تفسير ” يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ” وبيان سبب نزولها
هذه الآية الكريمة من سورة الطلاق، تحث النبي على طلاق النساء وحساب العدة وتحذيرهم من ترك المرأة خارج بيتها، وتحدد حدود الله في هذا الأمر، وتنبيههم على أن تجاوز حدود الله يؤدي إلى الظلم للنفس، وأن الله قادر على إحداث أمور جديدة بعد ذلك.
سبب نزول يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بطلاق السيدة حفصة، وعادت إلى أهلها، ثم أنزل الله عز وجل قوله: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن}. فقيل له: عد إليها، فإنها صائمة قوامة وهي من زوجاتك ونسائك في الجنة.
يروى أن عبد الله بن عمر طلَّق امرأته وهي حائض، فأخبر عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي غضب وأوصى بأن يطلقها ثم يراجعها بعد أن تطهر وتحيض مرة أخرى، وإذا أراد أن يطلقها بعد ذلك فليطلقها طاهرةً قبل أن يمسها، وذلك لأن هذه هي العدة التي أمر الله عز وجل بها.
تفسير الآية
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}: جاء الخطاب إلى النبي أولا تشريفا له وتكريما، ثم خاطب الأمة تبعا {فطلقوهن لعدتهن}: عبدالله قال: الطهر من غير جماع، وقال ابن عباس: لا يطلقها وهي حائض ولا في طهر قد جامعها فيه، ولكن تترك حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة، {وأحصوا العدة}: أي أحفظوها واعرفوا ابتدائها وانتهاءها لئلا تطول العدة على المرأة فيمتنع الأزواج عنها، {واتقوا الله ربكم}: أي اتقوا الله في ذلك.
{رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ}: في فترة الانتظار، المرأة لديها حق الإقامة في منزل الزوج طالما أنها مطيعة له، ولا يحق للرجل إخراجها، ولا يجوز لها الخروج أيضا لأنها محتجزة بحق الزوج أيضا، إلا إذا ارتكبت جريمة فاحشة واضحة، والفاحشة المبينة تشمل الزنا والإساءة إلى أهل الرجل بالكلام أو الأفعال
{وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ}: أي شرائعه ومحارمه {ومن يتعد حدود الله}: يعني يخرج عنها ويتجاوزها إلى غيرها ولا يأتمر بها {فقد ظلم نفسه}: يعني بذلك ظلم نفسه، {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}: يعني إنما قيدنا المطلقة في منزل الزوج في مدة العدة، عسى أن يندم الزوج على طلاقها ويخلق الله في قلبه رجعتها فيكون ذلك أيسر وأسهل. ويروي الحديث أن فاطمة بنت قيس طلقها زوجها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث الرسول بزوجها في سرية، فقال لي أخوها: اخرجي من الدار، فقالت: إن لي نفقة وسكنى حتى يحل الأجل، فقال لا، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن فلانا طلقني وإن أخاه أخرجني ومنعني السكنى والنفقة، فأرسل الرسول إلى زوجها، وقال له: «مالك ولابنة آل قيس»، فقال: يا رسول الله إن أخي طلقها ثلاث مرات، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «انظري يا بنت آل قيس، إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كان له عليها رجعة، فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى، فأخرجي وانزلي على فلانة»