تغير الشخصية بعد تعلم لغة جديدة
يمكن الحصول على شخصية جديدة عندما يتعلم الشخص لغة جديدة، ويمكن لأي شخص يبدأ في تعلم لغة جديدة أن يفهم هذا المعنى، ولكن هذا ليس مجرد إحساس؛ إذ تشير الأبحاث إلى أن الشخصية يمكن أن تتغير بناء على اللغة التي يتحدث بها الأشخاص.
في الواقع، تشير الأبحاث إلى أن تصوراتنا للثقافة المرتبطة بلغة معينة يمكن أن تؤثر على سلوكنا. هناك دراسة أجريت على متحدثين بلغات مختلفة لكتابة عن شخصياتهم، وتبين أن المشاركين المكسيكيين الأمريكيين أثناء الكتابة باللغة الإسبانية تحدثوا عن أنفسهم فيما يتعلق بأسرهم وعلاقاتهم وهواياتهم. أما في اللغة الإنجليزية، تحدثوا عن إنجازاتهم الأكاديمية والأنشطة اليومية.
يرجع الباحثون التغييرات في الشخصية والتركيز المختلف على القيم إلى الطريقة التي يتعامل بها اللغة مع السلوك.
تغير اللغة والثقافة
لا يمكن فصل اللغة عن القيم الثقافية المرتبطة بها. يمكن رؤية ثقافة الشخص من خلال اللغة التي يتحدثها، ويكون هذا التأثير واضحًا جدًا عند الأشخاص الذين يتحدثون بعدة لغات، حيث يمتلكون أسسًا قوية في ثقافات متعددة.
من الممكن أن تتغير رؤية الشخص عن نفسه بعد مشاهدة ردود فعل الآخرين عندما يتحدثون بلغة مختلفة. الهوية هي الإحساس بالنفس، ولكنها أيضا كيف يشعر الشخص بأن الآخرين ينظرون إليه وكيف يؤثر ذلك على إسقاط هويته. يمكن أن يشعر الشخص بالثقة الكبيرة عند إلقاء خطاب بلغته الأصلية أمام حشد كبير من الناس، ثم يشعر بأنه شخص غير مهم في اجتماع حيث يتحدث المشاركون بلغة غريبة.
عندما يتحدث شخص مع آخر، يدخل في مفاوضات هويته، من هو هذا الشخص؟ ومن أين جاء؟ وكيف يرى الشخص الآخر؟ لذا، عندما يقول شخص ما إن شخصيته تتغير، فذلك لأن شخصيته تتغير بالانخراط مع الآخرين.
أبعاد تعلم لغة جديدة
يمكن أيضا أن يكون تعلم لغة جديدة مفيدا للإحساس بالذات في هذه اللغة. بعبارة أوضح، إذا حاول الشخص التحدث بالمندرين في الصين، فيمكنه أن يستفيد من العديد من الملاحظات خلال تلك الفترة وسيتم تضمينها في إحساسه بالهوية كمتحدث للماندرين. أما إذا حاول الشخص تعلم لغة الماندرين في فصل دراسي في بلده الأصلي، فمن الممكن أن يجمع ما تعلمه من اللغة مع معتقدات المعلم وروابطه بالثقافة الصينية، حتى لو استندت هذه المعتقدات إلى الصور النمطية.
إذا تعلمت لغة دون أي سياق ثقافي أو حضاري، فقد لا تكون التأثيرات كبيرة جدًا. على سبيل المثال، إذا كنت تتعلم اللغة لأغراض عملية مثل ملء النماذج والأوراق أو ترجمة النصوص، فلن يؤثر ذلك بشكل كبير على شخصيتك.
بالنسبة للأشخاص الذين يتعلمون لغة مرتبطة بثقافة يعجبون بها، فهذا سبب كبير وكاف للانخراط فيها والتعمق فيها. سواء كان ذلك يتطلب القيام برحلة سفر معينة أو مشاهدة الأفلام باللغة الأصلية، أو العثور على شخص يتحدث اللغة الأصلية يمكنه تعليمنا عن عادات بلده وتقاليده أو أشياء أخرى، عندما نتعلم لغة جديدة، فإننا لا نحفظ فقط الكلمات الجديدة والقواعد اللغوية، بل هذه فرصة لاكتشاف جوانب جديدة في ذواتنا
لغة جديدة تخلق روح جديدة
– يشير هذا الرقم إلى أن العديد من المتحدثين بأكثر من لغة يتحدثون بطريقة مختلفة في كل لغة يتحدثونها. وما يُنظر إليه على أنه تغيير في الشخصية هو على الأرجح ببساطة تحول في المواقف والسلوكيات التي تتوافق مع التحول في الموقف أو السياق، بغض النظر عن اللغة.
في الأساس، كان أصحاب الثنائية اللغوية والثقافية في هذه الدراسات يتصرفون بشكل ثنائي، أي يتكيفون مع السياق الذي يحيط بهم. يستخدم المتحدثون بلغتين اللغة لأغراض مختلفة ومع أشخاص مختلفين. السياقات والمجالات المختلفة تتطلب انطباعات وعادات وسلوكيات متنوعة. تتغير الشخصية عندما يتعلم الشخص لغة جديدة ولا يتعلق ذلك باللغة نفسها فقط بل بأمور أخرى كثيرة.
يختلف تصرف الأشخاص وسلوكياتهم عند التحدث مع أشخاص مختلفين وذوي سلطة أكبر، مثل مدير المدرسة، القس أو المدير في العمل، ويتغير أحيانًا سلوكياتهم وطريقة تعاملهم رغم أن اللغة هي نفسها.
يبدو أن الأمر نفسه صحيح بالنسبة للأشخاص الذين يتحدثون لغات مختلفة، ففي بيئة وثقافة ومع محاورين مختلفين يمكن أن تختلف السلوكيات والمشاعر والمواقف، لذا لا يوجد رابط في هذه الحالة بين اللغة والشخصية ولا يوجد علاقة سببية واضحة تربط بينهما.
تغيير الشخصية بعد تعلم لغة جديدة
يمكن أن يبدو تغيير الشخصية أمرا مستحيلا، الأبحاث تظهر أن سمات الشخصية الخمس وهي الانفتاح، الاجتماعية والضمير والتوافق والعصبية هي أمور موروثة وحوالي 40 إلى 50 بالمئة منها تأتي من الجينات. إذا الشخصيات تكون ثابتة إلى حد ما، ولكنها يمكن أن تتغير مع الوقت، وهناك العديد من الأبحاث التي أظهرت ذلك.
تؤثر الشخصية بشكل كبير على صحتنا الجسدية والعقلية وعلى ما يمكن تحقيقه في حياتنا وعلاقاتنا. إذا كان بإمكان الأشخاص تغيير نمط شخصيتهم، فقد يؤدي ذلك إلى حياة أفضل وأكثر صحة. نصف المشاركين في الدراسة أرادوا تغيير ردود أفعالهم العصبية واستجابتهم العاطفية عندما يواجهون أحداثا، وربعهم أرادوا تغيير ضميرهم. الانفتاح كان سمة قليلة العدد من الأشخاص على استعداد لتغييرها.
تشير الشخصية إلى الاختلافات الفردية في أنماط التفكير والشعور والتصرف، ولذلك فإن تغيير الشخصية لا يعني بالضرورة تغيير الشفرة الجينية، بل يتعلق بتغيير تلك الأنماط العقلية. ومع ذلك، لم يكن يعتقد دائمًا أن هذه التغييرات ممكنة.
الخروج من منطقة الراحة
يعتقد سيغموند فرويد أن شخصيتنا تكتمل تماما في سن الخامسة، لذا فإن الشخص الذي كنا عليه في رياض الأطفال هو نفس الشخص الذي سنكون عليه في فترة التقاعد. تقريبا في نفس الوقت، قد اقترح أحد علماء النفس فرضية الجص التي تشير إلى أن الشخصية تكون قد أصبحت صلبة مثل التمثال بحلول سن الثلاثين، ولا يمكن تغييرها بعدها بأي شكل.
ومع ذلك، في الوقت الحالي، هذه النظرية غير صحيحة. عندما ننمو ونكبر، نتغير جميعا بطرق قابلة للتنبؤ وتعتبر استجابات طبيعية لأحداث الحياة مثل العمل والالتحاق بالكلية وإنجاب الأطفال. وهذا يجعلنا عادة أكثر وعيا وقبولا وأقل عصبية. وقد وجدت دراسة طويلة الأجل أن أكبر التغييرات في الشخصية تحدث منذ الطفولة وحتى العشرينيات. بعد ذلك، لا يزال التغيير ممكنا، ولكنه يتطلب المزيد من الجهد ويحدث ببطء أكبر. المفتاح هو تحدي نفسك باستمرار والخروج من منطقة الراحة الشخصية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى النمو وتعلم لغات جديدة، مما يزيد من الانفتاح ويؤدي بدوره إلى تغيير الشخصية
تغيير اللغة للتفكير بطريقة مختلفة
عندما يحاول الشخص تعلم لغة جديدة في أحد الفصول الدراسية، يمكنه تحقيق شيء محدد، ولكن عندما ينغمس في الثقافة، يستطيع أن يفكر بطريقة مختلفة تمامًا.
تعلم لغة أخرى يمنح الشركات فرصة لمعرفة الأشخاص الذين يتعاملون معهم، هذا يمكن أن يؤدي بدوره إلى تحسين العلاقات وبالتالي تحسين العمل، لذا يجب على كل شخص أن يأخذ من وقته القليل لتعلم لغة جديدة. وإذا أراد الشخص تفيزا للقيام بعملية التعلم فيمكن أن يأخذ بعين الاعتبار العامل الدولي، الفوائد التي يتم جنيها ليس فقط القدرة على التحدث بلغة بلد آخر، إنما هذا يمنح الشخص الفرصة لمعرفة كيف يفكر الناس وما هي قيمهم وهذا يزودنا بتجربة مميزة في الحياة