حقيقة ” خرافة التنمية البشرية ” وأكاذيبها
هل التنمية البشرية علم
ليكون مجالًا ما علمًا، يجب أن يستند إلى نظريات تم اختبارها والتأكد من نتائجها مئات وآلاف المرات، ويجب أن يكون مبنيًا على حقائق علمية، وفي العلوم الإنسانية بالذات، فإن تجاربها ونتائج أبحاثها تتطلب سنوات طويلة من العمل والتحليل.
يعود السبب ببساطة إلى التغيرات في النتائج التي تحصل من تجربة شخصية إلى أخرى بسبب تعقيد النفس البشرية، ووجود آلاف العوامل المتغيرة، والنظريات التي تعتمد على ثوابت، وفي العلم، فإن أي حقيقة لم يتم إثباتها تُعَدُّ مجرد فرضية قابلة للتشكيك وقد يتم إلغاؤها تمامًا وإثبات عكسها.
فما ينطبق على التنمية البشرية من كل هذا، ما مصادرها، يعتبر البعض أنها مزج بين علم الإدارة وعلم النفس، ولكن على من تتم التجارب وما المعايير التي يقوم عليها، وبالبحث تجد أن فيما يسمى علم التنمية البشرية ،فكل ما يقدم في موضوعاتها هو موضوع التنمية الذاتية، ولها حدود تختصر في تنمية مهارات الفرد.
خرافات وهم التنمية البشرية
إذا كانت موضوعات التنمية البشرية هي موضوعات التنمية الذاتية، ومعنها أن يعمل الإنسان على تطوير مهاراته وقدراته، وهذا أمر مُجدي ومطلوب في ظل الحياة التي نعيشها التي تتطلب منا التطور المستمر، والذي من المفترض تعلمه على يد مختص تعلم وتعلم في تخصص جامعي بعينه، والمحتوى يقسم حسب أحتياجات الفرد ولا يعمم كما يحدث الآن.
التحدي الرئيسي في التنمية البشرية الحالية هو عدم وجود تخصص واضح لتقديمها وعدم وجود خلفية علمية قوية، كما أن المحتوى المتاح عادةً سطحي وغير مجدٍ، ويعتمد على الاجتهادات الشخصية، وغالبًا ما يكون الأسلوب الذي يتم استخدامه في تقديم المحتوى غير فعال.
تلك الأسباب السطحية هي مجرد وهم يدفعنا للتفكير بأن التنمية البشرية ليست مهمة، وتؤدي إلى حالة من الفوضى. وقد يجد البعض صعوبة في تصديق أهمية التطوير الشخصي وفائدته، ويتساءل عما إذا كان حقيقيا أم لا. ولكن يجب أن يتم التعلم الحقيقي بالتعاون مع مدرب مختص ومحتوى واقعي قابل للتطبيق، ويجب متابعة التطبيق لتحقيق أهداف التنمية البشرية.
سلبيات التنمية البشرية
سؤال هام يجب توضيحه حول محتوى التنمية البشرية. التنمية البشرية تشمل تطوير مهارات الفرد وزيادة وعيه بنفسه وبمحيطه. كما أن التحفيز المستمر والأمل والإيجابية هما السبب وراء انتشار التنمية البشرية، ولكن يجب مراعاة الإنسانية الشخصية. يجعل خطابات التحفيز المشاركين في الدورات التدريبية يشعرون بالحماس والإلهام، حيث تركز المحاضرات على استخراج الطاقة العقلية الكامنة.
يقدمون محتوى يعتمد على الكلام المبالغ فيه ويشعرك أنك بطل خارق دون أن تتعلم أي مهارة من المحاضرة، وللأسف يتم توجيه الخطاب للجميع دون مراعاة أي اختلافات فردية أو ظروف خاصة، وبعد المحاضرة يشعر المتدرب بقوة كبيرة ولا يعرف كيف يوجهها، وبعد فترة قصيرة يختفي التحفيز ويشعر بالإحباط، ومع تكرار حضور مثل هذه المحاضرات وقلة الوعي بأن المشكلة في المحتوى غير المتخصص، يشعر بأن التعثر هو شخصيته الخاصة.
ومع ذلك، لا يعني ذلك عدم وجود مدربين حقيقيين يقدمون التعليم بدون التركيز على الحفز، ولكن الواقع المحزن هو أن المدربين المنتشرين والأكثر ظهورًا هم الذين يعتمدون على التسويق لأنفسهم بشدة، وبسبب شهرتهم أصبحوا الوجه السيئ الممثل للمجال.
كيف أصبح مدرب تنمية بشرية
في الوضع الحالي يمكن لأي أحد أن يصبح مدرباً بمجرد فقط حضوره لعدد من الدورات التدريبية، دون حضور أمتحان للتأكد من حصيلة ما درسه يحصل على شهادة حضور، والدورات التدريبية كثيرة كإدارة المشاعر والبرمجة اللغوية العصبية وفن التواصل والإقناع، ولغة الجسد، إدارة الذات وغيرها وربما يتطرق لعلم النفس.
وبعد ذلك يؤهل نفسه للتدريب بدراسة TOT بمعنى تعلم كيفية التدريب، رحلة تعلم قد لا تتخطى السنة، ولكن ما حدود تلك المهنة وأثرها لا يعرف، وما المحتوى الصحيح، هل طبقت ما تعلمت، وإن طبقت فهل هذا كافي لتنقله للآخرين، باختصار لا يوجد أعتبار لأي معايير تضبط الأمر، الحقيقة أنه لا يوجد أحد بمجرد معرفته معلومة يتقنها.
وأن هناك فرق بين المرشد الذي ينقل تجربته الخاصة مع قليل من العلم والخبير المختص الذي درس من مختصين حقيقيين وطبق ودرس مرة أخرى وطور خبراته ولا يطلق على نفسة خبير إلا بعد 10 آلاف ساعة تدريبية، وللأسف المنتشر المرشدين وقليلاً ما يقدر المتدربين التفريق بينهم لقلة الوعى بالمعايير التي يقيمون على أساسها.
نقد التنمية البشرية
يمثل مجال التنمية البشرية العديد من المدربين الوهميين أوذوي الخبرة الضعيفة، ويتميز بعدة صفات أبرزها:
- يمكن لأي شخص يمتلك لباقة وقوة حضور أن يشعر بأنه لديه المؤهلات الكافية ليصبح مدربًا لتنمية الموارد البشرية، وذلك بالاعتماد على المهارات الخاصة في عرض المحتوى.
- التعلم من مصادر غير موثوقة، وقلة الوعي بأن ليس كل ما تعلمته يعتبر تعلم، بل ما طبقته بطريقة سليمة مئات المرات، قبل ذلك تعتبر المعلومة تحت التدريب، وهذا عكس ما يحدث في الواقع.
- ينبغي على المحتوى أن يكون واعيًا للمعايير التي يعمل عليها والتي تجعله مؤهلًا لتقديم الدروس بشكل فعال.
- يعاني المحتوى التدريبي الذي يتم تدريسه من السطحية، حيث يتم تقديمه من قبل العديد من المدربين الذين ليس لديهم شهادة متخصصة من معهد تدريب معتمد، ويتم تقديم هذا المحتوى على شكل مواد محولة أو اجتهادات شخصية غير مختبرة على متدربين لم يدركوا أن المحتوى يتم تقديمه بشكل سطحي.
- وبعض المتدربين يجدون مواد تدريبية ويبحثون عن مصادرها ويستخدمونها، وللأسف يتسبب ذلك في إيذاء المتدربين دون علمهم، وكذلك المدرب الذي يتعلم من مدرب يقدم معرفة سطحية ولا يدرك أن هناك معايير دقيقة للعمل، فينتشر العلم السطحي دون علمهم، ويتفاخر المدرب بما يقدمه.
- تتمثل السطحية في التعلم كطالب يدرس مادة ما مع أستاذ، ثم يقوم بجمع طلاب آخرين ويعلمهم بما تعلمه، وهذا يؤدي إلى الضلال والتضليل.
- أعتماد بعض المدربين التخصص المتعدد، فتجد البعض يعرف نفسه على أنه مدرب حياه وأخصائي نفسي وأسري وتربوي، مما يصل لسطحية، وهذا خلط بين الأخصائي النفسي والمرشد التربوي ومدرب الحياة، وتكن المشكلة أن لكل تخصص دراسة مختلفة، وحدود للعمل لكي يكون عملاً عملياً ويتجنب المجازفة والتجربة في نفوس العملاء، الذي يتم أستغلال قلت وعيهم بمفهوم التخصص وأبعاده.
- يعتمد بعض الناس على دراسة علم النفس للاكتساب المعرفة الموثوقة، ولكنهم لا يعرفون أي منهج أو مدرسة فلسفية يتبعون، وكل شخص لديه فلسفة خاصة لكنه لا ينقلها للمتدربين، ويوجد تضارب بين الاتجاهات الفكرية لدى بعضهم.
- عدم الوعي بحدود عمل المدرب، أن التدريب هو وسيلة مساعدة لتسهيل تحقيق نتائج مع المتدرب فيما يتعلق بالمحتوى.
- تحتاج جميع المعلمين والآباء وأي شخص يتفاعل مع أي فئة من الأفراد إلى آليات مساعدة لتحقيق نتائج ملموسة، ومن بين هذه الآليات هو التدريب. وأصبح التدريب الآن وظيفة لها مكانة اجتماعية مرموقة، ويتسنى تطبيقها بشكل أسهل في ظل انتشار المعرفة العامة.
- عدم وجود وعي كافي المعاير التي تكون الخبرة، التي يظنها البعض منهم مجرد الاستمرار في التدريب لمدة عام يحسب له عام خبرة، ولكن الحقيقة أن الفجوة في أي مجال لا تقل عن خمس سنوات متواصلة، أي ما يعادل 10 ألاف ساعة تدريبية 8 ساعات يومية خبرة مطورة ولا يعتمد على تكرار المحتوي فقط.