تفسير ” وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد “
في سورة النمل يتحدث عن تفقد سليمان للهدده وعدم وجودها، حيث قال: “ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين
تفسير ابن كثير للآيات:
{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ}: قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: كان الهدهد مهندساً يدل سليمان عليه السلام على الماء، إذا كان بأرض فلاة طلبه فنظر له الماء في تخوم الأرض، فإذا دلهم عليه أمر سليمان عليه السلام الجان فحفروا له ذلك المكان، حتى يستنبط الماء من قراره، فنزل سليمان عليه السلام يوماً بفلاة من الأرض فتفقد الطير ليرى الهدهد فلم يره {فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ}
فقال: ما لي لا أرى الهدهد، هل كان من الغائبين؟” وقعت يوما حادثة عندما كان ابن عباس يتحدث بهذه العبارة، وكان هناك رجل من الخوارج يدعى نافع بن الأزرق، وكان يتعارض كثيرا مع ابن عباس. فقال له: “توقف يا ابن عباس، لقد هزمت اليوم”، فسأله ابن عباس: “لماذا؟”، فأجابه نافع: “لأنك تقول إن الهدهد يرى الماء في أرض الحدود، وأن الصبي يضع حبة في الفخ ويضع ترابا عليه، فيأتي الهدهد ليأخذ الحبة ويقع في الفخ ويمسك به الصبي”. فقال ابن عباس، رضي الله عنهما: “لو لم يذهب هذا الرجل لقلت له الجواب”، ثم قال له: “ويحك، إذا نزل القدر فإن العمى يصيب العين ويذهب الحذر”. فقال له نافع: “والله لا أجادلك في شيء من القرآن أبدا.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن، عن عباد بن ميسرة المنقري، عن صدقة بن عمرو الغساني، عن هشام بن عمار، عن علي بنالحسين، رضي الله عنه، قال: كان اسم هدهد سليمان عليه السلام عنبر.
وقال محمد بن إسحاق: عندما يذهب سليمان عليه السلام إلى مجلسه الذي يجلس فيه، يفحص الطيور، وكان يأتيه نوب من كل نوع من الطيور يوميا، وفي يوم ما لم يرى الهدهد، فسأل إذا كان غائبا، وقال إنه سيعاقبه بشدة عندما يعود، وهذا يعني نتف ريشه.
وقال عبدالله بن شداد: يقولون: نتف ريش الهدهد وتعرضه للشمس، وكذلك قال بعض السلف إنه نتف ريشه وتركه ملقى ليأكله الذر والنمل، وقال الله تعالى: {أو لأذبحنه}، يعني: قتله، {أو ليأتيني بسلطان مبين}، بحجة واضحة، وقال سفيان بن عيينة: عندما قدم الهدهد، قال لها الطيور: ماذا خلفت ورائك؟ إن سليمان نذر دمك، فقال: هل استثنى؟ فقالوا: نعم، فقال: {لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين}، فقال: نجوت إذا، وقال مجاهد: إن الله حماه ببره بسبب أمه.