تعريف علم النحو ومدارسه وسبب تسميته
يعد علم النحو أحد أهم العلوم المرتبطة باللغة العربية الفصحى، إن لم يكن الأهم على الإطلاق، حيث تتمثل وظيفته في دراسة وتحليل تركيب الجملة وتنظيمها بحيث تعبر عن معنى صحيح دون أخطاء ولا تشويش، كما يقوم علم النحو بتحديد أساليب تكوين الجمل ومواضع الكلمات وتنظيمها بطريقة تساعد على اكتساب الكلمات للخصائص النحوية المناسبة.
سبب تسمية علم النحو بهذا الاسم : –
هناك قصتان مشهورتان في هذا الشأن يستشهد بهما معظم العرب وأهل اللغة باعتبارهما مبررات لاختيار كلمة `النحو` لهذا العلم
القصة الأولى:
يُحْكَى أن ” أبا الأسود الدؤلي” كان يسير فى الطريق فإذا به يمر برجل يقرأ القرآن ويقول : «إن الله بريء من المشركين ورسوله» كان الرجل يقرأ (رسولهِ) مجرورة وبهذا تكون معطوفة على (المشركين) أي أن الله يكره المشركين ويكره الرسول !!
وبالتالي، قراءة هذه الآية تغير المعنى المقصود؛ والصحيح هو أن يقول (رسوله) مرفوعة لأنها مبتدأ لجملة محذوفة وتقديرها (ورسوله كذلك بريء). ذهب أبو الأسود إلى علي رضي الله عنه وشرح له وجهة نظره بأن اللغة العربية في خطر. فقام علي رضي الله عنه بأخذ قطعة من الورق وكتب عليها: بسم الله الرحمن الرحيم.. الكلام يحتوي على اسم وفعل وحرف. الاسم يشير إلى المسمى، والفعل يشير إلى حركة المسمى، والحرف يشير إلى ما ليس اسما ولا فعلا.
ثم قال علي لأبي الأسود: وفقًا لتوجيه، ينح في هذا النحو، ولذلك يسمى بعلم النحو.
القصة الثانية
تفيد بأنه كانت هناك جارية ل علي بن أبى طالب رضي الله عنه، سمعها يومًا تقول (ما أجملُ السماء؟) قالتها بصيغة الاستفهام، لكنها كانت تقصد أن تقول: (ما أجملَ السماء!) أي بصيغة التعجب فرد عليها وقال: (نجومها!) وفيما بعد أتاه “أبو الأسود الدؤلي” وكان يقرأ رقعة فقال له: ما هذه؟ قال علي: إني تأملت كلام العرب، فوجدته قد فسد بمخالطة هذه الحمراء يعني الأعاجم، فأردت أن أصنع شيئا يرجعون إليه، ويعتمدون عليه. ثم قال لأبي الأسود: انح هذا النحو.. وبهذا تم تسميته بعلم النحو.
المدارس النحوية
هناك ثلاث مدارس نحوية نشأت في العربية القديمة ولا تزال لها تأثير كبير في الحفاظ على اللغة وقواعدها وأصولها من البوار، وساهمت في نقلها للأجيال المتعاقبة، وتلك المدارس هي
1- المدرسة النحوية الكوفية : تم وضع هذه المدرسة في مدينة الكوفة بالعراق في عصر الدولة العباسية وكانت تحت إدارة شخص يدعى `الكسائي`.
2- المدرسة النحوية البصرية : تأسست تلك المدرسة في مدينة البصرة بالعراق في العصر العباسي، وكانت تهتم بتطوير علم “الخليل بن أحمد” الذي اهتم “سيبويه“، ذو الأصل الفارسي، بالتعاون مع أحد النحويين في إحيائه؛ وبذلك أسسوا أول مدرسة نحوية، كانت برئاسة “سيبويه” نفسه في بداية تأسيسها.
ويجب أن نذكر أنه في تلك الفترة، تعرضت المدرستان الكوفية والبصرية للعديد من النزاعات، حيث رفض كل منهما توجهات الآخر وعدم الاعتراف بعلومه في معظم قواعد النحو الأساسية والفرعية. ونتيجة لذلك، حدث تنافس تاريخي بين المدرستين، حيث اعتمد علم النحو فيهما على الفلسفة وعلم المنطق. وتدهورت حالة النحو بسبب سهولة تبرير أي خطأ في اللغة بناء على هذا الأساس. ومع مرور الوقت، بدأ علم المدرسة الكوفية في التلاشي بعد أن لجأ الجمهور إلى اتباع أحكام وقواعد المدرسة البصرية وأفكارها، بسبب سهولتها ومنطقيتها. وذلك لأن معظم ما ورد في المدرسة الكوفية كان يهدف لمخالفة المدرسة البصرية وفقا لما ورد بها.
3- المدرسة النحوية البغدادية : أسس بعض النحاة تلك المدرسة، والتي لم يعجبهم الخلاف بين المدرستين الكوفية والبصرية فيما يخص النحو، حيث اعتبروا أنهم ابتعدوا عن جوهره وأدخلوه في متاهات لا داعي لها. وهذا دفعهم إلى التوسط بأفكارهم بين الفريقين، حتى تم اقتراح المذهب البصري كمذهب متبع في تفسير الظواهر النحوية الأساسية التي يحتاجها الطلاب والمتعلمون وعامة الناس.