تقرير مفصل عن البدون في الكويت
البدون هم مشكلة اجتماعية خطيرة تواجهها عدد كبير في دول الخليج. يحلم أصحاب هذه المشكلة بحلها منذ سنوات، وتختلف مشاكل البدون من دولة لأخرى في المنطقة. ومع ذلك، فإنهم يعانون في النهاية من صعوبات تتمثل في عدم حصولهم على الجنسية، مما يعني عدم انتمائهم لأي دولة ويتسبب في مشاكل قانونية في الإقامة الشرعية وحقوقهم الطبيعية في التعليم والعمل والمعاملات الرسمية والسفر إلى الخارج .
عندما نتحدث عن قضية البدون في دولة الكويت، نتحدث عن قضية كبيرة حيث يوجد عدد كبير من البدون الذين لا يعترف بهم الحكومة كمواطنين كويتيين. يسكن معظم هؤلاء البدون في مناطق مثل الجهراء وتيماء والصليبية. ينتمون إلى قبائل شمال الجزيرة العربية البادية. يشكل الشيعة نسبة كبيرة من البدون. قبل الغزو العراقي للكويت في عام 1990، كان العديد منهم يخدمون في الجيش والشرطة. تعد قضية البدون واحدة من القضايا المثيرة في سجل حقوق الإنسان في الكويت .
كان عدد البدون في الكويت يتراوح ما بين 220-350 ألف عام 1990 ، ولكن هذا العدد تراجع إلى 95-110 ألف عام 2010 نتيجة لسياسة الضغط والتهجير التي يتعرض لها البدون من قبل الحكومة ، وهو يمثلون 4% من سكان الكويت ، ويقسم البدون لنوعين : الأول هم عديمو الجنسية القانونيين ، وهم لا يمتلكون جنسية حتى يكستبون الجنسية الكويتية أو أي جنسية أخرى ، الثاني هم عديمو الجنسية الفعليين ، والذي اتهموا بإخفاء الجنسية الأصلية ويصعب اثبات انتمائهم لأي دولة أخرى .
يعاني البدون في الكويت من : يتعرض البدون للحرمان من الجنسية وحقوق المواطنة، مما يعني عدم حصولهم على الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الكويتيون، مثل الالتحاق بالمدارس الحكومية المجانية، والرعاية الصحية المجانية، والعمل في القطاع الحكومي، وتملك العقارات، وتوثيق عقود الزواج والطلاق، والسفر خارج البلاد، حيث لا يمتلكون جواز سفر، ورخصة القيادة، حيث لا يتمكنون من استخراج رخصة قيادة جديدة أو تجديد الرخصة القديمة، وشهادات الميلاد والوفاة، حيث أن البدون لا يتم تسجيلهم في وزارة الصحة ولا يستطيعون استخراج شهادات ميلاد لأطفالهم لإثبات حالتهم .
تاريخ قضية البدون في الكويت :
بدأت قضية البدون في الكويت في الخمسينيات من القرن العشرين وتطورت على مر العقود والمراحل المتعددة. بعض البدون يأتون من عائلات مقيمة في الكويت ولكن ليس لديهم وثائق رسمية تثبت هويتهم لعدة أجيال. بعضهم كان يعيش في بلدان عربية أخرى ولكنهم انتقلوا إلى الكويت بسبب اكتشاف النفط. تختلف أسباب ظاهرة البدون وتعزى إلى التشريعات غير المنظمة وعدم تنفيذ القوانين المتعلقة بالجنسية الكويتية التي تم إصدارها في عام 1959، أو عدم تقديم طلب الجنسية، أو إخفاء الهوية الأصلية .
كان البدون يتمتعون بالمساواة مع المواطنين الكويتيين عند استقلال البلاد عام 1961 وحتى 1991 ، والتحق عدد منهم بوظائف في الجيش والشرطة الكويتية قبل غزو العراق للكويت عام 1990 ، ولكنهم فقدوها بعد خروج القوات العراقية في 1991 ، حيث أدى الغزو العراقي لتضييق الحكومة على البدون ، واتهامهم بالتعاون مع النظام العراقي أثناء الغزو حيث أن كثير منهم ينحدر من أصول عراقية ، بالإضافة لمطالبة الحكومة لأوراقهم الرسمية .
سبب ذلك لتناقص عدد البجون خلال العشرين اخيرة للنصف طبقا للإحصائيات الرسمية ، وجهود الحكومة عام 1993 لإنشاء لجان مركزية لتوفيق أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية ، وانشاء لجنة تنفيذية عام 1996 بعد ذلك ، وقد كان القانون الكويتي يمنح العرب المقيمين بالكويت منذ 1945 والأجانب المقيمين منذ 1930 الجنسية بعد التقدم بطلب ، إلا أن هذا القانون تغير عام 2000 بينص على تجنيس 2000 شخص من البدون كل عام والمقيمين منذ 1965 ، كما يتيح ل 36 ألف ، 700 من البدون طلب الجنسية الكويتية من العدد الكلي لهم البالغ 122 ألف .
تذكر الحكومة الكويتية أسباب عدم منح الجنسية للبدون بشكل عام، وذلك يرجع إلى مساحة البلاد وعدد سكانها والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تجعل من تجنيس البدون صعبا. ويتم منح الجنسية الكويتية بنسب مدروسة ومناسبة للحفاظ على توافق المجتمع والحفاظ على مقوماته. ولذلك، وافق مجلس الأمة الكويتي على تجنيس 2000 شخص من البدون سنويا في عام 2000، ويتطلب ذلك أن يثبت المتقدمون للجنسية الكويتية أنهم كانوا يعيشون في الكويت قبل عام 1965 وألا يكون لديهم أي سجل جنائي، ويتم منح الموافقة على منح الجنسية سنويا من قبل مجلس الأمة. ويحظر القانون الكويتي ازدواج الجنسية .
أعلنت الحكومة عن منح خدمات وتسهيلات لـ 88 ألف بدون، مثل التعليم والعلاج المجاني، وإصدار شهادات الميلاد والوفاة وعقود الزواج والطلاق، ومنح حق العمل لحملة الشهادات، وصرف بطاقات التموين الخاصة بالكويتيين، وتقديم المساعدات المالية والخدمات من بيت الزكاة .
في الفترة من 2004 إلى 2005، وافقت وزارة التربية في الكويت على قبول معظم أبناء البدون في جميع مراحل التعليم بالمجان بتمويل من صناديق الخير الحكومية والأهلية. ومع ذلك، لا يزال هناك مشكلة في الالتحاق بالجامعة، حيث يتم معاملة الطلاب البدون على أساس المعايير نفسها التي تطبق على غير الكويتيين عند التقدم للجامعة .
أشارت الهيئة المركزية للمقيمين غير الشرعيين إلى أن 71 ألفا من البدون ذوي الأصول العراقية والسعودية والإيرانية وجنسيات أخرى يجب عليهم تقديم أوراقهم الرسمية للحصول على إقامة شرعية في الكويت، كما تعتزم تجنيس 43 ألفا من المستحقين للجنسية، ولذلك قررت الهيئة إصدار ألوان مختلفة للبطاقات الأمنية الخاصة بالبدون لتمييز كل فئة عن الأخرى، وسيتم تحديد لون البطاقة وفقا لإحصائيات عام 1965 وصلة القرابة بالكويتيين من الدرجة الأولى وشروط أخرى محددة .
تم طرح الحديد من المقترحات لحل مشكلة البدون لعل أبرزها اعلان وزارة الداخلية عام 2014 امكانية حصول آلاف من البدون على جنسية اقتصادية من جزر القمر واستخراج جواز سفر ، وتسجيل أبناءهم كمواطنين في جزر القمر ، مما يتيح لهم الحصول على اقامة شرعية بالكويت ، ومزيد من الميزات مثل اتعليم والعلاج والوظائف .
لكن البدون يصرون على المطالبة بالجنسية الكويتية حيث أنهم لا يعرفون وطنا غيره منذ نشأتهم وآبائهم ، إلا أنهم لا يتحملون أخطاء أجدادهم القادمين من الصحراء واللذين لم يطالبوا بالجنسية ، وتخلفوا عن الإحصاء السكاني في عام 1965 والذي بمقتضاه حصل البعض على الجنسية الكويتية ، كما يطالبوا بالالتزام باتفاقية الأمم المتخدة عام 1954 الخاصة بعديمي الجنسية ، والتي تنص على منح البدون جميع حقوقهم الإنسانية والتي يتمتع بها المواطنون .
لجأ البدون إلى تنظيم المظاهرات للمطالبة بحقوقهم، وقاموا بالاحتجاج في منطقة الجهراء في عام 2011، حيث تواجهوا مواجهات مع الشرطة الكويتية وتعرض بعضهم للإصابة. وبعد رفض مجلس الأمة الكويتي إعادة مناقشة تقرير حقوق البدون، أسست مجموعة شباب البدون الأحرار، وعدد من اللجان والمنظمات التي تعبر عنهم، وتسعى لتسليط الضوء على قضيتهم والعمل على جلب جهة ثالثة لمساعدتهم في الحصول على حقوقهم. وكانت ردود فعل أعضاء مجلس الأمة تتجه نحو ضرورة حل مشكلة البدون لصون سمعة الكويت عالميا، إضافة إلى أن قرار التجنيس السنوي لـ 2000 شخص لن يحل المشكلة في غضون 50 عاما، حيث تواجه الكويت انتقادات من منظمات حقوق الإنسان الدولية وتعرض للإحراج في المحافل الدولية، والتي تطالب أمير الكويت بحل هذه المسألة المعقدة عن طريق التجنيس والاعتراف بحقوقهم المدنية والقانونية .