تفسير ” إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها “
إن الله لا يظلم ذرة واحدة، وإن أتت بحسنة يضاعفها ويمنح أجرا عظيما من قبله. فكيف إذا جئنا بشهود من كل أمة وجئنا بك شهيدا على هؤلاء في ذلك اليوم؟ ليتمنى الذين كفروا وعصوا الرسول أن تكون الأرض مساوية لهم، ولا يستطيعون أن يخفوا عن الله شيئا من قوله.” [سورة النساء: 40-42.]
الهدي القرآني في الآيات:
يخبرنا الله تعالى أنه لا يظلم عبدًا من عباده يوم القيامة مثقال حبة خردل ولا مثقال ذرة بل يوفيها به ويضاعفها له إن كانت حسنة كما جاء في الصحيحين عن رسول الله صل الله عليه وسلم في حديث الشفاعة الطويل وفيه يقول الله عز وجل: «ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجوه من النار» وفي رواية أخرى: «أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه من النار، فيخرجون خلقًا كثيرًا»
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: يؤتى بالعبد والأمة يوم القيامة، فينادي مناد على رؤوس الأولين والآخرين: `هذا فلان بن فلان من كان له حق فليأت إلى حقه`، فيفرح المرأة بأن يكون لها حق على أبيها أو أخيها أو زوجها، ثم يتلى: `فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون` [المؤمنون: 101]
تفسير الآيات:
{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}: إن الله لا يظلم عبدًا من عباده يوم القيامة مثقال حبة خردل، {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا}: فأما المشرك فيخفف عنه العذاب يوم القيامة ولا يخرج من النار أبدًا، وقد استدل بذلك الحديث الصحيح أن العباس قال: يا رسول الله إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعته بشيء؟ قال: «نعم، هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار»، وقد يكون هذا خاص بأبي طالب من دون الكفار بدليل ما روي عن أنس أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يظلم المؤمن حسنة، يثاب عليها الرزق في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة لم يكن له حسنة.
{وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}: قال أبو هريرة: يعني الجنة، وقال أبو عثمان: بلغني عن أبي هريرة أنه قال: بلغني أن الله تعالى يعطي عبد المؤمن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة، فقد قضيت أن أنطلق حاجا أو معتمرا، فلقيته فسألته: بلغني عنك أنك تقول: “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: `إن الله يعطي عبده المؤمن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة`”. فقال أبو هريرة: لا، بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: `إن الله عز وجل يعطيه ألفي ألف حسنة`، ثم تلا: {يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} [النساء: 40]، فمن يقدر قدره.
{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}: عن عبدالله بن مسعود قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علي» قلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: «نعم إني أحب أن أسمعه من غيري» فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية قال: «حسبك الآن» فإذا عيناه تذرفان، وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «شهيد عليهم من دمت فيهم، فإذا توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم.
{يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ}: لو انشقت الأرض وابتلعتهم بسبب الموقف المروع الذي يشهدونه والخزي والفضيحة والتوبيخ الذي ينتابهم، لن يستطيعوا إخفاء حديث الله عنهم. يشير إلى أنهم يعترفون بكل ما قاموا به ولا يخفون عنهم أي شيء.