حكم التسليمة الثانية في الصلاة لــ إبن باز
ما حكم التسليمة الثانية في الصلاة لإبن باز
الصلاة هي سبيل النجاة من النار، وهي أول ما سيسأل عنه العبد في الآخرة وأول ما سيسمعه المولود حين يولد. الصلاة دليل على أهميتها، وهي أول ما يحاسب عليه المسلم البالغ والعاقل. الصلاة عبادة لا تسقط بالفقر كالزكاة، ولا بالمرض كالصيام، ولا بالحج. دعوة الناس للسجود دليل على قدرتها في الإسلام. الصلاة هي صلة العبد بربه
وبناء على أهمية الصلاة الكبيرة، فإن الاستفسار والتعلم عنها يعدان من الأمور المساعدة على أداء صحيح، وتجنب أي شيء يمكن أن يؤثر على صحتها أو يفقدها، بدءا من الطهارة وصولا إلى الانتهاء من الصلاة والانفكاك منها، ولذلك فإن الحاجة إلى تعلم أركان الصلاة والواجبات تساعد على أداء صلاة صحيحة ومقبولة بإذن الله، ومعرفة ما يجب عدم الجهل به
ومن بين الأحكام الإسلامية التي يبحث الناس عنها لمعرفة حكمها الصحيح التسليم في الصلاة، وبالأخص التسليمة الثانية، حيث يقول الشيخ ابن باز، في فتواه عن التسليمة الثانية أنها تسليمة صحيحة واجبة، وذلك بناء على ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يسلم في آخر الصلاة عن الاتجاهين اتجاه اليمين، واتجاه الشمال، وهو بالتكرار، أي أن النبي قام به بشكل متكرر.
يشير الشيخ هنا إلى أن التكرار هو الأولوية في الصلاة ، وأن التسليم مرة واحدة فقط يكفي ، لذلك يجب على المسلم أن يتبع النبي في التكرار والتسليمة الثانية
جاءت الدلالة على ذلك من الروايات والأحاديث النبوية الصحيحة التي نقلت للمسلمين عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، حيث أمرهم بأن يصلوا كما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، وبعض الفقهاء يرون أن التسليمة الثانية سنة، بينما يرى الإمام ابن باز أنها فرض وركن مثل التسليمة الأولى للحفاظ على سنة النبي.
وقد ورد اختلاف عن الفقهاء في حكم التسليمة الثانية، وقد قال فيها بعضهم، باعتبار من لا يفرض التسليمة الثانية قد أوقف العمل بسنة، وهي سنة صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عدد غير قليل نقله من الصحابة وصل إلى خمسة عشر صحابي، أكد على فعل النبي لها، حيث أقر جميعهم، بتسليم النبي بعد الصلاة يمين ويسار، وقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله.
وهناك رأي أخر استدل بحديث نبوي، وفي الحديث الشريف كان صلى اللهُ عليه وسلَّم إذا أوتَرَ بتسعِ ركعاتٍ لم يقعُدْ إلَّا في الثامنةِ، فيحمَدُ اللهَ ويذكُرُه ويدعو ثم ينهَضُ ولا يُسلِّمُ، ثم يُصلِّي التاسعةَ، فيجلِسُ فيذكُرُ اللهَ عزَّ وجلَّ ويدعو ويسلِّمُ تسليمةً يُسمِعُنا، ثم يُصلِّي ركعتينِ وهو جالسٌ، فلمَّا كبِرَ وضعُفَ أوتَرَ بسبعِ ركعاتٍ لا يقعُدُ إلَّا في السادسةِ، ثم ينهَضُ ولا يُسلِّمُ ثم يُصلِّي السابعةَ، ثم يُسلِّمُ تسليمةً، ثم يُصلِّي ركعتينِ وهو جالسٌ، ثم يُسلِّمُ تسليمةً واحدةً: السَّلامُ عليكم، يرفَعُ بها صوتَه حتَّى يوقِظَنا )) رواه النسائي.
اختلف علماء الفقه في مسألة التسليم في الصلاة، فقال بعضهم إن التسليم مرة واحدة هو الواجب، وقال الحنابلة إن أحد أركان الصلاة هو التسليم تسليمتين والثانية سنة، وقال بعض الأئمة والتابعين إن التسليم مرة واحدة هو جائز.
وقد ثبت بالتكرار عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أتى بالتسليمة الأولى، والثانية، في الصلاة المكتوبة، كما روى أحمد ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه و يساره: ” السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ” حتى يرى بياض خده، ولذا أخذ البعض بالتكرار.
أما الذين يرون أن التسليم في الصلاة يكون بتسليمة واحدة فإنهم يستندون إلى حديث السيدة عائشة رضي الله عنها الذي رواه الترمذي والحاكم، وفيه يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يسلم في الصلاة بتسليمة واحدة يميل رأسه قليلًا إلى اليمين، ولذلك لا يرون أن التسليم بتسليمة ثانية ضروري.
حكم من أخطأ في التسليمة الثانية
يرى علماء الفقه أن من أخطأ في التسليمة الثانية بعد الانتهاء من التسليمة الأولى فصلاته صحيحة، وهي مقبولة، وهو ما رآه الكثير من أهل العلم وأن في صلاة الجماعة، يسلم يمين ويسار هذا لمن كان إمام، أما من كان مأموم، فيسلم يمين ويسار، ويعيد التسليم إذا أخطأ فيه، وإذا كان المصلي مأموم أو إمام فله أن يسجد سجدة سهو عن خطأه، ولو حدث وجاء بالتسليمة الأولى وجاءت التسليمة الثانية على أي وجه ما دام غير متعمد، فتصح الصلاة لأن التسليمة الأولى هي التسليمة الواجبة عند جمهور العلماء، لذا فإن التسليمة الثانية لا يترتب شئ عندهم بالخطأ فيها.
حكم التسليم مرة واحدة في الصلاة
يتساءل البعض في بعض الأحيان عن حديث النبي المتعلق بالتسليمة الواحدة، ويسألون هل يجب أن يتم السلام على الجهة اليمنى والجهة اليسرى، وهل الجهة اليمنى من السلام فرض والجهة اليسرى سنة؟ ويجيب العلماء على هذه الأسئلة بأن السلام على الجهتين اليمنى واليسرى ليس فرضًا، وجهة اليمين من السلام سنة وجهة الشمال سنة أيضًا
- تعد التسليمة الأولى واجبة وفقًا لرأي أهل الفقه، حيث صرح به الأئمة الأربعة، ولكن هناك رأي آخر لأصحاب المذهب الحنبلي بأن كلا التسليمتين واجبتين.
- الرأي الأكثر رجحانا هو أن التسليمة الأولى واجبة، بينما التسليمة الثانية ليست واجبة، وذلك بناء على فعل النبي الذي اكتفى بتسليمة واحدة فقط. وقد روى أحمد عن عائشة رضي الله عنها في وصف صلاة الوتر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: `… ثم يجلس ويشهد ويدعو، ثم يسلم تسليمة واحدة: السلام عليكم`، وكان يرفع صوته بها حتى يوقظنا.
ويمكن استنتاج من ما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يختم صلاته بتسليمة واحدة فقط في بعض الأوقات، ولو كانت الصلاة تتطلب تسليمتين لما اكتفى النبي بتسليمة واحدة، وبناءً على ذلك اعتبر البعض أن التسليمة الثانية على اليسار غير إلزامية ويكفي تسليمة واحدة فقط.
حُكْمِ الالتفات في التسليم في الصلاة
يتم اكمال صلاة المسلم لكي يتخلص منها، وبعد ذلك تكون الصلاة قد انتهت ويكون للعبد الحق في استئناف نشاطه في الحياة، وبالتالي يكون بإمكانه البدء في حياته اليومية بالاستسلام، ولكن ما هي الصيغة المحددة لهذا الاستسلام الذي يعنى به انتهاء الصلاة وتخلص منها، هل له خاصية محددة تحدد ذلك وتعتبر بها الصلاة قد انتهت، وقد يلاحظ المصلي أنه يلتفت إلى اليمين واليسار لإنهاء صلاته بهذه الطريقة، فهل هذا يعتبر من السنة.
تعد من سنن الصلاة الالتفات على الجهتين اليمين واليسار في السلام، حتى يمكن لمن يرى خلف المصلي خده، بمعنى أن من يجلس خلفه يستطيع أن يرى مع التفات المصلي جزء الوجه الذي يطلق عليه الخد، وهو ما أخذ به بعض من العلماء منهم جمهور الفقهاء، والحنفية والشافعية، والحنابلة، ولهم في ذلك أدلتهم والتي يمكن أن يسوقها أصحاب المذهب باعتبار اعتمادهم على السنة.
- عن عامرِ بنِ سعدٍ، عن أبيه، قال: كنتُ أرى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُسلِّمُ عن يمينِه وعن يسارِه، حتَّى أرى بَياضَ خَدِّه.
- ذكر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره، قائلاً: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، حتى يتبينلنا بياض خده.