تفسير قول الله تعالى ” قالوا ربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين”
وردت الكثير من القصص والعبر في القرآن الكريم وكذلك الكثير من الآيات التي يقف عندها المفسرون ليوضحوا معناها ويفسروا ما جاء فيها تفسيرا صحيحا، ومن ذلك ما ورد في سورة غافر الآية الحادية عشر، في قوله تعالى: “بسم الله الرحمن الرحيم إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون (10) قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلىٰ خروج من سبيل (11) ذٰلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير (12) ” صدق الله العظيم
تفسير “ربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين “
هناك العديد من التفاسير لهذه الآية، وسنستعرض التفسير الأقرب إلى المعنى المقصود به. يرون العلماء أن هذا الموقف سيحدث في يوم القيامة، عندما يرون المجرمون النار ويتأكدون أنهم سيعاقبون فيها. وسيعترفون بذنبهم ويتكلمون إلى رب العزة، يذكرونه بأنهم خلقوا وماتوا ثم خلقوا مرة أخرى وماتوا مرة أخرى، وهم يبحثون عن سبيل للخروج من هذا الموقف، ولكنهم يدركون أنهم لن يعودوا ليعيشوا ذنوبهم مرة أخرى.
تفسير الإماتتين
تفسرُ الإماتتينَ بأن الكافرينَ كانوا أمواتًا في أصلابِ آبائهم `الموت الأول`، وقد أماتهم اللهُ عندما انقضى أجلُهم `الموت الثاني`.
تفسير الإحيائتين
يشير المصطلح “الحياة الأولى” إلى الحياة التي يعيشها الإنسان بعد ولادته، بينما يشير “الحياة الثانية” إلى الحياة التي يعيشها الإنسان بعد بعثه في الآخرة من قبل الله تعالى.
هناك تفسير آخر يشرح الموت بأن الله أحياهم مرة في الدنيا ثم أماتهم، وقد عاشوا في القبر وقضوا تلك الفترة، ثم أماتهم الله مرة أخرى، وسيحييهم في يوم القيامة. وقد أعتمد الإمام السدي هذا الرأي، وتشير هذه الآية إلى اعتراف الكفار بذنوبهم، حيث يقرون ويعترفون بقدرة الله على إحيائهم وموتهم أكثر من مرة. لذلك، يؤمنون بقدرته العظيمة على إعادتهم مرة أخرى إلى الحياة الدنيا، حتى يتمكنوا من القيام بأعمال جديدة تؤدي بهم إلى النجاة من عذاب النار. ولكنهم لن يتحقق لهم ذلك، لأنهم كذبوا آيات الله في الماضي، ولو عادوا إلى الدنيا مرة أخرى، لكانوا سيمارسون نفس الأعمال التي قاموا بها في المرة الأولى.
ما وصل إليه الكافرون لم يكن إلا نتيجة لأعمالهم التي اختاروها بإرادتهم الحرة، ولم يجبر أحدٌ عليهم ولم يظلمهم الله شيئًا، بل هم من ظلموا أنفسهم، وحتى لو عادوا فسيعودون إلى ذنوبهم مرة أخرى، وتكرر معنى هذه الآية في أكثر من صورة أخرى، ونذكر منها
معنى الآية في سور أخرى
تسأل سورة البقرة: ” كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم، ثم يميتكم، ثم يحييكم، ثم إليه ترجعون ”، وتسأل سورة الشورى: ” هل إلى مرد من سبيل ”، وتسأل سورة السجدة: ” فارجعنا نعمل صالحا ”، وتسأل سورة الأنعام: ” يا ليتني نرد ” صدق الله العظيم
وهذا تأكيد على ان الكافرين سيأتون يوم القيامة وهم مقرين بذنوبهم ويحاولون أن يجدوا لأنفسهم مفرًا وسبيلاً للخروج من النار ولكن لا سبيل لذلك فقد انقضى الأمر ورفعت الأقلام وجفت الصحف فمن عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها ويوم القيامة سيلقى كل شخص جزاؤه على عمله، إن أحسن فلنفسه وإن أساء فعليها.