العالمحروب

حرب الساحل البربري

شهد التاريخ العربي والأمريكي حربا قوية استمرت لسنوات طويلة، واشتهرت بـ”حرب الساحل البربري”، وجرت بين دول شمال أفريقيا والـولايات المتحدة الأمريكية. وقد حدثت هذه الحرب مرتين متباعدتين نسبيا. وتسببت كلا الحربين في نتائج لا زالت تشهد لها حتى يومنا هـذا بأنها كانت نقطة تحول في حياة الأمريكيين ودولتهم المستقلة حديثا عن بريطانيا ودول الساحل البربري الشبه مستقلة والخاضعة للحكم العثماني.

جدول المحتويات

حرب الساحل البربري

  • يشار إليها تاريخيًا باسم حرب طرابلس في الفترة الأولى (1801-1805)، وباسم الحرب الجزائرية (1815).
  • جرت الحروب الاثنتان بين الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة آنذاك ضد بريطانيا، وبين دول شمال إفريقيا العثمانية (طرابلس، تونس، الجزائر) المعروفة باسم دول الساحل البربري.
  • كانت دول الساحل البربري شبه مستقلة ومخضعة لحكم الدولة العثمانية.
  • تمتلك السلطنة العثمانية حماية البحر الأبيض المتوسط بأكمله، وكانت تأخذ رسومًا من الدول الأوروبية مقابل حماية رحلات سفنها في البحر الأبيض المتوسط من هجمات القراصنة.
  • حدث أن استقلت الولايات المتحدة الأمريكية عن الحكم البريطاني، ورفعت علمها على السفن وخرجت إلى البحر، واستقبلتها البحارة الأتراك واستولوا على كل محتويات السفن.
  • لحل أزمة القرصنة، اتفقت الولايات المتحدة والدولة العثمانية على عقد معاهدة تتضمن استرداد جميع الأسرى وعدم تعرضهم للقرصنة، مقابل دفع الرسوم السنوية.
  • استخدمت بريطانيا الثغرة الوحيدة لإفساد هذه المعاهدة عندما اقترح يوسف باشا القرمانلي إعادة النظر في شروط المعاهدة، وذلك بعد أن استمرت أمريكا في عدم دفع الرسوم لمدة عام رغم حصولها على جميع أنواع الحماية لرحلاتها البحرية .
  • في الوقت الذي كان يوسف باشا يجهز الأسطول العثماني، كانت أمريكا تدعم أسطولها البحري بشكل كبير لمواجهته.
  • بعدما قدم يوسف باشا طلبًا للحصول على رسوم سنوية من الولايات المتحدة الأمريكية وواجهه الكونغرس الأمريكي بقانون لحماية التجارة والبحارة الأمريكيين، قام بإعلان الحرب.
  • بدأت حرب الساحل البربري الأولى عام 1801، وانتهت عام 1805، وشملت مناورات بحرية، وتمكن الأسطول الليبي خلالها من إلحاق أكبر الخسائر بالأسطول الأمريكي .
  • جرت معركة درنة بعد أن تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من إقناع أحمد القرمانلي، شقيق يوسف باشا، بقدرتهم على الإطاحة بأخيه وتوليه الحكم.
  • وحالما وقعت درنة المدينة الصغيرة التي تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتقترب من تاحدود المصرية، و تبعد عن طرابلس مقدار ألف كم في أيدي الولايات المتحدة الأمريكية، استطاعت القوات العثمانية محاصرتها؛ فعمدت أمريكا للمفاوضات، ووقعت المعاهدة بدفع الضرائب والرسوم السنوية، وانتهاء حرب الساحل البربري الأولى.
  • عادت الحرب لتعلن عن بدئها من جديد، وذلك مع تقديم أمريكا للمساعدة لفرنسا خلال فترة الحروب النابليونية التي لم تنته بشكل عام إلا في عام 1815.
  • نتيجة لهذا التضارب، اقتحم قراصنة البربر سفنًا أمريكية واستولوا عليها واحتجزوا الأسرى، ولم يتم إعادة ما سرقوه إلا بعد دفع فدية.
  • في مارس 1815، قادت مجموعة من العمداء والملازمين البحريين والقباطين أسطولًا أمريكيًا يتألفه 112 مدفعًا ومجموعة من السفن والفرقاطات في الحرب.
  • انطلق الأسطول من مضيق جبل طارق إلى الجزائر، وتمكن من اسر سفينتين، وفي الأسبوع الأخير من يونيو، وبعد الكثير من المناورات، تم اللجوء كالعادة إلى سياسة المفاوضات المختلطة بلهجة التوعدات والتهديدات.
  • في شهر يوليو 1815، تم توقيع معاهدة تسمح باسترداد السفينتين المأسورتين للجزائريين، وتم تبادل أسرى أوروبيين بـ500 شخص من التابعين للداي الجزائري.
  • بعد دفع 10000 دولار مقابل السن الأمريكية التي تم الاستيلاء عليها، استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية هذه المرة الحصول على حريتها الملاحية، وذلك بعد ضمان عدم فرض المزيد من الجزية في الاتفاقية.

نتائج حرب الساحل البربري الأولى والثانية

  • بعد انتهاء الحرب البربرية الأولى، خاضت دول أوروبا حروبًا بينها، ومع ذلك، قامت بتجهيز أسطول حربي لاستعادة حقوقها في الملاحة البحرية من الأسطول الجزائري، وهذا ما حدث.
  • تعد إرسال بعثة الولايات المتحدة للحدود البربرية لإقناع العثمانيين بضرورة وقف القرصنة وإطلاق سراح العبيد المسيحيين، أقوى ما حدث في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية لاحقًا.
  • قُبِلَت طلباتها بالإيجاب في تونس وطرابلس، باستثناء الداي الجزائري الذي كان أكثر تمرُّدًا ورفضًا للأمر.
  • وتسبب تضارب الأوامر في مقتل حوالي مائتي صياد من كورسيكا وصقلية وسردينيا بعد توقيع الاتفاقية مباشرة، مما أثار غضب بريطانيا وأوروبا بالتالي واعتبروا أن المفاوضات السابقة قد فشلت.
  • في نهاية شهر أغسطس 1816، هاجم الأسطول الأمريكي الجزائر وقصفها لمدة تسع ساعات، مما أدى إلى تعطيل القراصنة وبطاريات الشاطئ، وبالتالي قبول الداي لشروط معاهدة السلام التيكان قد رفضها سابقًا.
  • بعد التوقيع على الاتفاقية في سبتمبر من العام نفسه، تم إطلاق سراح 1083 عبدًا مسيحيًا والقنصل البريطاني، وتم سداد أموال الفدية.
  • بعد الحرب التي استمرت لمدة ست عشرة سنة، أصبحت الجزائر وتونس مستعمرات فرنسية في الفترة من 1830 إلى 1881، وعادت طرابلس للسيطرة العثمانية مرة أخرى في عام 1835.
  • تمكنت إيطاليا فيما بعد من السيطرة على طرابلس في عام 1911 بعد استغلال وضع السلطة العثمانية لصالحها.
  • في منتصف القرن العشرين، تمكنت السفن الأوروبية من السيطرة على الحكومة في شرق شمال أفريقيا.
  • وفي النهاية، يعود الفضل في استعادة قوة وتأثير الأسطول إلى التمسك الثابت منذ البداية، حيث نجح في استعادة كيانه وقوته وتأثيره الملاحي مرة بعد مرة، واستطاعت السفن الحربية الحديدية والمدرعات البحرية الأوروبية السيطرة على البحر الأبيض المتوسط.

تحليل نتائج حرب الساحل البربري

ربما كانت تلك هي المرة الأولى التي تقدم فيها الولايات المتحدة الأمريكية على حرباً طال بها المدى كحربها مع دول الساحل البربري. وربما كانت تلك هي المرة الأولى التي تحيا فيها الولايات المتحدة الأمريكية استقلالاً، كالذي حيته منذ استقلالها عن بريطانيا، ورفعها لعلمها لأول مرة 1983.

ساعدتها الحرب في فرض سيادتها البحرية، وسعت إلى تشكيل أسطول بحري، ولا تزال تشهد الكثير من الأحداث التاريخية، وتمتلك الكثير من الدول في أوروبا والعالم كله القدرة والتفوق العسكري.

كما تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية إلى توقيع معاهدة صلح، تحتوي على 22 مادة مكتوبة باللغة التركية، وكانت تلك هي المعاهدة الوحيدة في تاريخ المعاهدات التي وقعتها الأمم المتحدة التي تُكتب بلغة غير الإنجليزية وهي اللغة التركية، ووفقاً لها قامت الولايات المتحدة بدفع ضريبة سنوية، وبموجب تلك المعاهدة نفسها، نالت الولايات المتحدة الأمريكية حريتها، واستردت أسراها، وكفلت لنفسها الحق في عدم تعرضها للحرب مرة أخرى.

ومن جهة أخرى رغم امتلاك السلطة العثمانية لقواتها من الخيالة، والمشاة، والكتائب المقاتلة، و الانكشارية والذين كانوا يتقاضون مقابلاً مادياً نظير تثبيتهم لأركان الجيش، وقتالهم البارع، ووجود أسطول للولاية بسفنه ، وبحارته، تتلخص مهمته في تحصيل الأموال، والحفاظ على هيبة السلطنة داخل البلاد وليس خارجها.، مع وجود الشاويشية للحفاظ على القصر والمدينة، إلا أنها لم تلح مع مرور الوقت بسبب انهيار السلطة العثمانية، وهو ما فطن إليه المبعوثين الأمريكيين، واستطاعوا من خلاله أن ينزلوا بعدوهم أشد الخسائر وبالتالي الفوز بالحرب وإن طال الأجل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى