تفسير قول الله تعالى ” لا تبطلو صدقاتكم بالمن والأذى “
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾
معاني كلمات الأية الكريمة
أولا: يعني “يا أيها الذين آمنوا”، يشير إلى الذين صدقوا الله ورسوله
ثانيا: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى، وذلك بأن تمنوا على من تصدقوا عليه وأعطيتموه من مالكم وجهدكم، ولا تعترضوا عليه بما أعطيتموه
ثالثا: يعني: الشخص الذي ينفق أمواله من أجل إظهارها للناس ويتظاهر بالكرم والجود ليحصل على إشادة وثناء الآخرين، وهو يسعى لإرضاء الناس دون أن يسعى لإرضاء الله، وفي يوم القيامة سيأخذ أجره من الناس الذين سعى لإرضائهم، ولن يحصل على أي مكافأة من الله، وسيكون حزينا لأنه خسر أجره
رابعا: من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، أي لا يؤمن بالله ولا يشهد بوحدانية الله العز والجل، لا يؤمن بيوم القيامة ولا يؤمن بيوم البعث
خامسا:يشبه مثله مثل حجر الصفوان الذي يتعرض للمطر والتراب، حيث يتزلق التراب عنه بسهولة، وهو كذلك مثل الشخص الذي ينفق ماله لينال رضا الناس، فعندما يأتي المطر، لا يبقى منه شيء
سادسا:(لا يقدرون على شيء مما كسبوا) يعني أنه من فقد ملكه أو مكتسباته فقد فقد ثروته وأجره بسبب زيفه
سابعا:`والله لا يهدي القوم الكافرين` – إن الهداية من عند الله، ومن يريد الكفر ويكتنز في قلبه ويتشبث به، ويفرح بالكفر، فلن يهديه الله وسيضله
الشرح والتفسير:
في أول آياته يدعو الله الذين آمنوا بأن لا يتخلى عن ثواب وأجرهم الذين ينفقون بسبب الظهور وطلب رضا الناس ويتحملون المشقة والأذى، ثم يقارنهم بالذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يؤمنون بيوم القيامة والحساب، ولا يصدقون في لقاء الله، ومثلهم في إنفاقهم مثل الحجر الأملس الذي يحمل بعض التراب عليه، ويتصوره الناس أرضا خصبة مثمرة، فإذا أصابه مطر غزير يزول التراب عنه ويبقى أملسا ليس عليه شيء، وهكذا يظن المنافقون أن لديهم عملا صالحا، فإذا حل يوم القيامة يتلاشى عملهم ولا يجدون لهم أجرا في الآخرة ولا يهديهم إلى سبيل الخير والرشا.
أحاديث شريفة تفسر الأية
تتحدث بعض الأحاديث عن الرياء، والعمل الذي يفعله صاحبه لا يبتغي رضا الله، ولكن يسعى لرضا الناس، وهذا يعتبر خسرانًا مبينًا، حيث يخسر ماله وجهده ودنياه وآخرته. فإن عمله لم يكن لله، فلا يكون له أجر عند الله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد في سبيل الله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما فعلت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جريء وقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال هو عالم وقرأت ليقال هو قارئ ثم أمربه فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم: “من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي به