” حسن الشريف ” حدوتة فنية إماراتية لا تنسى
الموت أمر لا يمكن أن نجادل فيه حتى وإن اختبر أقرب الأشخاص إلينا وأعز ما نملك، ولا يصح إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون، واليوم نقولها في وفاة الفنان التشكيلي الإماراتي المغفور له حسن الشريف الذي أنتهت حياته عن عمر يناهز 65 عاما، فمهما تحدثنا عن أخلاقه وصفاته، فإننا لن نتمكن من إعطائه حقه الكامل، والآن لا يمكننا إفادته سوى بالدعاء والرحمة على روحه، فقد أثر الفن التشكيلي بشكل كبير في الإمارات من خلال العديد من الفنون الرائعة، خاصة أنه كان من الجيل الأول الذي أسس الحركة التشكيلية في الإمارات، ولقد تلقى العديد من الفنانين تدريباته وأثروا بإبداعاتهم في ساحة الفن الإماراتي بصورة لا تنسى، فلم يكن مجرد فنان إماراتي عادي، بل كان له شهرة واسعة في الدول العربية والشرق الأوسط، ولوحاته وفنونه أثرت في العالم بأسره، وخاصة عندما انتشرت أعماله في الدول الغربية وأثارت إعجاب الوسط الفني العالمي. والآن سنستعرض حياة هذا الفنان ونتعرف على مميزاته وتطوراته التي مر بها الفقيد حسن الشريف، وستتضح لنا هذه النقاط في السطور التالية.
قصة فنية رائعة للفنان حسن الشريف
في بداية مسيرته الفنية، اعتمد الفنان على الرسم الكاريكاتوري في الصحف والمجلات، واستغنى عن التعبيرات الإيجابية من جمهوره مع كل رسمة يقدمها يوميا، وخاصة أنه كان يستخدم الرسوم السياسية بشكل خاص في فترة السبعينيات من القرن الماضي. ولكن تغيرت الأمور كثيرا بالنسبة له عندما ذهب إلى بريطانيا، وخاصة إلى لندن. هناك، قام بتغيير العديد من الأفكار الفنية لديه، ومن هنا بدأت الرحلة الفنية له. وعندما عاد من لندن، بدأت الانطلاقة في بلاد العرب. استخدم المواد المهملة في أعماله الفنية مثل الأسلاك والحبال والبلاستيك. أقام مرسما فنيا في دبي داخل مسرح الشباب بدبي، وأصبح هذا المكان ملتقى للفنانين التشكيليين ومركزا للإبداع في دبي. سرعان ما قام بتأسيس جمعية الإمارات للفنون الجميلة، وحظيت بتكريم من قبل فنانين ومبدعين في الأعمال الفنية مثل محمد كاظم ومحمد أحمد إبراهيم وعبد الله السعدي وحسين شريف. كل هذا يؤكد أن هذا الفنان له تأثير قوي في عالم الفن بشكل عام، وخاصة في الفن التشكيلي في المنطقة العربية بشكل عام وليس فقط في الإمارات. ولم تقتصر أعماله وموهبته على هذا الحد، بل لعب دورا كبيرا في إنشاء المعارض العالمية التي جابت جميع بلدان العالم. أقام معارض في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية أيضا. يجذب أعماله دائما انتباه العالم بأسره وليس فقط العرب والخليجيين. كان هناك جمهور كبير ينتظر تلك المعارض التي يقدم فيها أعماله الفنية، لأنها تحتوي على فن رائع وتنفيذا متميزا. لم يكن لديه قيود في عقليته الفنية ولم يسع فقط للجمال، بل كان يهدف لتقديم رؤية واقعية وحالية ومتماسكة للأشياء، ويقدمها بأسلوب جديد ومبهم للمعجبين .
لم يكن حسن الشريف مجرد رسام كاريكاتور ولم يصبح أفضل فنان تشكيلي فحسب، بل وصلت لمسة الفنان لديه إلى أبعد من ذلك. وهذا ما وجدناه فعلا في كتابة مجموعة من الكتب حول الفن الحديث ومفهوم الفن والفلسفة. وهذا يؤكد وجود ثروة فنية داخل هذا الفنان الراحل حسن الشريف. ولكن لا يمكننا أن نقول أي شيء في وفاته إلا أن لله وحده المرجعية، وبالتأكيد نتقدم نحن أسرة المرسال بتقديم أحر التعازي لجميع محبي حسن الشريف وأسرته ولأهله ولشعب الإمارات بشكل خاص. رحم الله الفقيد وإنا لله وإنا إليه راجعون