تفسير قول الله ” وما جعل عليكم في الدين من حرج “
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: : “وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج، ملة أبيكم إبراهيم، هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس، فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم، فنعم المولى ونعم النصير”، وسوف نعرض تفسير قول الله عز وجل “وما جعل عليكم في الدين من حرج.
تفسير قوله تعالى: “وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ” للقرطبي
في قول الله تعالى ذِكره “وما جعل عليكم في الدين من حرج” اى ما جعل عليكم في الدين الذي تعبدونه به من ضيق، و يقول الامام القرطبي: سأل عبدالملك بن مروان علي بن عبدالله بن عباس عن هذه الآية، فقال علي ان الحرج هو الضيق فقد جعل الله لكم الكفارات مخرجًا من ذلك، و قال عبيد الله بن أبى يزيد سمعت علي بن عباس يسأل: ما هاهنا من هذيل أحد، فقال نعم، قال: ما تعدون الحرج بينكم، قال: الضيق قال و هو كذلك.
و قال آخرون معنى ذلك ” وما جعلنا عليكم في الدين من حرج” أى من الضيق في أوقات فروضكم إذا التبست عليكم، و لكنه وسع عليكم حتى تيقنوا محلها، و قال أيضًا حدثنا عمرو بن بندق قال:ثنا بن معاوية عن أبى خُلدة قال: قال لى أبو العالية أتدرى ما الحرج؟ قلت: لأ قال: الضيق و ما جعل الله عليكم من ضيق.
تفسير ابن كثير ” وما جعل عليكم في الدين من حرج “
يقول العلامة ابن كثير في تفسير قوله: وما ألزمكم في الدين من صعوبة، أي ما جعلته الشريعة عليكم من أمور يصعب عليكم فعلها، ولا ألزمتكم بما لا تطيقون، وأعطيت مثالا بالصلاة، التي هي أحد أركان الإسلام الأكبر بعد الشهادتين، فهي تتطلب أربع ركعات في الحضر وتقصر إلى ركعتين في السفر، وفي حالة الخوف يمكن أداء ركعة واحدة بعد الأئمة، ويمكن تخفيف الواجبات في حالة المرض بأداء الصلاة جالسا، وإذا كان غير قادر على ذلك، فيمكنه أداء الصلاة مستلقيا، وهناك تسهيلات أخرى متاحة.
أقوال مختلفة في تفسير المقصود من الصعوبة
يوجد اختلاف في تفسير الآية على ثلاثة أوجه، و نذكرهم كالتالي:
– الأولى : قوله تعالى: من حرج أي من ضيق، و هذه الآية تدخل في كثير من الأحكام؛ و هي مما خص الله بها هذه الأمة، و يقول معمر عن قتادة أنه قال: “أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم يعطها إلا نبي: كان يقال للنبي اذهب فلا حرج عليك، و قيل لهذه الأمة: و ما جعل عليكم في الدين من حرج، و النبي شهيد على أمته، و قيل لهذه الأمة: لتكونوا شهداء على الناس، و يقال للنبي: سل تعطه، و قيل لهذه الأمة: ادعوني أستجب لكم .
– الثانية : اختلف العلماء في تفسير الحرج الذي رفعه الله تعالى، حيث يمكن أن يكون المراد هو ما أحل الله من النساء بما فيهم المثنى والثلاث والرباع، ومن ملكت يمينك. وقد قيل أن المراد هو قصر الصلاة والإفطار للمسافر والإيماء لمن لا يقدر على الصلاة بشكل كامل، وحط الجهاد عن الأعمى والأعرج والمريض والعديم الذي لا يجد ما ينفقه في الغزوة والغريم ومن له والدان وحط الإصر الذي كان على بني إسرائيل. ويمكن تقديم وتأجيل الأهلة وفقا لأوقات الفطر والأضحى، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون.
– الثالثة: يتم رفع الحرج عندما يتبع الشخص منهج الشريعة الإسلامية، أما الأشخاص الذين يرتكبون السيئات مثل السرقة والانحراف عن الشريعة فعليهم الحرج، ويجعلونه على أنفسهم بسبب انحرافهم عن الدين. ولا يوجد في الشريعة حرج أكبر من إجبار شخص على الحفاظ على ثباته في سبيل الله، وذلك بالتأكيد على اليقين والعزم والإصرار، ولا يوجد في ذلك أي حرج .