تفسير « وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم …..»
تفسير قوله تعالى: `وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك` [البقرة: 196]، مع شرح أنواع الحج والعمرة وحكم كل نوع منهما، وتوضيح حكم إكمال بعض المناسك قبل البعض الآخر من خلال تفسير الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله.
وأتموا الحج والعمرة لله:
يوضح الله تعالى لعباده هنا أن الواجب على الحجاج والعمار إكمال الحج في الوقت الذي شرع فيه، وإكماله واجب عليهم، وهذا متفق عليه بين المسلمين أنه واجب على من يشرع في الحج سواء كان فرضا أو نفلا أن يكمله، وهكذا العمرة؛ بناء على قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله}، يوجد العديد من الأشخاص العامة الذين عند أدنى عراقيل يرفضون الالتحاق بالحج ويتجاوزون أحكام الإحرام بارتداء الملابس وتغطية الرأس ولا يستفسرون ولا يهتمون، وهذا خطأ كبير ومخالف لنص الكتاب والسنة، لذا فمن الواجب توعية الناس بهذا الأمر، ومن واجب أهل العلم والدعاة والمعلمين توجيه الناس إلى كل ما قد يكون غامضا بالنسبة لهم من الواجبات التي فرضها الله ومن الأشياء المحظورة التي حرمها الله، ومن بين تلك المسألة التي يقع فيها العديد من الأشخاص، حيث يخلعون ملابس الإحرام وينضمون إلى أهلهم ويقومون بأفعال محظورة في حالة الإحرام دون الاستفسار أو الاهتمام، وكل ذلك ينتج عن الجهل وعدم الإدراك وعدم الاهتمام بأحكام الله العز والجل.
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي:
فإن أحصر فلا بأس لأن الله تعالى قال: { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، تعنى: انحروا أو اذبحوا ما تيسر من الهدي قبل الحلق والتقصير، فإن أحصر ولم يشترط فعليه أن يهدي ويحل، فعل النبي صل الله عليه وسلم ذلك، في عام ست من الهجرة لما منعته قريش من الدخول إلى مكة، وكان قد جاء من المدينة قاصدًا العمرة ومعه ألف وأكثر من أربعمائة رجل، فلما منع وصدوه عن الدخول، نحر هديه، وحلق رأسه، وتحلل، فأنزل الله في ذلك { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}.
ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله:
في المحصر، لا يمكن للحاج حلق شعره أو تقصيره إلا بعد ذبح الهدي. وهذا الشرط ينطبق فقط على الحجاج المحصورين، وليس على الحجاج بشكل عام. ويحق للحاج أن يحلق شعره قبل ذبح الهدي، أو يحلق شعره ويرمي الجمرات، ثم يذبح الهدي، أو يذبح الهدي قبل رمي الجمرات.
أنواع الإحصار:
يأتي الإحصار على نوعين: إحصار بعدو، وإحصار بغير عدو.
– الإحصار بعدو: كما حدث في يوم الحديبية عندما صد الكفار رسول الله.
– الإحصار بغير عدو: وذلك بأن تذهب نفقته، أو يضل الطريق أو يمرض مرض يمنعه من إتمام الحج أو العمرة، وحكمه: أن ينحر ويحلق ويتحلل إلا أن يكون اشترط وحضر مانع يتحلل بدون نحر ولا حلق، لقول رسول الله صل الله عليه وسلم لضباعة: «حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني».
حكم تقديم أو تأخير الحاج بعض المناسك عن بعضها:
قال رسول الله صل الله عيه وسلم: «خذوا عني مناسككم»، وسئل عن من قدم بعضها على بعض، فقال صل الله عليه وسلم: «لا حرج»، وفي هذا الحج قال له رجل: يا رسول الله أفضت قبل أن أرمي، قال: «لا حرج»، وقال آخر: حلقت قبل أن أذبح، قال: «لا حرج»، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: فما سئل يومئذ عن شيء قدم أو أخر إلا قال: «افعل ولا حرج».