تفسير قول الله تعالى ” ناصية كاذبة خاطئة “
يذكر الله تعالى في الآية السادسة عشر من سورة العلق عبارة (نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ)، والتي تعد إعجازاً علمياً في القرآن، وسيتم شرح تفسير هذه الآية الكريمة في هذا المقال.
تفسير قول الله تعالى ناصية كاذبة خاطئة:
– تفسير القرطبي : فسر القرطبي قوله تعالى (ناصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَة)، من خلال قوله تعالى ( كلا لئن لم ينته) وكان الله يتحدث في الآية عن أبو جهل، ويقول للرسول عليه الله والسلم أنه سيأخذ أبو جهل وسوف يذله ويهينه، وفسر قوله تعالى (لنسفعا بالناصية) أن ان الله تعالى سوف يذل أبو جهل في الآخرة ويذهب إلى جهنم ويبقى بها جزاء ظلمه، وهذا جزاء الكفر وعدم الطاعة.
فسر القرطبي في تفسيره لقوله تعالى `ناصية كاذبة خاطئة` أن الناصية التي تم ذكرها هي جبهة كاذبة في كل ما تقوله وتفعله، والمقصود بهذا الوصف هو أن صاحب هذه الناصية هو شخص كاذب وخاطئ .
– تفسير الطبري: قام الطبري بتفسير قوله تعالى “ناصية كاذبة خاطئة”، حيث كان يقصد بالناصية جبهة أبو جهل التي وصفها بأنها تحمل صفات الكذب والخطأ، وأضاف أيضًا أن تكرار كلمة “ناصية” يقلل من شأن هذه الناصية التي تميزت بكثرة الخطأ وقيامها بالأعمال المخطئة بشكل متعمد.
– تفسير السعدي : فسر السعدي الآية الكريمة “نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ” بأن الناصية أو الجبهة التي يقودها أبو جهل تتسم بالكذب ويخطئون في قراراتهم ويصرون عليها على الرغم من معرفتهم بخطئهم ولذلك فإنهم يستحقون العذاب في جهنم إلى الأبد.
– تفسير الوسيط لطنطاوي: فسر قوله تعالى (ناصية كاذبة خاطئة)، بأن الله تعالى جاء بالكلمة ناصية غير معروفة بدلا من الناصية، ليدل على الذل والإهانة. وفسر كلمة (خاطئة) وهي اسم فاعل تعني المخطئ الذي يتعمد القيام بالخطأ. ووصفت الناصية بالخاطئة لتظهر أن الخطأ كبير ومتعمد، وأن الله سوف يذل هذه الناصية التي تعتبر مظهرا للعزة والكبرياء. وأن الله ينذر الكافر بأنه إذا لم يتوقف عن الكفر، فسوف يسحبه من جبينه الذي يتميز بالكذب ويلقيه في جهنم.
الاعجاز في قوله تعالى (ناصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَة) :
تم ذكر هذه الآية الكريمة في نهاية سورة العلق، وهي إحدى السور المكية، وتعتبر السورة بأكملها إعجازًا علميًا، حيث تصف مراحل تكوين الجنين بدقة، وأثبتت الدراسات الحديثة في علم الأجنة صحة هذه المراحل، وذلك في زمن لم يكن هناك أي معرفة علمية بهذا الصدد.
– أما الأعجاز في قوله تعالى (ناصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَة)، فقد تم وصف ناصية أو جبهة الشخص الكافر وهو أبو جهل بأنها كاذبة، وقد تم اثبات حقيقة علمية حديث ظهرت في القرن التاسع عشر الميلادي، وهذه الحقيقة العلمية تشير إلى أن جبهة الإنسان في المركز الذي يقوم من خلاله الإنسان باتخاذ القرارات، ويقوم من خلاله بالتحكم في كل تصرفاته وفي حكمه على الأشياء، مما يفسر أن الله كان يصف المركز الذي يتحكم فيه أبو جهل عن تصرفاته أنه كاذب، وأن هذه الناصية تستحق أن تهان وتذل لكذبها ولأنه تخطأ عن عمد وليس عن جهل.
تم نزول القرآن الكريم في زمن لم يكن فيه أحد يعرف دور الناصية ولا كان أحد يهتم بأي مكان يتحكم فيه الإنسان بقراراته وتصرفاته، وهذا يدل على قدرة الله تعالى، فهو من خلق الإنسان وهو الذي يعلم ما لم يكتشفه العلم بعد، والناصية هي الجزء الأمامي من المخ وتقع في الجبهة وتعتبر هذه المنطقة مركز التحكم في العواطف واتخاذ القرارات، وهي المنطقة التي تؤثر في الصفات الشخصية واتخاذ القرارات.