اسلامياتالقران الكريم

تفسير « وسارعوا إلى مغفرة من ربكم »

تفسير آية {وسارعوا إلىٰ مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134]، بتوضيح من فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وفيه بيان صفات المتقين، ومن هم المتقين ولماذا سميوا بذلك

جدول المحتويات

تفسير وسارعوا إلى مغفرة من ربكم

يأمر الله تعالى عباده بالمسارعة إلى ما فيه نجاتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وذلك بالعمل الذي يرضي الله جل وعلا ويقربنا لديه، للحصول على المغفرة، ودخول الجنة التي أعدها الله للمتقين، ولهذا قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}، أي سارعوا إلى أسبابها، وما جعلها الله محصلًا لها من طاعته واتباع شريعته، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} أي اعدها الله لعباده المتقين.

من هم المتقون

المتقون هم الأشخاص المتقين الذين هم أولياء الله، وهم أهل طاعته، وهم المؤمنون، وهم الصالحون، وهم عباد الرحمن، وهم الرسل وأتباعهم، وقد أطلقهم الله تعالى اسم المتقين؛ لأنهم اتقوا عذاب الله واتقوا عقابه بطاعته الجليلة، والثبات على ما يرضيه، والابتعاد عن ما ينهاهم عنه سبحانه وتعالى، لذلك سماهم المتقين، وسماهم مؤمنين، بسبب إيمانهم به وأدائهم لحقوقه، وسماهم صالحين، بسبب قيامهم بالأعمال الصالحة التي عليهم، فأصبحوا صالحين، وهم أولياء الله، وهم عباد الرحمن.

صفات المتقين

{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} يقول سماحة الشيخ هذه أربع صفات من صفات المتقين، وجماعها: أنهم اتقوا الله بفعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه، والمسارعة إلى ما يرضيه جل وعلا فصاروا بهذا متقين مستحقين لكرامته سبحانه وتعالى، ومن أعمالهم الإنفاق في السراء والضراء، أي في حال الرخاء والعافية، وفي حال الشدائد، نفقتهم دائمة ومستمرة، وما ذلك إلا لكمال إيمانهم، وكمال تقواهم.

ويكظمون الغيظ، فقد يتعرض لهم بعض الناس بما يكدرهم، ولكنهم يكظمون الغيظ، ولا ينفذون ولا ينتقمون، بل يصفحون ويعفون {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزة»، ويقول الله تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير} [البقرة: 237] فالمؤمن والمتقي لله ماله مبذول فيما يرضي الله ويقرب لديه، بمساعدة الفقراء، والاهتمام بالعلاقات الأسرية، ودعم المشاريع الخيرية، وبناء المساجد والمدارس والمعاهد التي تعود بالنفع على المسلمين وغيرهم، وعلى الرغم من ذلك، ينفعون الناس ولا يضرونهم، يؤذون ويعفون ويصلحون ويكظمون، يقول الله تبارك وتعالى: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين} [الشورى: 40].

هذه هي صفة المتقين وصفة الأخيار وصفة المحسنين، وعليه فليتنافس المتنافسون في تحقيقها، وليسارع أهل النفوس الزكية العالية إليها، وليتجنبوا الصفات المنبوذةوالأخلاق الذميمة، فهكذا يكون المؤمن رفيع الهمة ويسابق إلى كل خير، ويتجنب كل شر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى