فهو يعيش في غرفة مفروشة بأثاث مهلهل غير صالح للاستخدام الإنساني .
في ليلة، قرر البطل الانتحار، إلا أن القدر أرسل له فتاة صغيرة فقيرة تركض نحوه تحت المطر وتطلب مساعدته. رغم احتياجها له وبعدما شرحت له أن والدتها مريضة وتحتاج للمساعدة، قرر الشخص عدم مساعدتها وانتقدها بقسوة رغم طلبها للمساعدة. ولم يتوقف البطل عن إيذاء الفتاة .
بمجرد وصوله إلى غرفته، جلس ووضع المسدس على المنضدة واتخذ قرارا بالانتحار بلا رجعة، ليتخلص من آلام الحياة التي لم يستطع مواجهتها. قبل إطلاق النار، بدأ يفكر في ما فعله مع الفتاة وكيف أصبح بلا إنسانية، لكنه تراجع عن الأمر وقرر تأجيل خطوة الانتحار إلى اليوم التالي.
في حلمه، ضرب البطل النار في صدره وشعر بكل ما يحدث بعد موته، بدءًا من اللحظة الأولى التي اكتشف فيها شركاؤه في السكن وفاته، وحتى اللحظة التي يحاسب بها ويتعرف على كيفية الحياة بعد الموت .
نبذة عن الكاتب
فيودور ميخائيلوفيتش دوستويفسكي ولد في عام ١٨٢١ وهو واحد من أهم الأدباء الذين عرفوا في الأدب الروسي وتاريخ الأدب العالمي بشكل عام. لقد كتب العديد من الروايات الأعظم على الإطلاق وتم ترجمتها إلى معظم لغات العالم. على الرغم من تخصصه الأصلي في الهندسة، إلا أنه لم يعمل في هذا المجال أبدا. نشرت أول أعماله الأدبية، التي كانت بعنوان `المساكين`، عندما بلغ الخامسة والعشرين من عمره في عام ١٨٤ .
تشتهر أعمال دوستويفسكي بالواقعية وتناول المواضيع التي تتحدث عن نفسية الإنسان ومشاعره، كما يتحدث دوستويفسكي عن الخير والشر والعدالة والظلم وموضوعات أخرى.
من أبرز أعماله الأدبية
– المساكين
– الشبيه
– قرية ستيبانتشيكوفو
– مذلون مهانون
– الجريمة والعقاب
– المقامر
– الإخوة كارامازوف
– حلم رجل مضحك
مقتطفات من رواية حلم رجل مضحك
لا يستحق شيء في هذه الحياة الاهتمام، وكان هذا مجرد شك في الماضي، ولكنني أصبحت مقتنعة بذلك بشكل كامل، وأدركت هذا فجأة دون أي شك .
يبدو كأن العالم قد خُلق لأجلي وحدي..ويكفي أن يطلق النار عليّ حتى يختفي العالم ولا يعود موجودًا .
تعلموا الكذب وأحبوه وعرفوا مواطن الجمال فيه، وربما بدأ الأمر بريئًا على سبيل المزاح، أو الغنج والدعابة واللعب، وحقيقة الأمر أن البداية كانت ذرة، لكن ذرة الكذب تلك تسربت إلى قلوبهم وأعجبتهم، بعد ذلك ظهرت اللذة بسرعة، والغيرة بدورها
لم أعرف متى بدأت القسوة، لا أتذكر، لكن بعد قليل سفح الدم الأول، فادهشوا وذعروا وتباعدوا عن بعضهم، ثم ظهرت التحالفات، ولكنها كانت تصب في مصلحة الفرد وليس في مصلحة المجموعة، وبدأت المعاتبات
هل يوجد عذاب على هذه الأرض الجديدة؟ في أرضنا، لا يمكننا الحب إلا مع الألم والعذاب، وفقط من خلالهما يمكننا الحب، وإلا فإننا لا نستطيع الحب بطريقة أخرى، لذلك أنا أطلب العذاب، كي أتمكن من الحب .
من الصعب على الشخص الذي يعرف الحقيقة بمفرده أن يجد من يفهمه .
حتى في تلك الليلة التي فارقتني فيها، شعرت بأن حبها يسبب لي أكثر ألما من أي وقت مضى. هل هناك عذاب في هذه الأرض الجديدة؟ في أرضنا، لا يمكننا أن نحب إلا بوجود الألم والعذاب، فقط من خلالهما نستطيع أن نحب. إلا أننا لا نعرف حبا آخر، كم أشتاق في هذه اللحظة أن أقبل الأرض وأغسلها بدموعي، تلك الأرض التي هجرتها ولا أرغب فيها، بل لا أستطيع العيش إلا عليها .
ومن الأمور الغريبة أنهم، رغم فقدانهم الإيمان بسعادتهم السابقة وتسميتهم لها بالحكايات أو الخرافات، لا يزالون يسعون بقوة لاستعادة براءتهم وسعادتهم .
وصلت إلى درجة عدم اهتمام بحيث أنني تمنيت في النهاية أن أجد دقيقة واحدة تستحق الاهتمام .
بدأت المحاكمات العقلية تتوالى، وأنا أقلب الأمور: إذا كنت بشرا ولست صفرا، ولم أصبح صفرا بعد، فهذا يعني أنني على قيد الحياة وأستطيع أن أشعر بالألم والغضب والخزي بسبب ما ارتكبته. إذا قررت الانتحار، فما الذي سيهمني بعد ساعتين، مثلا، من حياة الفتاة، وما الذي يعنيني من الخزي وكل ما يفوق سطح الأرض؟ في تلك اللحظة، سأتحول إلى العدم، إلى عدم الوجود .