تفسير الآية ” النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم “
{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ الله مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا } [ سورة الأحزاب : 6 ]
سبب نزول الآية ” وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ” :
قال ابن عباس وغيره: كان المهاجري يرث الأنصاري دون قراباته وذوي رحمه للأخوة التي آخى بينهما رسول الله صل الله عليه وسلم، وعن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: أنزل الله عزَّ وجلَّ فينا خاصة معشر قريش والأنصار: { وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ }، وذلك أنا معشر قريش لما قدمنا من المدينة قدمنا ولا أموال لنا، فوجدنا الأنصار نعم الإخوان فواخيناهم وأرثناهم، فآخى أبو بكر رضي الله عنه خارجة بن زيد، وآخى عمر رضي الله عنه فلاناً، وآخى عثمان رضي الله عنه رجلاً من بني زريق ابن سعد الزرقي ويقول بعض الناس غيره، قال الزبير رضي الله عنه، وواخيت أنا كعب بن مالك فجئته فابتعلته، فوجدت السلاح قد ثقله فيما يرى، فوالله يا بني لو مات يومئذ عن الدنيا ما ورثه غيري، حتى أنزل الله تعالى هذه الآية فينا معشر قريش، والأنصار خاصة، فرجعنا إلى مواريثنا.
تفسير الآية ابن كثير :
{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } عَلِمَّ الله تعالى شفقة رسوله صل الله عليه وسلم على أمته ونصحه لهم، فجعله أولى بهم من أنفسهم، وحكمه فيهم مقدمٌ على اختيارهم لأنفسهم، كما قال تعالى: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء : 65]، وفي الصحيح : « والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين ».
وفي الصحيح أيضاً أن عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، لقد تحببت إلي أكثر من كل شيء، حتى نفسي.” فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يا عمر، حتى أحب إليك من نفسك.” قال عمر: “يا رسول الله، لقد تحببت إلي أكثر من كل شيء، حتى نفسي.” فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “الآن يا عمر.” ولهذا قال تعالى في هذه الآية: “النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم”. وقد صحح البخاري عند هذه الآية الكريمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، إن شئتم اقرأوا: “النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم”. فأي مؤمن يترك مالا فليرثه لعائلته، ومن يترك دينا أو شيئا آخر فليأتني فأنا مولاه.” هذا حديث صحيح رواه البخاري وأحمد وابن أبي حاتم.
وقال تعالى: {وأزواجه أمهاتهم} في الحرمة والاحترام والتوقير والإكرام والإعظام، ولكن لا يجوز الخلوة بهن ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع. وقوله تعالى: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} في حكم الله {من المؤمنين والمهاجرين} أي القرابات أولى بالتوارث من المهاجرين والأنصار، وهذه ناسخة لما كان قبلها من التوارث بالحلف والمؤاخاة التي كانت بينهم، كما
وقوله تعالى : إذا لم تفعلوا حسنا مع أوليائكم، فعلى الأقل احرصوا على الحفاظ على النصيب الذي حدده الله لهم من الميراث. ولكن النصر والبر والصلة والإحسان والوصية هي الأشياء التي يجب عليكم الحرص عليها، لأنها كانت مكتوبة في الكتاب المقدس. وهذا الحكم، أي أن بعض أولياء الأرحام أفضل من بعض، هو حكم من الله مقدر ومكتوب في الكتاب الأول، ولا يمكن تغييره أو تبديله. ولكن الله سبحانه وتعالى شرع خلاف ذلك في وقت معين، لأن لديه حكمة عظيمة ويعلم أنه سيسخ هذا الحكم إلى الأزلية.