تقدير الديات في العصر الحديث
الدين الإسلامي الحنيف يوجب الحفاظ على النفس ومنع كل ما يؤذيها. لذلك، الله تعالى حرم قتل النفس التي خلقها إلا بالحق. يقول الله تعالى: `ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل. إنه كان منصورا`. ولهذا، شرع الله القصاص والدية لحماية الأرواح، حتى لا يكون هناك شيء مباحا دون رادع. يقول الله تعالى: `ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون`. وبذلك، يعتبر القصاص عقوبة ترهب الإنسان عن قتل النفس، وإذا لم يكن هناك قصاص، فهناك الدية التي تفرض على الجانب المذنب.
تعريف الدية
تعرف الدية شرعا بأنها مقدار معلوم من المال يدفعه القاتل في حالة الخطأ، وهي أيضا مطلوبة في حالة العمد، نتيجة لقتله شخصا حرا معصوما. تعطى الدية لأهل القتيل كتعويض عن دمه الذي أهدر، وتشير إلى حق القتيل. ويشتق مصطلح الدية من الأداء، لأنها تكون عبارة عن مال يتم دفعه كتعويض عن القتل الذي حدث للنفس. وقد قال الله تعالى: `وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ، ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا`.
تقدير الدية في الإسلام
هناك اتفاق من جماهير أهل العلم على أن الإبل تُستخدم كأصل في الدية ، ولكن هناك أيضًا خلاف حول ما إذا كانت هي الأصل الوحيد المستند إليه في الديات أم أنه توجد أصول أخرى ، وقد استند أهل العلم إلى الأحاديث النبوية الشريفة الواردة بهذا الصدد ؛ حيث تم تقدير دية المسلم الحر مائة من الإبل ، وهو ما ورد في قول الرسول صلّ الله عليه وسلم “أَنَّ مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلًا عَنْ بَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ قَوَدٌ ، إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ ، وَإِنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ مِئَةً مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ ، وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ ، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ ، وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ ، وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ ، وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ ، وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ”.
وهناك بعض العلماء الذين يرون أن الأصل في الدية هو الإبل والذهب والبقر والغنم والورق. وهناك آخرون يزيدون عليها بالحلل. وبعض الأئمة يرون أنه يجب أن يتم تحديد قيمة الدية استنادا إلى غالبية أموال الناس في البلد. فإذا كان الذهب هو السلعة الرئيسية في أموال الناس في بلد ما، فعلى سبيل المثال، يجب أن يتم دفع الدية بقيمة مكافئة للذهب. وهذا ينطبق على كل بلد بحسب الغلبة فيه. ويجب التنبه إلى أن تقدير الفضة في الدية غير صحيح، حيث فقدت الكثير من قيمتها.
تقدير الدية في العصر الحديث
لقد ذكر جميع العلماء أن الاصل في الدية هي الإبل ، وذكروا أنه إذا لم توجد الإبل فيجب دفع قيمتها أو ما يكون بديلًا لها مما ذكره بعض العلماء ، ولذلك فإن مقدار الدية لا يتغير في الوقت الحاضر عن العصر النبوي على الرغم من تغير قيمة الإبل ؛ إلا أنه لا تزداد عن مائة ولا تقل عن ذلك ، ومما قدره بعض العلماء من الأصول الأخرى هو البقر الذي يعادل مائتين بقرة ؛ ويعادل الغنم ألف ، أما الذهب فيعادل ألف مثقال ، وهكذا تم تحديد قدر الدية والتي لا تتغير مهما تغيرت قيمة الأشياء في كل عصر.