حديث النبي الذي أعجب بقومه
عن صهيب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرك شفتيه في أيام الحنين، بشيء لم يكن يفعله قبل ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: `إن نبيا من الأنبياء الذين كانوا قبلكم أعجبته أمته، فقال: لن تشتهي هؤلاء شيئا، فأوحى الله إليه: أن خيرهم بين ثلاثة أمور، إما أن ينزل عليهم عدو من غيرهم فيستبيحهم، أو يصيبهم الجوع، أو يأتيهم الموت، فقالوا: ليس لنا طاقة للقتل أو الجوع، ولكن الموت قال: فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `فمات منهم سبعون ألفا، فأنا الآن أقول: اللهم بك أحاول وبك أصبر وبك أقاتل.
رواية أخرى للحديث:
عن صهيب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّ الله عليه وسلّم إذا صلى همس شيئًا لا أفهمه ولا يخبرنا به، قال: «أفطنتم لي؟ قلنا: نعم. قال: إنّي ذكرت نبيًّا من الأنبياء أعطي جنودًا من قومه، فقال: من يكافئ هؤلاء؟ أو من يقوم لهؤلاء؟ فأوحي إليه أن اختر لقومك إحدى ثلاث، إمّا أن نسلّط عليهم عدوًّا من غيرهم أو الجوع أو الموت، فاستشار قومه في ذلك، فقالوا: أنت نبيّ الله، فكلّ ذلك إليك، خر لنا، فقام إلى الصلاة وكانوا إذا فزعوا؛ فزعوا إلى الصلاة فصلّى ما شاء الله، قال: ثمّ قال: أي رب! أمّا عدوّ من غيرهم، فلا، أو الجوع، فلا، ولكن الموت، فسلّط عليهم الموت، فمات منهم في يوم سبعون ألفًا، فهمسي الّذي ترون أنّي أقول: اللهمّ بك أحول وبك أصول وبك أقاتل»
معاني المفردات:
الهمس: التكلم بكلام خفي لا يكاد يفهم.
وبك أقاتل: أي أعداءك.
وبك أحاول: يعني أنا أتحرك، ويعني أنا أصرف كيد العدو وأحتال عليهم.
وبك أصول: عليك أن تستعرض قوتك وتهزم العدو وتقضي عليه.
شرح الحديث:
عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم كان يهمس بعد الصلاة في أيام غزوة حنين بكلام غير مسموع ولما سألوه عن همسه ذلك، قال صل الله عليه وسلم أنه تذكر ما كان من أمر نبي قبله ولم يذكر اسم النبي، وكان هذا النبي يعجب بقومه أو بجنوده في إحدى الغزوات ويقول لنفسه من يستطيع أن يهلكهم لما لهم من القوة والشأن العظيم فكان ذلك من العجب أو من الحسد، فأوحى الله تعالى إلى هذا النبي أن اختر لقومك إحدى ثلاث نوازل قد تنزل بهم، إما الموت، وإما غلبة عدوهم لهم وقتلهم، وإما أن يسلط عليهم الجوع.
فاستشار النبي قومه قبل أن يتخذ هذا القرار المصيري لهم، فقالوا له أنت نبي الله وأمرنا موكل إليك تعلم الخطأ من الصواب، فقام النبي إلى الصلاة وكان أمرهم إذا احتاروا في أمر أن يلجأوا إلى الصلاة حتى يلهمهم الله الصواب والرشاد، فصلى ما شاء من صلاته، وبعد أن فرغ من صلاته، خاطب ربه وقد اختار الموت وعلل ذلك بأن قومه لا يحتملون الجوع ولا القتل على يد عدوهم، فأنذل الله بهم الموت فمات في ذلك اليوم سبعون ألفًا منهم.
بعد انتهاء رسول الله من قصة النبي، شرح لهم أن ما كان يهمس به لدفع العجب عنهم هو الدعاء `اللهم بك أحول وبك أصول وبك أقاتل`، وبهذا الدعاء يلجأ رسول الله إلى رب العزة في كل ما يفعل، ويعتمد عليه في دفع العجب والتخلص من الغرور الذي ينتابه.
ما يستفاد من الحديث:
– ذم العجب، والخيلاء بالنفس.
يتمثل الافتقار إلى الله تعالى في كل ما نفعله أو نقوله.
فائدة الذكر في دفع الحسد وصد العين.
– فائدة الذكر والدعاء بعد الصلاة.