تفسير ” إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله “
{ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ الله فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } [ سورة الأحزاب : 57-58 ].
سبب نزول الآية :
قال عكرمة { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ } نزلت في المصورين، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: « يقول الله عزَّ وجلَّ : يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر أقلب ليله ونهاره » ومعنى هذا أن الجاهلية كانوا يقولون : يا خيبة الدهر، فعل بنا كذا وكذا، فيسندون أفعال الله إلى الدهر ويسبونه، وإنما الفاعل لذلك هو الله عزَّ وجلَّ فنهى عن ذلك، وقال ابن عباس في قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ } نزلت في الذين طعنوا على النبي صلى الله عليه وسلم في تزويجه صفية بنت حيي بن أخطب.
يقول ابن كثير، ويبدو أن الآية تنطبق بشكل عام على كل من يؤذي غيره بأي شيء. ومن يؤذي الآخرين، فقد آذى الله، تماما كما أن من يطيع الآخرين، فقد أطاع الله. وقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `يا ناس! لا تجعلوا أصحابي هدفا بعدي. فمن أحبهم، فقد أحبني، ومن أبغضهم، فقد أبغضني، ومن يؤذيهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فإنه يستعد لمعاقبته.` [رواه أحمد والترمذي].
تفسير الآيات بن كثير :
{ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ الله فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } يقول تعالى متهدداً ومتوعداً من آذاه، بمخالفة أوامره وارتكاب زواجره، وإيذاء رسوله بعيب أو بنقص عياذاً بالله من ذلك، وقوله تعالى: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا } أي ينسبون إليهم ما هم براء منه لم يعملوه ولم يفعلوه { فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } وهذا هو البهت الكبير أن يحكى أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه، على سبيل العيب والتنقص لهم.
ومن أكثر من يدخل في هذا الوعيد الرافضة الذين يتنقصون الصحابة، ويعيبونهم بما قد برأهم الله منه، ويصفونهم بنقيض ما أخبر الله عنهم، فإن الله عزَّ وجلَّ قد أخبر أنه قد رضي عن المهاجرين والأنصار ومدحهم، وهؤلاء الجهلة الأغبياء يسبونهم وينتقصونهم، ويذكرون عنهم ما لم يكن ولا فعلوه أبداً، فهم في الحقيقة منكسو القلوب، يذمون الممدوحين ويمدحون المذمومين.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قيل : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيبة، فأجاب: “ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ”، وعندما سئل عمّا لو كان في أخيه ما أقوله، أجاب: “إنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتْهُ” [رواه الترمذي عن قتيبة عن الدراوردي، حسن صحيح]
عائشة رضي الله عنها روت: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم لأصحابه: « أي الربا أكبر عند الله؟ » فقالوا: الله ورسوله أعلم. فقال: « أكبر الربا عند الله استحلال عرض مسلم ثم قرأ: { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا } [رواه ابن أبي حاتم].