تفسير الآية ” له مقاليد السماوات والأرض “
{ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ } [سورة الزمر: 63-64]
تفسير الآيات القرطبي :
قوله تعالى: { لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } واحدها مقليد. وقيل : مقلاد وأكثر ما يستعمل فيه إقليد. والمقاليد المفاتيح عن ابن عباس وغيره. وقال السدي: خزائن السماوات والأرض. وقال غيره: خزائن السماوات المطر، وخزائن الأرض النبات. وفيه لغة أخرى أقاليد وعليها يكون واحدها إقليد. قال الجوهري : والإقليد المفتاح، والمقلد مفتاح كالمنجل ربما يقلد به الكلأ كما يقلد القت إذا جعل حبالًا؛ أي يفتل والجمع المقاليد. وأقلد البحر على خلق كثير أي غرقهم كأنه أغلق عليهم.
وخرج البيهقي عن ابن عمر أن عثمان بن عفان رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير قوله تعالى: { له مقاليد السماوات والأرض } فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : « ما سألني عنها أحد لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله وبحمده استغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم هو الأول والآخر والظاهر والباطن يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير».
ذكره الثعلبي في تفسيره، وأضاف من قالها عندما يكون صباحا أو مساء عشر مرات، سيمنحه الله ستة فوائد: الأولى، سيحميه من إبليس. الثانية، سيحظر له اثنا عشر ألف ملك. الثالثة، سيمنحه قنطارا من الأجر. الرابعة، سترفع مرتبته. الخامسة، سيزوجه الله من الحور العين. السادسة، سيحصل على الأجر الذي يعادل قراءة القرآن والتوراة والإنجيل والزبور، وسيحصل أيضا على الأجر الذي يعادل أداء الحج والعمرة وقبولهما، وإذا مات في ليلته، سيموت شهيدا.
وروى الحارث عن علي قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير المقاليد، وأجاب قائلا: `يا علي، لقد سألت عن عظمة المقاليد، وهي أن تقول عشر مرات عند الصباح وعشر مرات عند المساء: لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله وأستغفر الله ولا قوة إلا بالله الأول والآخر والظاهر والباطن، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير.` من يقول هذه الكلمات عشر مرات عند الصباح وعشر مرات عند المساء، سيمنحه الله ستة صفات: أولا، سيحميه من شياطين الجن وجنودهم، ليس لهم أي سلطة عليه. ثانيا، سيعطى قنطارا في الجنة، وهو أثقل من جبل أحد في ميزانه. ثالثا، سيتم رفع درجته إلى مستوى لا يمكن للأشخاص غير الأبرار أن يصلوا إليه. رابعا، سيتزوج الله من الحور العين. خامسا، سيشهد عليه اثنا عشر ألف ملك يكتبون أعماله في سجل مشرف ويشهدون له بها يوم القيامة. سادسا، سيحصل على الأجر الذي يعادل قراءة التوراة والإنجيل والزبور والفرقان. وسيكون له مثل أجر الحج والعمرة، وإذا مات في يومه أو ليلته أو شهره، سيكون مختوما بختم الشهداء.
وقيل: المقصود بالمقاليد الطاعة هو الإطاعة للأوامر، وذلك يعني أنه يتم أطاعة الله من في السماوات والأرض. وقد يشير قوله تعالى: “والذين كفروا بآيات الله” إلى القرآن والحجج والدلائل. وأولئك الذين يكفرون بذلك هم الخاسرون كما جاء في التفسير. وقال تعالى: “قل أفغير الله تأمروني أعبد”، ويشير ذلك إلى الدعوة التي قدمها النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين الذين كانوا يدعونه إلى عبادة الأصنام ويقولون إنها دين آبائهم. وقال الله تعالى للنبي: “قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون”، ويعني ذلك أن الله يأمر النبي بالدعوة إلى الإيمان بالله وإلى ترك عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر.