تفاصيل قانون التحرش في السعودية
قامت المملكة العربية السعودية في شهر يونيو الماضي بتطبيق قانون لمكافحة جريمة التحرش، بعد موافقة مجلس الوزراء على مواد القانون وإقراره. وجاء القانون في ثمان مواد تؤكد حرص المملكة على حماية المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة وجميع الأطراف الضعيفة في المجتمع.
لتحقيق العدالة وحماية المجتمع، وخاصة أن المجتمع تعرض لبعض حوادث التحرش التي تم تناولها في وسائل التواصل الاجتماعي، وبالإضافة إلى ذلك، تم تشديد القانون على المتحرشين وأولئك الذين يسهلون ويساعدون في تنفيذ جريمة التحرش، حيث تم تحديد عقوبة السجن لمدة لا تتجاوز خمس سنوات وغرامة لا تتجاوز 300 ألف ريال، أو إحدى هاتين العقوبتين في حالات محددة.
تعريف التحرش والهدف من القانون
وضع قانون التحرش تعريفا لجريمة فعل التحرش، وقد اتصف التعريف بالشمولية التي قصد منها حصر صور التحرش كي لا يفلت أحد مرتكبي تلك الجريمة من العقاب، فعرف القانون في مادته الأولى جريمة التحرش بأنها كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي، تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر، تمس جسده أو عرضه، أو تخدش حياءه، بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة.
ويهدف القانون حسب نص مادته الثانية إلى مكافحة جريمة التحرش والحيلولة دون وقوعها، وذلك من خلال تطبيق العقوبة على مرتكبيها وتغليظها في بعض الحالات، وذلك بقصد حماية المجني عليه وصيانة لخصوصية الأفراد وكرامتهم وحريتهم الشخصية، وهو ما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تطبق في المملكة .
وبتأكيدنا الشديد على حماية المجتمع والحفاظ عليه وتحقيق المصلحة العامة، تنص المادة الثالثة من القانون في البند الأول على أنه لا يسمح بتنازل المجني عليه أو عدم تقديم شكوى بدون حق للجهات المختصة، وذلك وفقا لأحكام نظام الإجراءات الجزائية والأنظمة الأخرى ذات الصلة.
وجهت نداء إلى جميع أفراد المجتمع للإبلاغ عن أي حالة تحرش يتم ملاحظتها إلى الجهات المختصة.
مكافحة التحرش دون التشهير بالضحية
أكد القانون على مكافحة جريمة التحرش وحماية المجتمع منها دون وقوع تشهير بالضحية، حيث الزمت الفقرة الأولى من المادة الرابعة بالقانون كل من يطلع – بحكم عمله- على معلومات عن أي من حالات التحرش، بالمحافظة على سرية هذه المعلومات، بينما منعت الفقرة الثانية من نفس المادة جواز الإفصاح عن هوية المجني عليه إلا إذا استلزمت إجراءات الاستدلال أو التحقيق أو المحاكمة.
مكافحة التحرش في بيئة العمل
ونظرا لحدوث بعض جرائم التحرش في مكان العمل، فإن المادة الخامسة من القانون تلزم القطاع الحكومي والقطاع الأهلي باتخاذ التدابير الواجبة للوقاية من التحرش ومكافحته في بيئة العمل، وضع آلية لاستقبال الشكاوى داخل المؤسسة تتضمن إجراءات التحقق من صحة الشكاوى وجدية مضمونها والحفاظ على سرية الشكاوى، بالإضافة إلى نشر تلك التدابير وتعريف أفراد المؤسسة بها.
تلزم الفقرة الثانية من هذا القانون هذه المؤسسات بمساءلة أي من موظفيها تأديبيًا في حالة مخالفتهم لأي من الأحكام المنصوص عليها في هذا النظام، وذلك وفقًا للإجراءات المتبعة، مع حق المجني عليه في تقديم شكوى أمام الجهات المختصة وفقًا للنظام.
عقوبات مغلظة
شددت المملكة عقوبات قانون التحرش، حيث يعاقب المتحرشون بالسجن لمدة لا تتجاوز سنتين، وغرامة مالية لا تتجاوز مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لأي شخص يرتكب جريمة التحرش.
وفي حال العودة إلى اقتراف الجريمة تصل العقوبة إلى السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة مالية لاتزيد على ثلاثمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وكذلك في حالة إن كان المجني عليه طفلاً، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو إن كان الجاني له سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه.
إذا وقعت الجريمة في مكان العمل أو المدرسة أو المأوى أو المسكن، أو إذا كان الجاني والمجني عليهما من نفس الجنس، أو إذا وقعت الجريمة والمجني عليه نائماً أو فاقداً للوعي، فإن ذلك يعتبر ظروفًا تزيد من خطورة الجريمة.
وفي حالة وقوع الجريمة في أي من حالات الأزمات أو الكوارث أو الحوادث.
عقوبة المساعدة على التحرش والبلاغ الكيدي
تشدد المادة السابعة من القانون على معاقبة أي شخص يحرض آخرين أو يتفق معهم أو يساعدهم بأي شكل من الأشكال على ارتكاب جريمة التحرش، وذلك بالعقوبة المقررة للجريمة ولكن لا تتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها.
يتم معاقبة أي شخص يقدم بلاغًا كيديًا عن جريمة تحرش أو يدعي بتعرضه لها بالعقوبة المقررة لتلك الجريمة.
من الجدير بالذكر أن القانون قد مر بعدة مراحل، حيث بدأت بالدراسة والتدقيق والبحث، وبعد ذلك تم إحالته من المقام السامي إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وبعد ذلك شاركت جميع الجهات ذات العلاقة في مناقشته، وبعد ذلك أحيل القانون إلى مجلس الشورى لدراسته والتصويت عليه، ثم تم رفع قرار المجلس إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وفقا لنظام المجلس.