حوار بين الكتاب والانسان

الكتاب هو مصدر العلم والمعرفة الأول والأساسي، وهو الرفيق الأفضل للإنسان، إذ يكشف عن العالم المحيط به بصورة تعليمية هادفة. ومع ذلك، بدأ الإنسان في تجاهل وجود الكتاب في كثير من الأحيان بسبب وجود التكنولوجيا الحديثة التي اقتحمت كل جوانب الحياة، وأصبحت تلك الوسائل هي المصدر الأساسي للمعرفة. ومع ذلك، يظل الكتاب هو السيد الذي يجلب العلم بالطرق الصحيحة، لأن الطرق المستحدثة قد تحمل في طياتها الفساد إلى جانب المعرفة. وعلى سبيل المثال، إذا تخيلنا حوارا بين الكتاب والتلفزيون، فسيكون الكتاب هو السيد الذي ينتصر، لأنه المصدر الرئيسي للنور والعلم.

حوار متخيل بين الكتاب والإنسان

يمكنك تخيل أن الكتاب يتحدث إلى الإنسان وينتقده بسبب هجرته. فماذا سيجيب الإنسان؟ وكيف سيقنعه الكتاب برأيه؟ فيما يلي مناظرة بين الكتاب والإنسان:

يتحدث الكتاب الذي غطاه التراب قائلًا بنبرة حزينة إلى الإنسان : تساءل الإنسان كيف يهجره الآخرون، وهل لا يعرفون أن الله أمرهم بالقراءة؟ ولماذا عن شكله الآن وهو مدفون تحت التراب؟ ولكن هل يستطيع الآخرون إخفاء العلم والمعرفة الذي يحمله؟

أمسك الإنسان بالكتاب ثم مسح ما فوقه من تراب قائلًا : أنا آسف يا عزيزي الكتاب الجميل، ولكن هذا هو زماننا الذي نشأنا فيه، حيث توفرت العديد من وسائل الحصول على المعرفة،وبالتالي فإن وجودك ضعيف في هذا المجال

انتفض الكتاب قائلًا في حزن : يصف هذا زماننا الراهن، فالكفار يجادلون ربهم ويقولون إنَّهم وجدوا آبائهم يفعلون هذا، وأنت تعيد نفس المعنى بعبارة أخرى، فأخبرني ماذا حدث لأولئك الذين جادلوا بلا حق أو علم؟

بعد أن نظر الإنسان إلى الأرض، سرعان ما تركز على الكتاب وقال: “ألا تدرك أننا نعيش في عصر التكنولوجيا؟ حيث تم ابتكار التلفزيون والحاسوب والإنترنت، وهي جميعها وسائل يمكن أن تمنحنا المعرفة بشكل مبسط، بما في ذلك العلوم المرئية والمتحركة

اهتز الكتاب قائلًا : اخبرني يا صديقي كيف تم اختراع هذه الأجهزة الحديثة؟ واشرح لي كيف نجح المخترعون في الإبداع في جميع المجالات؟

أجاب الإنسان على وجه السرعة : تمكنوا من اختراع هذه الأشياء بسبب غزارة معرفتهم

ابتسم الكتاب متسائلًا : ومن أين حصلوا على هذا العلم؟

عضّ الإنسان على شفتيه بهدوء ثم أجاب : لقد تعلموا من الكتب يا صديقي

ابتسم الكتاب مجددًا ، ثم قال : هل تدرك أن هذه الوسائل الحديثة، التي يتم الحديث عنها، مليئة بالمفاسد إلى جانب المعرفة؟

قال الإنسان : بالطبع أعلم ذلك، ولكن لكل شخص حرية اختياره، ويتحمل كل شخص ثمن اختياراته

تساءل الكتاب : هل يمكن للإنسان اختيار كل ما هو صحيح من هذه الوسائل بدلاً من إضاعة الوقت في الأمور غير المفيدة؟ وكم مرة جلست لتتعلم شيئًا عن طريق هذه الوسائل ثم تركت العلم لتبحث في أمور أخرى لا فائدة منها؟

تنهد الإنسان قائلًا : كثيرًا جدًا… كلما بحثت عن شيء، وجدت نفسي في مكان آخر، وفعلًا يضيع الكثير من الوقت

لمع غلاف الكتاب بقوة ثم قال : وماذا عن بحثك في الكتاب؟

وضع الإنسان يده على رأسه قائلًا : يا كتاب الأعزَّاء، أنتم الأصدقاء الوفيون الذين لا يخدعون، ولا يجاملون، ولا يضلّون الحقائق، ولا يضيعون الوقت. أعترف بأنني أخطأت بحقكم، وأنتم ستظلّون التَّاج على الرأس في كلِّ زمانٍ ومكانٍ

شعر الكتاب بالسعادة والانتصار عندما فتحه القارئ وبدأ في القراءة والتصفح، مؤكدين على أهمية الكتاب في حياة البشر في كل الأوقات.

الهدف من الحوار

يمكن تقسيم الحوار إلى نوعين، الأول هو الحوار الجدلي حيث يحاول كل طرف إثبات وجهة نظره بأي طريقة، وفي نهاية المطاف لا يتوصل الطرفان إلى نقطة تواصل. أما الحوار في شكل مناظرة، فيحاول كل طرف استخدام الحجج والأدلة التي تدعم رأيه لكي يقنع الطرف الآخر بالدليل الصحيح. الهدف من حوار الكتاب مع الإنسان هنا هو التأكيد على أهمية وجود الكتاب في حياة الإنسان، فهو الوسيلة الأولى والأهم للمعرفة والعلم.