تفسير ” قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم “
يقول الله تعالى في سورة التوبة الآية 24: `قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتىٰ يأتي الله بأمره ۗ والله لا يهدي القوم الفاسقين`
تفسير الآية ابن كثير
الله تعالى أمر بتمييز الكفار، سواء كانوا آباء أو أبناء، ونهى عن الانتماء لهم إذا اختاروا الكفر عوضا عن الإيمان، ووعدهم بالعذاب، كما قال تعالى: “{لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم} [سورة المجادلة: 22]”. وأما إذا كانت أزواجهم وعشائرهم وأموالهم وتجارتهم أحب إليهم من الله ورسوله والجهاد في سبيله، فعليهم الانتظار حتى يأتي الله بأمره، فإن الله لا يهدي الفاسقين.
ثم أمر الله تعالى رسوله بتحذير أولئك الذين يفضلون أهلهم وأقاربهم وعشيرتهم على طاعة الله ورسوله والجهاد في سبيله، فقال: `قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالكم وتجارتكم التي تخشون خسارتها ومساكنكم التي تحبونها أكثر من الله ورسوله والجهاد في سبيله، فانتظروا حتى يأتي الله بأمره، وإن الله لا يهدي القوم المفسدين`، أي الذين يخالفون طاعته، ويفضلون حب الله عن كل ما ذكر
وروى الأمام أحمد عن زهرة بن معبد عن جده قال: وكنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمسك بيد عمر بن الخطاب. فقال عمر: والله يا رسول الله، أنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه”. فقال عمر: فأنت الآن، والله، أحب إلي من نفسي. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “الآن يا عمر” [انفرد بإخراجه البخاري].
وقد ثبت في الصحيح عنه صلى للّه عليه وسلم أنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين`. وعن ابن عمر، قال: `سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: `إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم`”. الحديث مروي عن ابن عمر ورواه الإمام أحمد وأبو داود، واللفظ لابن عمر مرفوعا
ورد في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: `ثلاثة من يجد فيها حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه من سواهما، وأن يحب الشخص لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار.` [رواه مسلم في صحيحه]