تفسير الآية ” وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود “
ألم تلاحظ أن الله ينزل من السماء ماء ونحن نخرج به أصنافا مختلفة من الثمار، بألوانها المتنوعة، وينبت الجبال بالأعشاب الخضراء والزهور ذات ألوان بيضاء وحمراء مختلفة، وتتنوع ألوان الناس والحيوانات والمواشي، فإن الله يخشى وجود العلماء من عباده، إن الله عزيز ومغفور
تفسير الآيات ابن كثير :
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا } يقول تعالى منبهاً على كمال قدرته في خلقه الأشياء المتنوعة المختلفة من الشيء الواحد، وهو الماء الذي ينزله من السماء، يخرج به ثمرات مختلفاً ألوانها من أصفر وأحمر وأخضر وأبيض، إلى غير ذلك من ألوان الثمار، كما هو الشاهد من تنوع ألوانها وطعومها وروائحها، كما قال تعالى في الآية الأخرى: { يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [سورة الرعد: 4].
وقوله تبارك وتعالى: {ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها}” تعني بأن الجبال مختلفة الألوان، فبعضها أبيض وبعضها أحمر، وبعضها يحتوي على الطرائق السوداء التي يطلق عليها “الجدد”، والتي يصفها بعض الناس بأنها “الغرابيب السود.
وقوله تعالى: الناس والحيوانات والأنعام مختلفة الألوان، وهذا ينطبق أيضا على الحيوانات من الأنواع المختلفة، بما في ذلك الحيوانات الزاحفة والمتحركة على الرجلين. يتفاوت لون الناس أيضا، حيث يوجد البربر والحبشيون الذين يتميزون بلون السواد الداكن، بينما يوجد الرومان والسكاندينافيون الذين يتميزون بلون البياض الفاتح، والعرب في وسطهم، والهنود بلون آخر، وكذلك يتفاوت لون الحيوانات والأنعام، حتى داخل النوع الواحد، وهذا دليل على عظمة الخالق.
: الحافظ البزار في مسنده روى عن ابن عباس قوله: جاء رجل إلى النبي فسأله “أي صباغة تنصحني بها لربي؟” فأجابه النبي بقوله “نعم، الصبغة التي لا ينفض منها الأحمر والأصفر والأبيض”. وقد ذكر ابن كثير أن هذا الحديث روي بإسناد مرسل وموقوف، والله أعلم به. ولهذا قال الله تعالى بعد ذلك: “إنما يخشى الله من عباده العلماء”، أي إن الذين يخشون الله حق خشيته هم العلماء الذين يعرفون الله ويعرفون ما يجب عليهم فعله وما يجب عليهم تركه. وكلما كانت المعرفة للإله العظيم القدير أتم والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر. وقال ابن عباس في تفسير هذه الآية “إنما يخشى الله من عباده العلماء”: الذين يعرفون أن الله على كل شيء قدير ويحمون حدوده وأوصافه، ويؤمنون بملاقاته ومحاسبته على أعمالهم.
وقال سعيد بن جبير: يمنعك الخوف من معصية الله عز وجل، ويقول الحسن البصري: إن العالم الذي يخشى الرحمن بالغيب يرغب فيما رغب الله فيه ويتجنب ما سخط الله فيه، ثم يقول الحسن: {إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور}، ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: ليس العلم في كثرة الحديث، ولكن العلم في كثرة الخشية، ويقول مالك: إن العلم ليس في كثرة الرواية، ولكن العلم نور يضعه الله في القلب.
وقال سفيان الثوري: كان يقال: العلماء ثلاثة، العالم بالله، والعالم بأمر الله، والعالم بالله الذي ليس عالما بأمر الله، والعالم بأمر الله الذي ليس عالما بالله، فالعالم بالله وبأمر الله هو الذي يعرف الحدود والفرائض ويخشى الله تعالى، والعالم بالله الذي ليس عالما بأمر الله هو الذي يخشى الله ولا يعرف الحدود والفرائض، والعالم بأمر الله الذي ليس عالما بالله هو الذي يعرف الحدود والفرائض ولا يخشى الله عز وجل.