حكايات من التراث الانجليزي
لم تترك الحضارات ميراثا يتضمن فقط آثارا تشمل مجموعة من القصور والتحف الفنية النادرة، بل يشمل التراث الحضاري العديد من القصص التاريخية، بعضها بطولي لأشخاص نجحوا في تحقيق إنجازات جعلت أسماؤهم تحفر في صفحات التاريخ، وبعضها مأساوي لكوارث حدثت في العصور القديمة، وبعضها أسطوري وخيالي ومع ذلك تم تناقله عبر الأجيال لعدة سنوات حتى أصبح جزءا لا يتجزأ من التراث.
حكايات من التراث الإنجليزي
التراث الإنجليزي يحتوي على مجموعة كبيرة من الحكايات والأساطير الشهيرة التي ترتبط عادة ببعض الأماكن التاريخية، وتحكي عن حوادث وقعت في زمن بعيد، وتم تناقل تفاصيلها عبر الأجيال. ورغم أن العديد من هذه الحكايات هي مجرد أساطير، إلا أنها تشكل جزءا من الأدب الإنجليزي الشعبي، ومن بين أشهر هذه الحكايات التراثية الإنجليزية:
حكاية قلعة بولسفير
تُعد قلعة بولسفير الشهيرة واحدة من القصور القديمة التي يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر الميلادي، وقد تحولت الآن إلى مزار سياحي يستمتع به الزوار من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بما تحتويه من آثار خالدة.
ترتبط قصة تراثية بالقلعة، حيث يتمسك أصحاب القلعة القدماء بالبقاء فيها حتى بعد وفاتهم، ويقال أن سكان القصر القديم يتجولون في الأراضي المحيطة بالقلعة وداخل القاعات وكأنهم لا يزالون أحياء، ويذكر بعض الناس أنهم شاهدوا سير تشارلز كافنديش مالك القلعة السابق وهو يتجول في الممرات، وأن رائحة الخيول كانت تنبعث في كثير من الأحيان من مدرسة ركوب الخيل القديمة المغلقة منذ فترة.
تعتبر الحكاية الأكثر غرابة المتعلقة بقصة قلعة بولسفير هي قصة الأيدي الخفية التي تقف وراء الصفعات غير المتوقعة في كثير من الأحيان، وصوت الخطوات التي يمكن سماعها على السلالم يتبع الزائرين دون وجود شخص يسير ورائهم، والقصة الأشهر هي قصة الطفل الصغير الذي شوهد عدة مرات في القصر أو في حديقة القصر مع امرأة تمسك بيده ويتجولان سويا في الأرجاء، بالإضافة إلى قصة صوت صراخ امرأة مجهولة سمعها الكثيرون
حكاية عشاق قلعة غودريش
تعود الأسطورة المتعلقة بأشباح قلعة غودريش إلى القرن السادس عشر، حينما وقعت أليش بيرش، ابنة أخ عقيد برلماني، في حب أحد الملكيين تشارلز كليفورد. ومع ذلك، لم تكتمل قصة الحب هذه؛ إذ وقعت القلعة تحت الحصار وتعرضت لضربات عنيفة جعلت تشارلز يصبح واثقا من أن القلعة لن تصمد طويلا، وسرعان ما سيتمكن الجنود من الدخول إليها. لذلك، فكر في الفرار مع حبيبته للنجاة بأنفسهم من هذا المصير الشنيع. وبالفعل، امتطى كل من أليس وتشارلز الأحصنة وانطلقوا بأقصى سرعة لهما بعيدا عن القلعة للنجاة بحياتهم في وسط عاصفة شديدة. ومع ذلك، تابعا الطريق حتى وصلا لنهر واي، حيث فوجئا بأن مياه الأمطار جعلت منسوب مياهه يترفع كثيرا، ومع ذلك قررا عبوره بالأحصنة.
حينما نزلت الأحصنة للنهر وبعد خطوات قليلة انزلقا في المياه الطينية فجرفهما النهر ولقيا حتفهما سوياً، والأسطورة تقول بأن الحبيبين يعودان للقلعة ويمكن سماع صراخهما خاصةً في الليالي العاصفة، وجانب آخر من الحكاية يرجح بأن شبح الحبيبين شوهد في الليالي المتأخرة ويبدو عليهما الحزن من وراء أسوار القلعة المدمرة.
حكاية راهبة دير ويتني
من الحكايات الشهيرة في التراث الإنجليزي والتي تدور حول قصة راهبة شابة تدعى كونستانس دي بيفرلي قامت بخرق العهد المقدس الذي يتضمن أن تتخلى الراهبة عن رغبتها في الزواج وتهب نفسها لخدمة الرب، فوقعت في حب فارس يدعى مارميون وكان شاباً شجاعاً للغاية ولم تتمكن من إخفاء حقيقة مشاعرها تجاهه، لكن عندما اكتشفت راهبات الدير هذا الأمر قررن معاقبتها لما أقدمت عليه.
تم تنفيذ العقاب على الراهبة ببناء جدار حولها وحبسها داخله حتى فارقت الحياة، ويقول الأسطورة إن شبح الراهبة يمكن رؤيته يرتعش ويتوسل لإطلاق سراحه وإخراجها من الجدار في محيط الدير.
من القصص التراثية التي تتعلق بالدير، يمكن سماع جوقة تغني كل عام في السادس من شهر يناير، والذي يوافق التاريخ القديم لعيد الميلاد.
حكاية شبح السيدة هاورد
واحدة من أشهر القصص في التراث الإنجليزي التي تعود نشأتها للقرن السابع عشر الميلادي، عن شبح لسيدة تشاهد في كل ليلة تحديداً عند منتصف الليل للسيدة هارود، التي تسافر كل ليلة من قصر أوكيهامبتون إلى منزلها القديم الواقع في تافيستوك لكن الغريب في هذه الأسطورة أنها تسافر على عربة مصنوعة من العظام التي تعود لزوجها السابق ويقودها سائق بلا رأس ومن وراء العربة يتبعها هيكل عظمي لطفل صغير.
وفقًا للأسطورة التي يؤمن بها العديد من الأشخاص، تخرج هذه المرأة يوميًا في مهمة أبدية للتخلص من الأعشاب التي تحيط بمنزلها القديم، ويمكنها القيام بذلك بسهولة باستخدام المقصلة الحادة التي تمتلكها بضربة واحدة فقط، ويستغرق الأمر بضع ثوانٍ فقط.
حكاية أشباح دير المعركة
عام 1066م وقعت معركة هاستينغز في ساحة دير راح ضحيتها الكثير من الأشخاص في ذلك الوقت، وقد تمكنت انجلترا من الانتصار في هذه المعركة وتحتفل كل عام بإعادة تمثيل المعركة بزي فرسان من القرون الوسطى في نفس المكان ويجتمع العديد من الأشخاص لشاهدة هذه الاحتفالية الخاصة التي تجسد بطولة الإنجليز.
لكن أمر الدير وكونه موجود اليوم كمزار سياحي أمام الجميع لا يرتبط فقط بحكاية البطولة التي يجسدها هذا المكان، بل يرتبط بعدد من الحكايات التراثية التي تتمحور جميعها حول مجموعة من الأشباح التي يعج بها المكان لأرواح جنود المعركة، لكن ما يثير التعجب حول هذا الدير أن الحكايات حول الأشباح التي تسكن الدير تمكن بعض الزوار من إثباته ففي عام 2010م تمكن زائر من التقاط صورة لظل يبدو كأنه راهب مقنع يجلس ممسكاً بكتاب يقرأه، أيضاً تمكن زائر آخر من التقاط صورة لجسم يتدلى من فوق أحد أبواب الدير تحديداً حيث يوجد من قطعة من الخشب يعتقد أنها كانت تستخدم قديماً كمشنقة.
حكاية السيدة البيضاء
تعد حكايات قلعة بيري بومري من أشهر الحكايات التراثية في الثقافة الإنجليزية. ويعتقد أنها القلعة الأكثر اشتهارا بالأشباح، حيث تحتوي على عدد كبير منها. تروى العديد من القصص عن سماع أصوات مرتفعة تنبعث من القلعة ورؤية ظهور كلب أسود بشكل متكرر في محيطها. حتى الكاميرات التي وضعها العديد من الأشخاص في القلعة للتحقق من صحة هذه الحكايات كانت تسجل أفلاما فارغة أو ضبابية بشكل عام. وبالتالي، يخشى الكثيرون هذه القلعة، حتى الكلاب تخاف من المرور بجانبها.
لكن القصة التراثية الأشهر المرتبطة بهذه القلعة هو شبح امرأة كانت تدعى ماتيلدا ويعرف في التراث باسم شبح السيدة البيضاء، والتي تقول القصة الشهيرة بأنها قتلت على يدي شقيقتها، التي قامت باحتجازها في قبو برج سانت مارغريت ومنعت عنها الطعام والشراب فقامت بتجويعها لأيام حتى فارقت الحياة، ويقال أن شبح السيدة البيضاء هو أكثر الأشباح شراً وإخافة حينما يتعلق الأمر بأشباح قلعة بيري بومري.