تفاصيل بنود وثيقة مكة المكرمة
تسلم الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وثيقة مكة المكرمة التي أصدرتها رابطة العالم الإسلامي خلال المؤتمر الدولي حول قيم الوسطية والاعتدال، وقدم كلمة ترحيب قبل الموافقة على بنود الوثيقة، وفيما يلي سنوضح بعضا من كلمة العاهل السعودي حولها، بالإضافة إلى بنود الوثيقة .
خطاب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز
يسرني الترحيب بكم في هذا المجتمع الطاهر والمبارك، حيث يتم مناقشة موضوع هام يتعلق بقيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسنة، التي جاءت بالرحمة والخير للإنسانية جمعاء، ودعت إلى مكارم الأخلاق وأوضحت المنهج الإسلامي المعتدل، فنحن أمة وسط، فلا تتطرفوا ولا تغلوا.
وأطرد قائلا : نحن سعداء لرؤية علماء الأمة الإسلامية يتعاونون في توحيد آرائهم حول المسائل الهامة، وخاصةً في مواجهة أفكار التطرف والإرهاب.
أكد الملك سلمان – حفظهالله ورعاه – التزامه بمواصلة التعاون بين الدول العربية، قائلاً: “نأمل دوماً، بإذن الله، في تماسك الأمة الإسلامية واجتماع كلمة علمائها وتجاوز مخاطر التحزبات والانتماءات التي تفرق ولا تجمع.
وختم خطابه قائلاً : نحن نعتبر أنفسنا ملوكًا في هذه البلاد منذ ملك عبد العزيز الذي يُعرف باسم خادم الحرمين الشريفين، وهذا يعد شرفًا لنا جميعًا، ونحن جميعًا نعمل في بلدنا لخدمة الحرمين الشريفين، ولله الحمد .
كلمة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي
وفي هذا الصدد قام الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد عبد الكريم العيسى بالتأكيد على أن هذه الوثيقة صدرت عن أكثر من ألف شخصية من أكبر الشخصيات الدينية وثمثل أكثر من 27 مكوناً إسلامياً من مختلف المذاهب والطوائف والتي صدرت عن 137 دولة ، وأضاف قائلاً : “وقد صدرت عنهم وثيقتهم التاريخية، وثيقة مكة المكرمة، مبينة بمضامينها الضافية قيم الإسلام الرفيعة في عدد من الموضوعات والقضايا الملحة”.
بنود وثيقة مكة المكرمة
1- أجمع المسلمون في وثيقتهم التي أصدروها ـ مُمَثَّلِين في مرجعيتهم الدينية ـ أنهم جزء من هذا العالم بتفاعله الحضاري، يسعَون للتواصل مع مكوناته كافة لتحقيق صالح البشرية، وتعزيز قيمها النبيلة، وبناء جسور المحبة والوئام الإنساني، والتصدي لممارسات الظلم والصدام الحضاري وسلبيات الكراهية.
2- لا يُبْرِمُ شــأنَ الأمة الإسلامية، ويتحدَّثُ باسمها في أمرها الدينيّ، وكل ذي صلة به إلا علماؤها الراسخون في جمع كجمع مؤتمر هذه الوثيقة، وما امتازت به من بركة رحاب قبلتهم الجامعة، فالعمل الديني والإنساني المشترك الهادف لمصلحة الجميع يلزم تشارك الجميع دون إقصاء أو عنصرية أو تمييز لأتباع دين أو عرق أو لون.
3- ينتمي البشر، على الرغم من اختلاف مكوناتهم، إلى أصل واحد، وهم متساوون في إنسانيتهم، ويرفضون العبارات العنصرية والشعارات ودعاوى الاستعلاء البغيضة. فالاختلاف بين الأمم في معتقداتهم وثقافاتهم وطبائعهم وطرائق تفكيرهم هو قضاء الله البالغ الحكمة، ويجب الإقرار بهذه السنة الكونية والتعامل معها بمنطق العقل والحكمة لتحقيق الوئام والسلام الإنساني، وهذا أفضل من الصراع والعناد.
4- التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يجوز أن يكون سببا للصراع والتصادم، بل يجب أن يؤدي إلى إقامة شراكة حضارية إيجابية وتواصل فاعل يجعل من التنوع جسرا للحوار والتفاهم والتعاون لصالح الجميع، ويعزز التنافس في خدمة الإنسان وسعادته، والبحث عن المصالح المشتركة والاستفادة منها في بناء دولة المواطنة الشاملة التي تستند إلى القيم والعدل والحقوق المشروعة، وتعزيز احترام التعددية القانونية ومحبة الخير للجميع، مع احترام التنوع في الشرائع والمناهج، ورفض ربط الدين بالممارسات السياسية الخاطئة لأي فرد ينتمي إليه.
5- دعوة للحوار الحضاري كوسيلة أفضل للتواصل المتساوي مع الآخر، واكتشاف ما يجمعنا معه، وتجاوز الصعوبات في التعايش، والتغلب على المشكلات ذات الصلة، بالإضافة إلى تجاوز التحاملات التاريخية المحملة بالكراهية ونظرية المؤامرة، وعدم تعميم السلوكيات المنحرفة، مع تأكيد أن مسؤولية التاريخ تقع على أصحابه، وأن الأديان والفلسفات بريئة من تجاوزات أتباعها ومدعيها.
تطالب بتشديد التشريعات التي تعاقب المروجين للكراهية والمحرضين على العنف والإرهاب والتصادم الثقافي، وتؤكد أن ذلك سيساعد في التخلص من أسباب الصراع الديني والعرقي. كما تدين الهجمات على أماكن العبادة، وتعتبرها أعمالا إجرامية تتطلب استجابة حازمة من قبل التشريعات وضمانات سياسية وأمنية قوية، بالإضافة إلى مكافحة الأفكار المتطرفة التي تحث على ذلك.
7- يتمثل دورنا في محاربة الإرهاب والظلم والقهر، ورفض استغلال مقدرات الشعوب وانتهاك حقوق الإنسان، ونشدد على أن هذا الواجب ينبغي على الجميع الالتزام به دون تمييز أو تحيز، ويجب الحفاظ على الطبيعة التي خلقها الخالق العظيم للإنسان. فالاعتداء على موارد الطبيعة وإهدارها وتلويثها يشكل انتهاكا للحقوق، ويعتبر إهانة لحقوق الأجيال القادمة.
8- يتمثل أحد جوانب العزلة والتفرد في اعتبار الصراع الحضاري والترويج للصدام والتخويف من الآخر كنتيجة للتمييز العنصري والهيمنة الثقافية السلبية. يؤدي التركيز الشديد على الذات إلى تعزيز الكراهية وتحفيز العداء بين الأمم والشعوب، مما يعرقل تحقيق التعايش المشترك والاندماج الوطني الإيجابي، خاصة في البلدان المتنوعة من الناحية الدينية والعرقية. علاوة على ذلك، فإنه يعتبر أحد المكونات الرئيسية لتعزيز العنف والتطرف.
ظاهرة الإسلاموفوبيا هي نتيجة عدم المعرفة الحقيقية بالإسلام وإبداعاته الحضارية وأهدافه السامية، والتعرف الحقيقي على الإسلام يتطلب رؤية موضوعية تتخلص من الأفكار المسبقة وفهمه بتدبر أصوله ومبادئه، وليس بالتشبث بالخروجات التي يرتكبها المنتحلون باسمه والمخاطر التي يزورونها في شرائعه.
التدخل في شؤون الدول مهما كانت الذرائع المحمودة مرفوضًا، وخاصة استخدام أساليب الهيمنة السياسية لتحقيق مصالح اقتصادية وغيرها، وتسويق الأفكار الطائفية، ومحاولة فرض الفتاوى على ظروف الدول وأحوالها وعاداتها الخاصة، ما لم يكن لها موافقة رسمية للمصلحة العامة.
11- تمت الموافقة على مبادئ تمكين المرأة المشروعة ورفض تهميش دورها، أو امتهان كرامتها، أو التقليل من شأنها، أو عرقلة فرصها في الشؤون الدينية أو العلمية أو السياسية أو الاجتماعية أو غيرها، وتعيينها في المراتب المستحقة دون أي تمييز. وتضمن ذلك المساواة في الأجور والفرص، بالإضافة إلى الاهتمام بصحة الطفل وتربيته وتعليمه، وتعزيز هوية الشباب المسلم من خلال ركائزها الخمسة: الدين والوطن والثقافة والتاريخ واللغة، وحمايتهم من محاولات الاستبعاد أو الاندماج القسري وغير المرغوب فيه.