تفسير ” ألم نشرح لك صدرك “
{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)} [سورة الشرح: 1-8]
تفسير الآيات:
{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}: أي نورناه وجعلناه فسيحًا رحيبًا واسعًا والمراد به شرح صدره ليلة الإسراء، { وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ}: أي غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ}: أي أثقلك حمله، { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}: قال مجاهد: لا يذكر إلا إذا ذكر الله معه، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وقال قتادة: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، قال ابن جرير: عن أبي سعيد، عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال: «أتاني جبريل فقال: إن ربي وربك يقول: كيف رفعت ذكرك؟ قال: الله أعلم، قال: «إذا ذُكِرتُ ذُكِرتَ معي»،
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «سألت ربي مسألة وددت أني لم أكن سألته، قلت: قد كانت قبلي أنبياء، منهم من سخرت له الريح، ومنهم من يحي الموتى، قال: يا محمد، ألم أجدك يتيمًا فآويتك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أجدك ضالًا فهديتك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أجدك عائلًا فأغنيتك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أشرح لك صدرك؟ ألم أرفع لك ذكرك؟ قلت: بلى يا رب»
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “عندما انتهيت من ما أمرني الله به من أمور السماوات والأرض، قلت: يا رب، لم يكن هناك نبي قبلي إلا وقد تكرمت به، جعلت إبراهيم خليلا، وجعلت موسى كليما، وسخرت الجبال لداود، وسخرت الرياح والشياطين لسليمان، وأحييت الموتى لعيسى، فماذا جعلت لي؟ قال: أليس أعطيتك أفضل من ذلك كله؟ أنا لا أذكر إلا عندما يذكرني معه، وجعلت قلوب أمتك أنجيلا يقرؤون القرآن بوضوح، ولم أعط أمة غيرها، وأعطيتك كنزا من كنوز العرش: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم”. وقال آخرون إن الله رفع ذكره في الأولين والآخرين وأشار إليه، عندما أخذ الميثاق مع جميع الأنبياء بأن يؤمنوا به ويأمروا أممهم بالإيمان به، ثم أشار إلى ذكره في أمته بحيث لا يذكر الله إلا إذا ذكر معه. {فإن مع العسر يسرا}: أخبر الله تعالى أنه مع الصعوبة يأتي السهولة، {إن مع العسر يسرا}: يؤكد الخبر أن الصعوبة تأتي مع السهولة، قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “المعونة تنزل من السماء بقدر الحاجة، والصبر ينزل بقدر المصيبة” {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب}: أي عندما تنتهي من شؤون الحياة الدنيا وارتباطاتها، فانصب على العبادة وتفان فيها بنشاط واهتمام.