تفسير ” ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده “
يستعجلونك بالعذاب والله لن يخلف وعده، ويوم عند ربك يعدُّ كألف سنة من سني الحساب، وكم من قرية ظالمة أمليت لها فأخذتها والمصير إليَّ
تفسير الآيات ابن كثير:
يقول تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ}: أي هؤلاء الكفار الملحدون المكذبون بالله وكتابه ورسوله واليوم الآخر، كما قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [سورة الأنفال: 32]، {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} [سورة ص: 16].
{وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ}: يتحدث الأصمعي عن الذين وعدهم الله بإقامة الساعة والانتقام من أعدائه، وإكرام أوليائه، ويذكر قوله إن الله لن يخلف الميعاد، ويشير إلى أن العرب تعتبر الرجوع عن الوعد لؤما والإيعاد كرما، وذلك بعد أن سأل أحدهم عمرو بن عمرو بن العلاء هل يخلف الله الميعاد
وقوله : يوم عند ربك يعادل ألف سنة مما تحسبون: أي تعالى الله لا يعجل، فإن مدة ألف سنة عند خلقه تساوي يوما واحدا عنده بالنسبة لقدرته، لأنه يعلم أنه قادر على الانتقام وأنه لا يفوته شيء، وكم هي كثيرة القرى التي أمهلها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلى النهاية تؤول
قال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثني عبدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `يدخل الفقراء من المسلمين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، خمسمائة عام.` رواه الترمذي والنسائي من حديث الثوري، عن محمد بن عمرو، وصححه الترمذي، ورواه ابن جرير عن أبي هريرة موقوفا
فقال: حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن سمير بن نهار قال: قال أبو هريرة: «يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بمقدار نصف يوم، قلت: وما نصف يوم؟ قال : أو ما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى قال : {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}
وقال أبو داود في آخر کتاب الملاحم من سننه: قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: إنني أتمنى أن يكون لأمتي القدرة على الاستمرار والعمل الجاد أمام ربها، حتى يتأخر حسابهم نصف يوم.” سأل سعد: “ما هو نصف اليوم؟” فأجاب: “هو خمسمائة سنة.
و عن ابن عباس قال: {ويوم عند ربك كألف سنة مما تعدون}: من الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض،
وقال مجاهد: تشبه هذه الآية قوله: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون} [سورة السجدة: 5]. وقد قال ابن أبي حاتم: عن محمد بن سيرين عن رجل من أهل الكتاب أسلم، إن الله تعالى خلق السموات والأرض في ستة أيام، {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون}: وجعل أجل الدنيا ستة أيام، وجعل الساعة في اليوم السابع، {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون}: فقد مضت الستة الأيام، وأنتم في اليوم السابع، فمثل ذلك كمثل الحامل إذا دخلت شهرها، في أي لحظة يمكن أن تلد تماما.