حقائق عن البلوتونيوم
المعرفة في أيدي البشر قد تكون طريقة للنجاة وتطوير الحياة لجميع سكان الكوكب، وقد تكون أيضا سببا للدمار الهائل للجميع على هذا الكوكب. على سبيل المثال، المعدن البلوتونيوم، المعدن المشع الذي تم إنتاجه في عام 1940، كان سببا في مقتل آلاف الأشخاص في اليابان عندما استخدم في صناعة قنبلة الرجل السمين التي ألقيت على مدينة ناجازاكي، وهذا كان أول استخدام عسكري للطاقة النووية أو السلاح النووي. والآن، يستخدم في توليد الطاقة في جميع أنحاء العالم.
تاريخ اكتشاف معدن البلوتونيوم
تم اكتشاف البلوتونيوم في عام 1941 من قبل أربعة علماء، وهم جلين سيبورج، آرثر وال، إدوين ماكميلان، وجوزيف كينيدي، حيث قام هؤلاء العلماء بقصف اليورانيوم-238 بديوتريونات مسرعة في جهاز سيكلوترون، مما أدى إلى إنتاج نبتونيوم-238 واثنين من النيوترونات الحرة، وتحلل النبتونيوم-238 تدريجيا ليتحول إلى البلوتونيوم-238 عن طريق التحلل بيتا.
لم يشارك فريق العلماء هذه التجربة مع المجتمع العلمي الآخر حتى عام 1946، أي بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن بعد الاكتشاف، قدم سيبورج ورقة علمية عن اكتشافهم في مجلة علمية تدعى Physical Review في مارس 1941، أي بعد اكتشافهم لهذه المادة. ومع ذلك، تمت إزالة هذه الورقة فور اكتشاف نظير البلوتونيوم-238 والذي يمكن استخدامه في إنشاء قنبلة ذرية، وهذا النظير هو البلوتونيوم-239 (Pu-239).
بداية استخدام البلوتونيوم في القنبلة النووية
تم إرسال سبورج حتى يقود مختبر إنتاج البلوتونيوم الموجود في جامعة شيكاغو والذي يعرف بمختبر Met، ووفقاً لمختبر لوس أنجلوس الوطني، كان الغرض من هذا المختبر هو إنشاء البلوتونيوم كجزء من مشروع خاص بالجيش الأمريكي ويدعي مشروع مانهاتن السري، حيث كان هذا المشروع سرياً خلال الحرب العالمية الثانية، والذي كان يعمل بشكل حصر حتى يتمكن من تطوير قنبلة ذرية لاستخدامها في الحرب.
في 18 أغسطس سنة 1942، تمكن الفريق بقيادة سبورج من تحقيق أول نجاح كبير لهم، حيث تمكنوا من أن يكونوا كمية ضئيلة من البلوتونيوم كانت بالكاد ترى بالعين المجردة، كانت تعادل فقط حوالي 1 ميكروجرام، ولكن على الرغم من هذا فإن هذا الإنتاج الضئيل يعد نجاح بالنسبة لهم، حيث مكنهم من أن يحددوا الوزن الذري للبلوتونيوم.
في النهاية، نجح مشروع مانهاتن في إنتاج كمية كافية من البلوتونيوم لإجراء اختبار يعرف بـ (اختبار الثالوث). تم تفجير أول قنبلة ذرية في العالم خلال هذا الاختبار، وذلك بالقرب من مدينة سوكورو في ولاية نيومكسيكو، في السادس عشر من يوليو عام 1945، بواسطة مدير المختبر لوس ألاموس أوبنهايمر والجنرال ليزلي جروفز.
خلال هذا الاختبار، قال أوبنهايمر: يعلم الجميع أن العالم لن يبقى كما هو، وعلى الرغم من أن بعض الأشخاص ضحكوا وبعضهم بكى، إلا أن معظم الناس بقوا صامتين. وتذكرت سطرا من الكتاب الهندوسي “بهاغافاد غيتا”، حيث يحاول “فيشنو” إقناع الأمير بأن يؤدي مهمته، ويقول له: “أصبحت الآن الموت، الذي يدمر العالمين بأكملهم”. وأعتقد أننا جميعا نؤمن بهذا الأمر بطريقة ما.
تم تقدير قوة الانفجار بما يعادل أكثر من 20000 طن من مادة الـ (TNT) المدمرة، وأول قنبلة استخدمت في هذه الحرب كانت في السادس من أغسطس سنة 1945، وألقبت بـ `الولد الصغير`، وألقيت على مدينة هيروشيما في اليابان، وكانت تحمل نواة يورانيوم واحدة، أما القنبلة الثانية التي استخدمت فألقيت على ناجازاكي في اليابان في التاسع من أغسطس سنة 1945، وكانت القنبلة الثانية أكبر حجما وأطلق عليها اسم `الرجل السمين`، وكانت تحمل نواة بلوتونيوم واحدة، وهذا كانت نهاية الحرب العالمية الثانية.
خصائص البلوتونيوم
تم إنتاج البلوتونيوم في ظروف قاسية للغاية، وهو معدن صلب وهش، ولونه فضي، وهو موصل فقير للحرارة والكهرباء، وعند تعرضه للهواء، يتكون عليه طبقة من الأكسدة الرمادية الداكنة.
جميع أشكال البلوتونيوم مشعة وتتحلل مع مرور الوقت إلى عناصر أخرى. يعد البلوتونيوم-239 واحدا من العناصر الانشطارية الرئيسية، والانشطار هو القدرة على الحفاظ على سلسلة من التفاعلات عند الانشطار النووي، وهذه الخاصية مهمة في القنابل النووية والمتفجرات النووية والمفاعلات النووية.
هل يوجد البلوتونيوم في الأرض ؟
تم اكتشاف البلوتونيوم لأول مرة من خلال تجربة علمية، كما ذكرنا سابقا. في السابق، كان يعتقد أن البلوتونيوم غير موجود في الأرض ويتم تصنيعه من اليورانيوم 238 في المفاعلات النووية. ومع ذلك، تم اكتشاف وجوده في القشرة الأرضية على الرغم من ندرته. ولذلك، يتم إنتاجه بكميات كبيرة في المعامل والمفاعلات النووية سنويا من اليورانيوم.
حقائق عن معدن البلوتونيوم المشع
كان رمز العنصر الخاص بالبلوتونيوم (PI)، ولكنه تم تغييره إلى (PU) لأنه أكثر سهولة في الاستخدام. وتم حجب اكتشاف البلوتونيوم عن العالم من قبل الحكومة الأمريكية لأنه كان من أكبر أسرار الحرب العالمية الثانية، ولم يتم الكشف عنه إلا عند استخدامه في الحرب العالمية الثانية.
يُعتبر البلوتونيوم النقي في الأساس معدنًا أبيض فضي اللون، على الرغم من أنه يتأكسد بسرعة كبيرة إذا تم تركه في الهواء.
العدد الذري للبلوتونيوم المشع هو 94، وهذا يعني أن جميع ذرات البلوتونيوم تحتوي على 94 بروتوناً، ويبلغ وزنها الذري تقريبًا 244 درجة.
تبلغ نقطة انصهار معدن البلوتونيوم 640 درجة مئوية، أي ما يعادل 1183 درجة فهرنهايت، وتصل نقطة غليانه إلى 3228 درجة مئوية، أي ما يعادل 5842 درجة فهرنهايت.
يتشكل أكسيد البلوتونيوم عند تعرض البلوتونيوم للهواء، ويشكل سطحًا للبلوتونيوم، ويتميز بالإشعاع، ويمكن أن تتألق قطعة البلوتونيوم مثل الجمر عند الاحتراق، ويعد البلوتونيوم من العناصر المشعة التي تضيء في الظلام.
عادة ما يوجد ستة أشكال للبلوتونيوم، وهناك شكل سابع يظهر عند درجات الحرارة العالية. تتمتع هذه الأشكال بهياكل وكثافات وخواص مختلفة، وتتأثر بالتغيرات والظروف البيئية المختلفة، مما يؤدي إلى تحول البلوتونيوم بسهولة من شكل إلى آخر. وبسبب ذلك، يعتبر البلوتونيوم معدنا صعبا جدا للتعامل معه. ولذلك، غالبا ما يتم خلطه بمعادن أخرى مثل السيريوم والغاليوم والألومنيوم. ويسهل ذلك عمل البلوتونيوم ويتيح إمكانية استخدامه في اللحام بواسطة هذه الطريقة.
إذا تمَّ وضع البلوتونيوم في محلول مائي، فإنَّه يتعرض لحالات أكسدة ملونة، وتتغير تلقائياً حسب حالات الأكسدة والألوان. وحالات الأكسدة اللونية للبلوتونيوم هي:
- البلوتونيوم (الثالث) هو الخزامى أو البنفسجي.
- البلوتونيوم (الرابع) هو اللون البني الذهبي.
- البلوتونيوم (الخامس) وردي شاحب.
- البلوتونيوم (السادس) هو البرتقالي الوردي.
- البلوتونيوم (العنصر السابع) يكون أخضر اللون، لكن هذه الحالة النادرة للأكسدة.
يزداد البلوتونيوم كثافةً عند ذوبانه بشكلٍ مختلفٍ عن العديد من المواد الأخرى، حيث تزيد الكثافة بمقدارٍ يقرب من 2.5% تقريبًا عندما يصل إلى نقطة الانصهار، كما يتميّز البلوتونيوم السائل بلزوجةٍ أعلى من المعتاد للمعادن.