تفسير ” ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته “
عندما تم قتله، لم يكن هناك دليل واضح على موته، إلا أن حيوان الأرض الذي كان يأكل من جثته كشفت عن موته. وعندما سقطت جثته، أدركت الجن أنهم لو كانوا يعلمون الغيب، لكانوا تجنبوا العذاب الذي تعرضوا له.” والتفسير يتحدث عن حالة النبي سليمان عليه السلام عند وفاته.
تفسير الآية ابن كثير :
{ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ } يذكر تعالى كيفية موت سليمان عليه السلام، وكيف عمّى الله موته على الجانّ المسخرين له في الأعمال الشاقة، فإنه مكث متوكئاً على عصاه وهي منسأته مدة طويلة نحواً من سنة، فلما أكلتها دابة الأرض وهي الأرضة ضعفت وسقط إلى الأرض وعلم أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة، وتبينت الجن والإنس أيضاً أن الجن لا يعلمون الغيب كما كانوا يتوهمون ويوهمون الناس ذلك.
ورد حديث مرفوع غريب في ذلك، وقد تمت دراسته للتحقق من صحته، وقال ابن جرير عنه:
عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان سلیمان نبي الله ، عليه السلام ، إذا صلى رأی شجرة نابتة بين يديه فيقول لها : ما اسمك ؟ فتقول : كذا . فيقول : لأي شيء أنت ؟ فإن كانت لغرس غرست، وإن كانت لدواء بت، فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأی شجرة بين يديه، فقال لها : ما اسمك ؟ قالت : الخروب . قال : لأي شيء أنت ؟ قالت : لخراب هذا البيت . فقال سليمان : اللهم، عم على الجن موتتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب. فنحتها عصا، فتوكأ عليها حولا ميتًا، والجن تعمل فأكلتها الأرضة، فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب { مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ }. قال : وكان ابن عباس يقرؤها كذلك قال : « فشكرت الجن الأرضة، فكانت تأتيها بالماء ».
{ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته}: عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم يقول: قال سليمان عليه السلام لملك الموت: عندما تأمر بحياتي فأخبرني. فجاءه ملك الموت وقال: يا سليمان، تبقى لك لحظة واحدة. فدعا سليمان الشياطين وأمرهم ببناء قصر من الزجاجات ليس له باب. ثم قام سليمان يصلي واستند على عصاه. وفي هذه الأثناء، دخل ملك الموت عليه وأخذ روحه وهو يستند على عصاه. ولم يفعل ذلك سعيا للهروب من ملك الموت، والجن يعملون أمامه ويعتقدون أنه حي. ثم أرسل الله دابة الأرض، وهي تأكل العصا، وتسمى الدابة القادح، فدخلت الدابة في العصا وأكلتها، حتى عندما أكلت الجزء الداخلي من العصا، أصبحت الدابة ضعيفة وثقيلة عليها وسقطت ميتة. عندما رأى الجن ذلك، انصرفوا ورحلوا. وهذا هو ما يعنيه الله بقوله: {ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته}. وقال أصبغ: لقد وصلني أنها استمرت في أكل العصا لفترة قبل أن تسقط ميتة، وذكر السلف أكثر من واحد من هذا، والله أعلم.